أوكرانيا:مرونة روسية وتشاؤم أوروبي وبوتين يدعو لتأجيل الاستفتاء والغرب يحذّر من حرب
على وقع طبول الحرب التي يحذّر منها الغرب، بدا الجانب الروسي أمس أكثر مرونة في طروحاته إزاء الأزمة الأوكرانية، مقارباً بإيجابية عدة ملفات لحل الأزمة؛ منها الإعلان عن سحب القوات الروسية من المناطق القريبة من أوكرانيا، ومطالبة «الانفصاليين» في الشرق بتأجيل الاستفتاء على الاستقلال، والاستعداد للمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات في جنيف، فيما التقى وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف وأوكرانيا أندريه ديشيتشيا في فيينا على هامش قمة أوروبية.
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لم يكد ينجح في تهدئة المخاوف بإعلانه سحب قوات بلاده من المناطق الحدودية القريبة من أوكرانيا وعودتها الى منطقة التدريب، حتى ردّ عليه مسؤول عسكري في «الناتو»، قائلاً إنه ليس لدى الحلف «أي مؤشر على تغيّر في وضع القوات العسكرية (الروسية) على طول الحدود الأوكرانية».
أما قائد قوات «الأطلسي» في أوروبا الجنرال فيليب بريدلاف، فذهب أبعد من ذلك، بقوله إن الأزمة في أوكرانيا والتوترات مع موسكو قد تحمل «الناتو» على التواجد عسكرياً بشكل دائم في الدول التي كانت في الكتلة الشرقية.
وما بين استحقاق الاستفتاء على انفصال الشرق الأوكراني في 11 أيار الحالي، والانتخابات الرئاسية في 25 منه، حاول الرئيس الروسي تسوية الأزمة، بعد استقباله نظيره السويسري، الرئيس الحالي لـ«منظمة الأمن والتعاون في أوروبا» ديدييه بوركهالتر، في موسكو أمس، بدعوته «الانفصاليين» المؤيدين لموسكو إلى تأجيل الاستفتاء على وضع المنطقة الشرقية.
وأشار إلى أن هذا من شأنه أن يهيّئ الظروف للحوار بين السلطات الأوكرانية في كييف و«الانفصاليين» الذين يرغب بعضهم في حكم ذاتي أوسع في حين يطالب آخرون بالإنفصال.
في الوقت نفسه، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، لموقع «سلونه. ريو» الإخباري إنه اذا تمّت الاستجابة لدعوة بوتين الى إرجاء الاستفتاء في شرق اوكرانيا وأوقفت كييف «عملياتها العسكرية واتخذت خطوات لإطلاق الحوار، فيمكن أن يقود هذا الى إخراج أوكرانيا من الوضع الذي يزداد سوءاً في هذه المرحلة».
كما أعلن بيسكوف أن قضية حضور بوتين الاحتفالات في الذكرى السبعين لإنزال الحلفاء في النورمندي في 6 حزيران المقبل، بناءً على دعوة فرنسا له هي «قيد الدرس».
بدورهم ردّ «الإنفصاليون» على بوتين قائلين إنهم يكنّون بالغ الاحترام للرئيس الروسي وسيبحثون اليوم دعوته لتأجيل الاستفتاء المزمع يوم الأحد المقبل.
الا أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وصف الاستفتاء المرتقب بأنه «صوري ومصطنع»، قائلاً، «نرفض رفضاً قاطعاً هذا الجهد غير المشروع لتعميق الانقسام في أوكرانيا».
وفي كييف، أعرب رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك، عن استخفافه بتصريح بوتين الذي طلب «إرجاء الاستفتاء»، قائلاً «هذا أمر لا يليق بكم، أنتم رئيس لدولة كبرى»، ووصف هذا التصريح بـ«كلام فارغ»، حسبما نقلت وكالة «انترفاكس».
وفي غمرة الحديث عن استئناف المفاوضات حول الأزمة الأوكرانية، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن موسكو مستعدة لعقد اجتماع آخر بين ممثلي روسيا وأوكرانيا برعاية أوروبية في جنيف، لكنه قال إن «الاجتماع مجدداً في هذا الإطار، في ظل غياب المعارضة في كييف عن طاولة المفاوضات، لن يفضي إلى نتيجة».
وانتقد لافروف، خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة النمساوية فيينا على هامش أعمال الاجتماع السنوي لوزراء خارجية مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، الانتخابات الرئاسية الأوكرانية، قائلاً «من غير العادي» إجراء الانتخابات في ظل وجود الجيش.
لكن في مؤشر إيجابي آخر، التقى لافروف نظيره الأوكراني لفترة وجيزة، في فيينا، حيث أكد متحدث باسم الخارجية النمساوية، أنها «كانت تحية وجيزة. تحدثا لفترة قصيرة».
على الجانب الأوروبي كانت الصورة أكثر ضبابية وتشاؤماً، خصوصاً في أعقاب مقتل نحو 70 شخصاً من الناطقين بالروسية في سلافيانسك وأوديسا خلال 4 أيام، إذ بشّر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في حديث لأربع صحف؛ «الباييس» الأسبانية و«لوموند» الفرنسية و«لا ريبوبليكا» الإيطالية و«غازيتا فيبورتشا» البولندية، بمواجهة عسكرية قريبة في المنطقة، قائلاً «أظهرت لنا الصور الدامية من أوديسا أننا على بعد خطوات قليلة من مواجهة عسكرية».
وأتى تصريح الوزير الألماني غداة تحذير الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، من أن أوكرانيا يمكن ان تغرق في «الفوضى وخطر حرب أهلية» في حال لم تنظّم الانتخابات الرئاسية فيها.
من جهته، دعا الحزب الشيوعي الأوكراني إلى تشكيل «جبهة موحدة لمكافحة الفاشية» في البلاد. وأكد رئيس الحزب بيوتر سيمونينكو، في تصريح صحافي أن عدداً من أعضاء كتلة «حزب الأقاليم» في البرلمان (الرادا) أيدوا هذه المبادرة. وكان أعضاء الحزب الشيوعي تعرضوا للطرد من قبل زملائهم في «الرادا» أمس الأول خلال جلسة للبرلمان.
إلى ذلك، ذكر مسؤولون أميركيون أن إدارة الرئيس باراك أوباما، تُعدّ عقوبات جديدة لفرضها على روسيا إذا صعّدت من عدوانها على أوكرانيا بإجراءات مثل منع الانتخابات في أغلب مناطق البلاد، أو الاعتراف باستفتاء جديد يعتزم «انفصاليون» إجراءه.
في سياق آخر، تسلّمت أوكرانيا أكثر من 3 مليارات دولار كدفعة أولى من قرض صندوق النقد الدولي الذي يصل الى 17 مليار دولار، حسبما نقلت وكالة أنباء «إيتارتاس» الروسية أمس عن مصدر في البنك الوطني الأوكراني.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد