«المعارضات» إلى جنيف بلا أوراق
تعود المعارضات إلى جنيف الخميس للمشاركة في جولة جديدة من المحادثات مع الحكومة السورية بعد خسائر ميدانية منيت بها خلال الأشهر الأخيرة أبرزها في مدينة حلب، وفي ظل تقارب جديد بين تركيا الداعمة لها وروسيا، أبرز داعمي الحكومة السورية.
وتعود المعارضة إلى جنيف هذه المرة بموقف أضعف، وفق ما قال الباحث في مؤسسة «سنتشري» للأبحاث أرون لوند.
واستطرد لوند شارحاً، وفق ما نقلت وكالة «أ ف ب» للأنباء: «بعد خسارة شرق مدينة حلب ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وسيطرة الجهاديين على أغلبية مناطق الفصائل المعارضة ودخول تركيا في محادثات مع روسيا، فإن المعارضة عالقة اليوم من دون أوراق قوة لطرحها» على طاولة المحادثات. ورأى مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس كريم بيطار، أن المعارضة «خسرت هامش المناورة لديها» في المحادثات.
وشكلت خسارة مدينة حلب في كانون الأول الماضي ضربة ميدانية ومعنوية للمعارضة، هي الأكبر منذ الأزمة السورية في العام 2011.
وبالنسبة لحجم الخسارة للأرض التي منيت بها التنظيمات المسلحة نقلت «أ ف ب» عن الباحث في الجغرافيا السورية في معهد واشنطن فابريس بالانش أن التنظيمات المسلحة والإسلامية ومعها جبهة النصرة تسيطر حالياً على 13 في المئة من مساحة سورية، في حين كانت تسيطر على 20 في المئة في العام 2015. في المقابل يسيطر الجيش العربي السوري وحلفاؤه حالياً على نحو 34 في المئة من الأراضي السورية حيث يعيش عشرة ملايين نسمة، وفق بالانش.
هذا وتعددت التنظيمات المسلحة، وأغلبيتها ذات طابع إسلامي، منذ سنوات وفشلت محاولات عدة في توحيد صفوفها. وشهد شمال غرب سورية مؤخراً اقتتالاً داخلياً بينها، تحول في بعض الأحيان إلى معارك غير مسبوقة تقودها كل من «حركة أحرار الشام الإسلامية» من جهة و«النصرة» من جهة ثانية بعد تحالف وثيق بينهما منذ العام 2015.
ورأى لوند أن هذا الاقتتال الداخلي «يقلص من مصداقية وفد المعارضة» إلى جنيف كما أنه «يصرف النظر عن جوهر المحادثات».
وأضاف: «سيكون على المفاوضين المعارضين أن يبقوا أعينهم على الداخل لمراقبة كيفية تفاعل الفصائل المتشددة البارزة في سورية مع أدائهم في جنيف. وهذا ليس أمراً مساعداً».
وانطلاقاً من تقدم قوات الجيش العربي السوري ميدانياً ومن الزخم الذي تستحوذه محادثات أستانا، من الصعب أن تنجح المعارضة في تحقيق مكاسب كبرى على طاولة جنيف وفق «أ ف ب».
واستضافت أستانا الأسبوع الماضي جولة ثانية من اجتماعات السلام السورية برعاية روسيا وإيران، وتركيا. وكان على جدول أعمالها بند رئيسي يتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار الساري منذ نهاية كانون الأول الماضي في سورية رغم تعرضه لانتهاكات.
وقال بيطار: «نظرياً، تحظى العملية الدبلوماسية برعاية الأمم المتحدة في جنيف بشرعية أكثر من أستانا التي تهدد بتحويل سورية إلى محمية – منطقة نفوذ (كوندومينيوم) تركية روسية».
وأضاف: «لكن في هذين المسارين للمحادثات يبقى العائق الرئيسي ذاته، فـ(الرئيس بشار) الأسد يشعر بشجاعة أكبر نتيجة الأحداث الأخيرة ومن غير المرجح أن يقدم أي تنازلات مهمة».
وتصر المعارضة على مطالبها المعتادة وعلى رأسها «رحيل» الرئيس بشار الأسد في بداية المرحلة الانتقالية وإمكانية الوصول إلى المناطق المحاصرة ووقف القصف. لكن لوند شكك في إمكانية التوصل إلى اتفاق حول «مرحلة انتقالية» في جنيف. وقال: «برأيي، فإن أي محادثات عن انتقال جذري بعيداً عن النظام الحالي سيكون دائماً مصيرها الفشل».
تم استثناء تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين، من مفاوضات السلام حول سورية وكافة اتفاقات وقف إطلاق النار.
وطالب رئيس وفد الحكومة السورية إلى جنيف وأستانا بشار الجعفري بأن تلتزم التنظيمات المسلحة المشاركة في المفاوضات بـ«محاربة الإرهاب» إلى جانب الجيش السوري.
ورأى بيطار أنه «بالنظر إلى ميزان القوى حالياً، من المرجح أن تكون مساهمة الميليشيات المسلحة في قتال تنظيم داعش رمزية بأحسن الأحوال، حتى وإن انفتحت بعض الأطراف على المشاركة في جنيف على فكرة جهود مشتركة» لمحاربته.
وكالات
إضافة تعليق جديد