استراتيجية الأمن البحري الصيني: إلى أين؟

16-06-2009

استراتيجية الأمن البحري الصيني: إلى أين؟

الجمل: تقول التقارير والمعلومات الجارية أن الصين بدأت في تنفيذ برنامج يتيح لها اكتساب المزيد من القدرات البحرية الاستراتيجية عن طريق حاملات الطائرات التي ستجعل من الصين قوة عسكرية بحرية عالمية، وعلى المستوى الاستراتيجي فإن لهذه المعلومات أكثر من دلالة وعلى وجه الخصوص فيما سيتعلق بتأثير ظهور حاملات الطائرات والأساطيل البحرية الصينية على النظام العسكري العالمي الذي تنفرد الولايات المتحدة بالسيطرة عليه.
* المسرح البحري الأمريكي – الصيني:
يمثل المحيط الباسفيكي المسرح البحري الأمريكي – الصيني الرئيسي وتشير المعطيات والحقائق إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت طوال القرن الماضي تفرض سيطرتها الكاملة على مسرح المحيط الباسفيكي، هذا ولم تقتصر سيطرة الولايات المتحدة على مناطق شرق ووسط وجنوب وشمال الباسفيكي وإنما امتدت إلى مناطق غرب الباسفيكي وتحديداً إلى المناطق المواجهة للسواحل الصينية ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• منطقة بحر الصين الشرقي: تسيطر أمريكا على هذه المنطقة بواسطة القواعد الأمريكية الموجودة في اليابان وكوريا الجنوبية إضافة إلى تايوان.
• منطقة بحر الصين الجنوبي: تسيطر أمريكا على هذه المنطقة بواسطة القواعد الأمريكية الموجودة في الفلبين وأستراليا، إضافة إلى التسهيلات العسكرية والتي تحصل عليها بواسطة حلفائها في منطقة جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وتايلاند وغيرها.
شهدت منطقة بحر الصين الشرقي الكثير من التوترات بين الصين وأمريكا وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بتحليق طائرات التجسس الأمريكية المستمر في الأجواء الموازية لشرق الصين، أما في منطقة بحر الصين الجنوبي فقد شهدت توترات صينية – الأمريكية بسبب قيام سفن التجسس الأمريكية بالملاحة في المجال الإقليمي البحري الصيني.
نقطة الارتكاز البحري الرئيسية للقوات الأمريكية توجد في جزيرة هاواي الواقعة في منتصف المحيط الهندي وحالياً تتمركز في هذه الجزيرة القاعدة العسكرية البحرية النووية الأضخم في العالم.
* استراتيجية الأمن البحري الصيني: إلى أين؟
يشير موقع الصين الجغرافي إلى أن منفذها الوحيد على العالم هو السواحل الصينية المطلة على المحيط الباسفيكي وتعود حيوية هذه السواحل إلى أن منطقة قلب الدولة الحيوي الصيني تقع بالقرب منها إضافة إلى عدم صلاحية النفاذ عبر حدود الصين الغربية المطلة على أفغانستان وباكستان والهند ودول آسيا الوسطى، وحدود الصين الجنوبية المطلة على دول جنوب شرق آسيا وحدود الصين الجنوبية الوطيدة مع واشنطن أو من حدود الصين الشمالية المطلة على منغوليا ومناطق روسيا النائية البعيدة.
وجود سلسلة من الدول المرتبطة بأمريكا على طول امتداد الساحل الصيني الباسفيكي (اليابان – كوريا الجنوبية - تايوان)  وارتكاز القواعد العسكرية الجوية والبحرية الأمريكية إضافة إلى انتشار القطع البرية الأمريكية الواسع النطاق في هذه المنطقة، أدت مجتمعة إلى تزايد المخاطر التي تهدد الأمن القومي الصيني.
إدراك القيادة الصينية لمخاطر التهديد الماثلة والمحتملة دفعها باتجاه العمل من أجل درء هذه المخاطر والمهددات على النحو الآتي:
• تحويل بناء القدرات العسكرية البحرية بما يتيح للصين تأمين خطوط الإمدادات البحرية الخارجية.
• تأمين الممرات البحرية ذات الأهمية الحرجة وتحديداً ممر ملقة الاستراتيجي.
• نشر القوة البحرية الصينية في المناطق البحرية الاستراتيجية مثل باب المندب والمحيط الهندي ومناطق بحر الصين الشرقي والجنوبي.
إن نجاح مشروع القوة الصينية سيتيح للصين التحول من مجرد قوة إقليمية كبرى إلى قوة دولية كبرى، بكلمات أخرى يمكن الإشارة إلى أن أبرز التداعيات ستتمثل في الآتي:
• تحويل القدرات العسكرية الصينية من قدرات برية إلى قدرات بحرية.
• إسقاط القوة الصينية في المناطق البحرية والإقليمية والدولية سيتيح للصين استخدام القواعد والقطع البحرية في إسقاط القوة الجوية والصاروخية الصينية.
• توسيع مدى ونطاق استخدام القدرات العسكرية الصينية طالما أن الصين تستطيع إطلاق الصواريخ والطائرات من حاملات الطائرات المنتشرة في سائر أنحاء العالم.
وبالتأكيد سيترتب على ذلك إعطاء طاقة جديدة لقوة الردع الاستراتيجي الصيني بما يمكن أن يترتب عليه بالمقابل تقليص قوة الردع الاستراتيجي الأمريكي إضافة إلى أنه سيؤدي إلى خلق أعباء إضافية للولايات المتحدة الأمريكية التي ستسعى بكل تأكيد إلى إنفاق المزيد من قدراتها لخلق المزيد من القوة البحرية والجوية والبرية المضافة لمقابلة متطلبات معادلة توازن القوى الجديدة.
سعت إدارة بوش الجمهورية السابقة إلى التعاون مع كوريا الجنوبية واليابان في مشروع الدفاع الصاروخي الباسفيكي والذي يقوم على أساس اعتبارات نشر شبكة دفاع صاروخي أمريكية لموازنة الخطر الصيني وبرغم موافقة كوريا واليابان إضافة إلى تايوان فقد جاءت كوريا الشمالية كالقشة التي قصمت ظهر البعير، لأنها وبعد أن تحولت إلى دولة نووية حقيقية أصبحت تسعى لإملاء شروطها على اليابان وكوريا الجنوبية والتهديد بشن الحرب النووية إذا أقدمت أي من هذه الدول على استضافة بطاريات شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكي التي تقول كوريا الشمالية أن نشرها بمثابة إعلان الحرب ضدها وبالتالي سوف لن تتردد في القيام بواجب الدفاع عن نفسها!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...