إسرائيل تراقب التنافس على غاز المتوسط أنقرة آخر المطالبين بشراكة في «لفيتان»

15-02-2013

إسرائيل تراقب التنافس على غاز المتوسط أنقرة آخر المطالبين بشراكة في «لفيتان»

تكاثرت التقارير في الأيام الأخيرة في كل من تل أبيب وأنقرة حول محاولات سياسية واقتصادية لإبرام اتفاقيات حول الغاز بين إسرائيل وتركيا. ومن الجائز أن مثل هذه التقارير ما كانت لتنال هذا القدر من الاهتمام لولا أن العلاقات بين الحكومتين متوترة، كما أن جهوداً تبذل على أكثر من مستوى لإعادتها إلى ما كانت عليه من مستوى إستراتيجي سابق.
ولا ريب في أن لزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما المرتقبة إلى إسرائيل دور في إنعاش هذه التقارير، نظراً للمساعي الأميركية الكبيرة لإصلاح العلاقة بين الدولتين الحليفتين. ومع ذلك فإن تزايد هذه التقارير لا يخلو، في الوقت ذاته، من ألاعيب اقتصادية هدفها تسريع أو إبطاء مفاوضات تجري مع دول أخرى - من بينها الأردن - تحاول أن تبرم اتفاقيات بشأن الغاز مع إسرائيل.
وكانت القصة قد بدأت قبل أيام بعنوان رئيسي مدو في «كلكليست»، وهي إحدى أبرز الصحف الاقتصادية الإسرائيلية، حول احتمالات قريبة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا. وفي حينه رأى البعض أن مجرد نشر هكذا تقرير في هذا الوقت ليس أكثر من لعبة ترمي إلى منع أي احتمال للتوصل إلى اتفاق، وذلك عبر المسارعة لنشره. فمن المعروف أن الحكومة التركية وضعت شرطاً يصعب إصلاح العلاقات من دونه، وهو «اعتذار» إسرائيلي رسمي عما جرى عند اقتحام سفينة «مرمرة» وقتل النشطاء الأتراك المتضامنين مع قطاع غزة. وقد رأى معلقون إسرائيليون أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مخطئ إذا ظن أن الأتراك سيقبلون بالغاز بديلاً من الاعتذار الرسمي.
ومع ذلك هناك من يؤمن بأن أميركا غير مرتاحة من التوتر بين أهم حليفين لها في المنطقة، ولذلك فإن أوباما سيحاول التوسط لإصلاح العلاقة، وربما أيضاً خلق تعاون في مجال الغاز. ومن المعلوم أن تركيا تدّعي ان لها مصلحة في الغاز المكتشف شرق المتوسط، إن لم يكن باسمها، فعلى الأقل باسم جمهورية قبرص التركية. ومن الجائز أن أي اتفاق يمكن لتركيا أن تبرمه مع إسرائيل في هذا الشأن قد يخفف من العلاقة التي تزداد توطداً بينها وبين كل من اليونان وقبرص، وهما خصمان استراتيجيان لتركيا.
وهكذا فإن البعض يعتقد أن الغاز الإسرائيلي قد يستغل في زيارة أوباما كنوع من «الحلاوة»، التي تسهل على تركيا تقبل نوع من الاعتذار الخفيف كالذي فاوض من أجله وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك. وليس صدفة أن نائب وزير الخارجية المنصرف داني أيالون أعلن مؤخراً عن استعداد إسرائيل لتقديم صيغة اعتذار كالتي قدمتها أميركا لباكستان في أعقاب مقتل عسكريين باكستانيين نتيجة غارات طائرات من دون طيار.
وبرغم كل ما سلف فإن خبراء يعتقدون أن عودة العلاقات الإسرائيلية التركية إلى مجاريها شيء، وتدفق الغاز إلى تركيا شيء آخر. فالمسألة لها آثار استراتيجية على روسيا التي تحاول قدر استطاعتها، منع أي جهة خارجية من دخول سوق الغاز الأوروبية، حيث تسيطر شركة «غازبروم» الروسية وحدها على 40 في المئة من استهلاك الأوروبيين من الغاز.
وبحسب الخبراء، فإن لروسيا ما يكفي من أوراق الضغط (في إيران وسوريا ودول أخرى) لإقناع إسرائيل بعدم التورط في هكذا مقامرة ضدها. وفضلاً عن ذلك فإن قدرات إسرائيل على منافسة روسيا في أسعار الغاز شبه معدومة، خصوصاً أن أسعار الغاز في أوروبا، بسبب روسيا، أقل بكثير من سعرها في آسيا مثلاً.
وإجمالاً يرى بعض الخبراء أن تكرار اسم تركيا مؤخراً في كل ما يتعلق بالغاز يعبر عن رغبة مستثمرين إسرائيليين في قطاع الغاز برؤية شركاء قريبين، مثل تركيا، قادرين على شراء الغاز ودفع أثمانه بسرعة. وهناك خشية إسرائيلية من أن الشريك الأوسترالي الجديد الذي أبرم مؤخراً صفقة في حقل «لفيتان» قد يضطر للانسحاب لاحقاً من الصفقة. ولكن هذا ليس حال الشريك الأميركي الأكبر في حقلي غاز «تمار» و«لفيتان»، وهو شركة «نوبل إنرجي»، التي تفضل التصدير إلى آسيا ونيل مكاسبها ولو بشكل متأخر. وقد تجد «نوبل إنرجي» في شركة «أنبوب إيلات عسقلان» شريكاً كبيراً ضاغطاً في اتجاه تصدير الغاز إلى آسيا، وليس إلى أوروبا.
وهنا يأتي دور الأردن الذي بدأ قبل فترة مفاوضات مع شركات الغاز الإسرائيلية لشراء كميات من الغاز والمشاركة في مشروع خط «إيلات عسقلان» عن طريق إنشاء محطة تسييل غاز في إيلات والعقبة.
وكانت صحيفة «ذي ماركر» الاقتصادية التابعة لـ«هآرتس» قد نشرت، أمس، أن مجموعة «زورلو» التركية عملت في الأشهر الأخيرة على إقناع الحكومة الإسرائيلية وشركاء حقل «لفيتان» بالموافقة على تصدير الغاز إلى تركيا.
وذكرت الصحيفة أن زورلو تخطط لمد خط تحت البحر بطول 130 كيلومتراً، يمتد من «لفيتان» قبالة حيفا إلى ساحل جنوب تركيا، ويستطيع ضخ ما بين ثمانية وعشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً. وكما سلف يعتقد بعض شركاء حقل «لفيتان» أنه بوسع الخط البحري إلى تركيا المساعدة في تصدير الغاز إلى أوروبا، عبر طريق أسهل من مد خطوط طويلة جدا عبر البحر إلى قبرص واليونان.
عموماً، من المهم الإشارة إلى أن تصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا يعتبر عملاً سياسياً بالغ التعقيد، ولكن لا يقل تعقيداً وتكلفة اقتصادية مد خط تحت البحر بطول مئات الكيلومترات. وفضلاً عن ذلك، فإن كل الأحاديث عن تصدير غاز إسرائيلي سابق لأوانه على الأقل لأن الدولة العبرية لم تنظم بعد الجوانب القانونية لتصدير الغاز، ولم تتفق بعد مع الشركات حول تقاسم العائدات. ولذلك، فإن كل الأحاديث عن تصدير الغاز لا تزال مجرد بالونات اختبار تطلق إلى الفضاء.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...