«شركاء يتقاسمون الخراب» في سوق الخجا

09-03-2008

«شركاء يتقاسمون الخراب» في سوق الخجا

يسافر ابراهيم وهبة إلى بلغاريا بعد انتهاء حرب الخليج الأولى بقليل، وهناك يضع حياته – درامياً – في تصرف الكاتب محمد ماشطة الذي جعل منه شخصية محورية لمسلسله «شركاء يتقاسمون الخراب». ينتهي هذا العمل مع سقوط مدينة بغداد في الحرب الثانية عام 2003، وهناك يفارق وهبة الحياة كمداً وغيظاً، بعد ان يصاب بتقلص عضلي قلبي قاتل.

المسلسل هو الثالث في جعبة المخرج السوري محمد رجب الذي آثر أن يهجر الأدب العربي ومشاغله (يحمل درجة الدكتوراه في هذا الأدب) ليتفرغ نهائياً للإخراج التلفزيوني، بعدما عمل مساعداً للمخرج نجدت أنزور طوال عقد ونيف.

وخلال تصوير رجب مسلسله الجديد في منطقة سوق الخجا الدمشقية كانت لنا دردشة معه حول جديده وهوية الشركاء الذين سيتقاسمون الخراب في مسلسله. يقول: «إنهم أنا وأنت، وكل من نراهم في حياتنا اليومية من شرائح المجتمع، هم مجموعة من الشخوص عاشت فترة من الزمن بين عامي 1995 و2003 عام سقوط بغداد الموجع والمدوي في آن. وهؤلاء الأشخاص هم عبارة عن تراكمات من الهزائم التي عاشتها مجتمعاتنا في الخمسين سنة الماضية، وهي لم تكن سوى عبارة عن هزائم فردية وجماعية تشكلت من خلال شخوص مهزومين في أعماقهم، وسنراهم في قمة الفرح حزينين، وفي قمة السعادة منكسرين».

ويضيف: «نحن نستعرض من خلال هذا العالم حيواتهم، وأحلامهم المنكسرة ومشاريعهم المحبطة قسرا بفعل الظرف المحيط مهما تعددت أشكاله وأدواته. وسواء أكان الظرف اجتماعياً أم مالياً ام أخلاقياً، سنصل إلى نتيجة في النهاية تقول إن علينا تجاوز هزائمنا والتطلع إلى الانتصارات الفردية داخل كل واحد منا». أي – يتساءل المخرج السوري – «هل نتّبع الطريقة الماكيافيلية أم نبقى على ثوابتنا ومبادئنا وأخلاقنا؟ بمعنى آخر، هل المبادئ والقيم والأخلاق تحقق الطموحات وتوصل الـفرد إلى أهـدافه وأحـلامه أم ان لغة الــعقل والانتهازية هي من سيكــون لها الفصل في الوصول إلى هــذه الأهــداف والــتطلعات؟».

وعن الصورة القاتمة التي يرسمها محمد رجب في مقاربته لفكي الكماشة يقول: «أعتقد بأن داخل كل إنسان مخزوناً يكفي لمجموعة كبيرة من المسلسلات. أنا عموماً ضد المسلسل الترفيهي لمجرد الترفيه، فإذا ما أردنا أن نقدم مادة فيها المتعة، علينا أيضاً أن نقدمها من خلالها ما يحرض المشاهد ويحفزه ويلامس مشاعره وأحاسيسه وجراحه ومشكلاته اليومية أيضاً. من هنا فموضوع عملنا يلامس كل فرد من أفراد المجتمع. من البائع الجوال الى الأستاذ الجامعي. هي نظرية قد يعيش البائع الجوال على إيقاعها من دون أن يدري».

ورداً على سؤال عما إذا كان حديثه يعني في شكل من الأشكال تعويماً تلفزيونياً للحال التي يعمل عليها، يقول: «الحياة التي نعيشها في شكل يومي زاخرة بالمفاجآت التلفزيونية. ثم نحن لا نريد في عملنا ان نشرح الهزائم بمقدار ما نرمي إلى بعض الاضاءات التي ستكون كافية ليعي المشاهد ما يريد أن نقول». فهل المواطن العربي الذي تحده الكثير من الهزائم الحياتية اليومية، يهتم بنوع آخر من الهزائم التي تُقص عليه عبر الشاشة الصغيرة؟ يجيب: «أعتقد بأن تشتيت ذهن المشاهد وعرض مجموعة من البرامج الترفيهية عليه مثل الكليبات الخلاعية وبرامج العري التي تبث على الهواء مباشرة فيهما اجحاف بحقه وتسخيف لذهنيته والهاء له عما يجب أن يفكر فيه. فمن واجبنا أيضا أن نسعى للحصول على ما من شأنه أن يبعد هذه «الأمراض» ولو لساعة من الوقت».

وحول فرضية أنه يستخدم الواسطة الفنية ذاتها التي يستخدمها أصحاب البرامج التي ينتقدها، يقول: «ربما من استطاع أن يشطر الذرة نظرياً لم يكن يدري أنه يضع الأسس لصناعة أخطر سلاح في تاريخ البشرية. وهو لم يكن يدرك – ربما – أن من سيستخدم نظريته من بعده سيكون بوسعه استغلال هذا العلم الرفيع للتفكير ولو نظرياً بتدمير الأرض عشرات المرات. وأعتقد بأن من اخترع جهاز التلفزيون ربما لم يكن يفكر يوماً بأنهم سيستخدمونه لتخريب العقول والنفوس ولنشر الأوبئة بين أجيال الشباب. وكما يستخدم الدواء للمصلحة البشرية في معالجة الأمراض، فإن التلفزيون يجب أن يكون لمصلحة المشاهد وليس ضده».

وينفي رجب فكرة أنه يتحدث عن رغبات فكرية وفنية قد لا تتناسب مع رغبات المنتجين، ويقول:» هناك منتجون يحملون هموماً فنية وفكرية وانسانية ويعملون للتلفزيون، وهم ليسوا جميعهم تجاراً يسعون وراء الربح. هناك شريحة تسعى وراء تقديم أعمال فنية راقية في الشكل والمضمون، والأمر ذاته ينطبق على محطات فضائية تسعى وراء النوعية أكثر من سعيها وراء الربح والاسفاف».

يذكر ان «شركاء يتقاسمون الخراب» من انتاج شركة «الهاني» وتمثيل نخبة من نجوم الدراما السورية مثل أسعد فضة وخالد تاجا وقصي خولي ومكسيم خليل وسليم صبري وميلاد يوسف ونبيلة النابلسي ونادين سلامة وفاديا خطاب وعبد الهادي الصباغ وليلى سمور وسلاف معمار وتولين البكري، بمشاركة خاصة من النجمين اللبنانيين انطوان كرباج وبيار داغر.

فجر يعقوب

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...