إسـرائيـل تشـارك فـي تقسـيم السـودان:رحلات سـرية لنقـل لاجئيـن إلـى الجنـوب
افتتحت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أمس الأول نشرتها المسائية الرئيسية بنبأ إقلاع طائرة إسرائيلية تحمل 150 من اللاجئين السودانيين العائدين طوعا إلى بلادهم عن طريق دولة ثالثة. وبدا أن الخبر في أساسه يشكل بداية لتخلص إسرائيل من ظاهرة اللاجئين الأفارقة التي باتت تمثل مشكلة اجتماعية واقتصادية بعد تزايد أعدادهم. غير أنه سرعان ما تبين أن هذه ليست الطائرة الأولى، وأنها تحمل فقط لاجئين مسيحيين من جنوب السودان، وأن الأمر برمته تم بترتيب من جمعيات مسيحية تؤيد انفصال الجنوب عن الشمال في السودان.
وقد دهشت أوساط حكومية إسرائيلية من نشر النبأ، ورفضت دائرة السكان والهجرة التعقيب عليه، أو تقديم أية معلومات رسمية بشأن ما جرى. وكرر المسؤولون في هذه الدوائر تحذيرهم من أن الحديث في الأمر قد يقود إلى تهلكة اللاجئين إذا ما علم أنهم كانوا في إسرائيل.
وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى أن اللاجئين المئة والخمسين تم جلبهم إلى المطار ليلا، وبعد التدقيق الأمني، تم نقلهم على متن طائرة خاصة إلى دولة محاذية لجنوب السودان. ومن غير المستبعد أنه نظرا للعلاقات الأمنية الخاصة بين إسرائيل وكينيا أن تكون هذه الدولة المحاذية لجنوب السودان هي المقصودة. ومع ذلك ليس مستبعدا أيضا أن تكون أوغندا أو حتى أثيوبيا الدولة المقصودة.
وفي كل الأحوال لا يمكن قراءة هذه الخطوة بعيدا عما يجري في السودان، واقتراب موعد إجراء الاستفتاء الشعبي حول تقرير مصير جنوب السودان. وتدفع الإشارة إلى اقتصار الموافقين طوعا على كونهم مسيحيين، وعلى ترتيب الأمر مع جماعات مسيحية للشك في المقاصد الحقيقية لهذه الرحلة، وأنها ليست مجرد إعادة لاجئين إلى وطنهم.
والمشكلة التي ظهرت أولا وقبل كل شيء أن النبأ ما كان ينبغي أن ينشر من أساسه، ما يدل على أن للقضية أبعادا سرية تتجاوز مسألة التخلص من اللاجئين. ففي صلب المسألة تقف ليس إسرائيل وحدها، وإنما جهات أخرى، من بينها قوى دولية دفعت بلدا ثالثا لا بد أن يكون مجاورا لجنوب السودان للمشاركة في العملية. وأشارت جهات إسرائيلية إلى أنه ما كان ينبغي البتة الكشف عن دور الجمعيات المسيحية في ترتيب هذه العملية ونيل موافقة مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة على عودة هؤلاء. وأشارت أوساط إسرائيلية إلى أن الجهة التي قامت بترتيب الرحلة هي «السفارة المسيحية في القدس».
واعتبرت أوساط رسمية إسرائيلية أن الضرر الحقيقي وقع ليس من نشر النبأ وإنما من قيام مسؤولين بتسريبه إلى وسائل الإعلام.
وأكدت مصادر إسرائيلية أن عملية ترحيل اللاجئين السودانيين تمت بالتراضي، وأنه تم دفع مئات الدولارات إلى كل واحد منهم بقصد تدبر أمره عند عودته. وقالت أن الأمر تم بترتيب مع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة على أمل تقليص أعداد اللاجئين الأفارقة في إسرائيل.
وكشف النقاب يوم أمس عن أن هذه لم تكن الرحلة الأولى، بل سبقتها ثلاث رحلات لترحيل اللاجئين تمت في الماضي. غير أن الفارق بين تلك المرات وهذه يكمن في أنه تم في الماضي إبعاد عشرات اللاجئين وإعادتهم إلى أثيوبيا ونيجيريا، ولكن على متن رحلات جوية اعتيادية في حين تم استئجار طائرة خاصة هذه المرة.
وشدد مفوض الأمم المتحدة للاجئين في إسرائيل ويليم تول على أن الخطوة الإسرائيلية السرية نالت موافقة المفوضية بعدما تأكدت من رغبة هؤلاء في العودة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد