أردوغان و أوباما و الشك المتبادل....
الجمل- *فينيان كانينغهام- ترجمة: رندة القاسم:
الأزمة الانسانيه التي تضرب مدينة عين العرب السوريه الشماليه واضحة تماما، و هي تعود بشكل كبير الى كون الولايات المتحدة و تركيا متورطتين بلعبة القط و الفأر بشأن التكتيكات المتعلقة بتغيير النظام في سوريه.
فبالنسبه لكل من الولايات المتحده و تركيا لا تتعلق المسأله بالمعاناة الانسانيه أو بهزيمة مجموعة داعش الارهابيه. و كيف لهذا أن يكون بينما الدولتان تدعمان سرا مرتزقة داعش و آخرين في انزال المعاناة الرهيبة بالشعب السوري خلال السنوات الثلاث الماضيه؟؟
كلا، فالأمر يتعلق بكون واشنطن تحاول حاليا توريط تركيا لوضع الخدم المناسبين على الأرض السوريه، و بنفس الوقت كبح أنقره عن القيام بتدخل يبدو هجوما كاملا على الحكومة السوريه.بكلمة أخرى، الولايات المتحدة تعمل على اطلاق كلب هجومها التركي.
سكان عين العرب ، و معظمهم أكراد، يواجهون هجوم داعش منذ أربعة اسابيع ، بينما يبدو أن واشنطن و تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان، تبددان وقتا و أرواحا ثمينة في الخلاف حول كيفية عمل التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحده الأميركية.
و الضربات الجوية بقيادة الولايات المتحده ، و المفترض أنها للتخلص من الدولة الاسلامية شمال سوريه، فشلت بامتياز في القيام بذلك، رغم حوالي أسبوعين من القصف. و بنفس الوقت، و بينما الأكراد يقومون بوقفة أخيرة يائسة ضد تقدم ميليشيات داعش، يجلس الجيش التركي بكسل في دبابات عبر الحدود ، و حرفيا يراقبون المعركة بمناظير مقربه.
هذا المشهد المريع في وجه الأزمة الانسانيه يشير الى الطبيعة المخادعة للتحالف ذي القيادة الأميركية الذي قيل أنه ضد داعش. فالولايات المتحده و شركاؤها العرب ، بقيادة المملكة العربية السعودية المستبده، قد استخدمت مئات الصورايخ و أسلحة أخرى شمال سوريه، و مع ذلك لا تزال "شبكة الموت" في داعش ، كما وصفها الرئيس أوباما ، بكامل قوتها.
على بعد كيلومترين فقط من عين العرب، تمنع الدبابات و الجنود الأتراك الأكراد في تركيا من عبور الحدود للمساعدة في الدفاع عن أبناء عرقهم في الجانب السوري.و بنفس الوقت، كشفت الادارة الأميركية أن وزير الخارجية جون كيري يقوم بمحادثات فعاله مع أردوغان و رئيس الوزراء داوود أوغلو لتحديد الدور الذي ينبغي على تركيا القيام به في التحالف ذي القيادة الأميركية.و قد أرسل البيت الأبيض مبعوثه ، الجنرال ذا النجوم الأربع جون ألين، الى أنقره لانجاز الصفقة.
الشيء الواضح أن الجدال بين الولايات المتحده و تركيا واحد من التكتيكات المتعلقة بهدف تغيير النظام في سوريه.و قد اتحدت كل من واشنطن و أنقره في غايتهما النهائية و هي اسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد، و السؤال يتعلق بكيفية البدء بالأمر.
برلمان أردوغان صوت قبل أسبوع لنشر جنود أتراك في سوريه، و لكن أنقره مقيده بانتظار التأكيد من واشنطن على أن أي حركة عسكريه من قبل تركيا ضد دمشق ستكون مترافقة مع التزام كامل من قبل الولايات المتحدة الأميركيه. و قال الرئيس التركي قبل التصويت: "نحن منفتحون و جاهزون لأي تعاون في المعركة ضد الارهاب. و لكن، يجب أن يفهم الجميع أن تركيا ليست دولة تتبع الحلول المؤقته و لا هي التي تسمح للآخرين باستغلالها..سنستمر باعطاء الأولويه لهدفنا و هو ازالة النظام السوري".
هذه الكلمات تدل على أن اردوغان و حزبه الحاكم يخشون من أنهم في حال تأخروا في ارسال الدبابات و الجنود المشاة الى سوريه، فربما تتركهم الولايات المتحدة دون مساعده بعدم الانتقال بشكل كامل الى الحرب الشاملة التالية ضد الأسد.
من جهتها ، تملك الولايات المتحده الهواجس التاليه: فواشنطن لا تريد أن تكشف عن هدفها بتغيير النظام علنا أو بالسرعة التي تريدها تركيا. و اذا تحول التدخل التركي في الشمال السوري الى هجوم واضح على دمشق ، عندها سيتم فضح حقيقة أن التحالف بقيادة الولايات المتحده هو خدعة مجرمة لتغيير النظام تحت قناع محاربة داعش الارهابيه. بكلمة أخرى، أردوغان و العثمانييون الجدد الطائشون يتصرفون بتهور أكبر مما تريده واشنطن.
و لهذا السبب بدت ادراة أوباما مؤخرا محبطة من أردوغان، فالأميركيون يريدون من الأتراك توفير الجنود المشاة لعملية قوتها الجوية في سوريه، و لكن يجب أن يكون التكتيك ضمن لياقة العلاقات العامة الكافيه، بحيث لا يبدو العمل عدوان كريه لتغيير النظام.
و ذكرت New York Times على لسان مسؤول في ادارة أوباما: "بعد كل الاستفاضة بالحديث عن الكارثة الانسانيه في سوريه، يوجد من (تركيا) يخترع الأسباب لا لأجل العمل على تفادي كارثة أخرى. هذه ليست طريقة تصرف حليف الناتو بينما الجحيم تتلقى حجارة تقذف من حدوده".
كما و ذكرت New York Times أن الموقف التركي" عمق التوتر مع الرئيس أوباما ، الذي كان يود لو اتخذت تركيا موقفا أقوى ضد الدولة الاسلامية و أن تترك القتال ضد الرئيس الأسد خارج الموضوع".و الذي أرادت قوله الصحيفة هو أن الرئيس أوباما يريد تأجيل القتال ضد الرئيس الأسد الى وقت لاحق.
أردوغان يتصرف هكذا لأنه في أعماق تفكيره الانتهازي يعلم أن الولايات المتحدة لا يمكن الوثوق بها، و سوف يترك عالقا في مستنقع سوري مميت في حال طعنه الأميركيون الغدارون في الخلف، كما كانت تفعل مع كل حكوماتها العميله.
*بقلم الصحفي الايرلندي فينيان كانينغهام
عن Press TV
الجمل
إضافة تعليق جديد