اسطورة جواري اليابان
ليس سهلاً أن يمتلك قلم الرجل امتياز الدخول إلى عوالم الأنوثة وأن يكون موفقاً في تخطي الحدود التي ترسمها عادة الانثى للرجال حولها..
ورصد التطور التصاعدي لها إلى أن تصل إلى النضج الكامل رغم التواء الطرق إليه وكثرة تشعباته التي تكاد تكون متاهة, لهذا ليس كل الإناث ماهرات في بلوغ انوثتهن الحقيقية, وقد يضعن في منتصف الطريق, والكاتب الأميركي آرثرغولدن على ما يبدو أنه امتلك قلماً تغذى على حكايا كثيرة حتى استطاع تقديم بطلته تينا سايوري ليكون العمل الأول الذي يصل مصاف العالمية متحدثاً عن فتيات الغيشا في اليابان.. رغم أن الرواية استلهمتها السينما في فيلم مميز نال عدة جوائز اوسكار لكنه رغم ذلك كما أكد معظم النقاد لم يستطع مجاراة براعة آرثر غولدن.
(غي) باليابانية: تعني الفن, أما كلمة (شا ) فتغي الناس:الغيشا هو اللقب الذي يطلق على الفتاة التي نذرت حياتها لخدمة الجمال كرمز للانوثة والحب والمستحيل, خلقت لأجل المتعة لا أكثر, حياتها تتمحور حول الترفيه عن رجال علية القوم. لا يحق لها التفكير في الزواج أو الأطفال, والذي يريد الارتباط بالغيشا عليه دفع ثروة طائلة لكي يعتقها, المنذورة لحياة الغيشا تبدأ حياتها في عمر مبكر كالتاسعة مثلاً وتقضي سنوات طويلة لتتعلم وتتقن الفنون والآداب والرقص والموسيقا والعزف وتقديم الشاي وتنسيق الزهور والكتابة بخط جميل, كتابة (الكانجي, الحروف التي تكتب بها اللغة اليابانية) كذلك عليها أن تتقن تدليك الجسد وارتداء الكومينو, الزي الوطني الياباني, وكيفية تصفيف شعرها, وبمرور السنين ستتعلم أهمية وقيمة السرية التامة وعدم إفشاء أسرار عملائها وأهم من ذلك كله عليها أن تعرف كيف تمتلك شخصية قوية, وجذابة وبنفس الوقت تكون راقية ومترفعة.
فتيات الغيشا يعشن في بيوت (الاوكايا) وهي التسمية التي تطلق على المنازل الخشبية اليابانية الصغيرة وهي مكان إقامتهن حيث يتلقين فيها أصول المهنة والحياة كغيشا وذلك تحت إشراف غيشا متقدمة في السن يطلق عليها (أوكاسان) وللغيشا طبقتان الأولى المايكو: وهو اللقب الذي يطلق على الفتاة التي تدخل هذا العالم ما بين عمر الخامسة عشرة وحتى العشرين وحين تصبح المايكو في العشرين من عمرها يمكنها حينها أن تقرر ما إذا ستترك هذه المهنة أم تستمر ثم تأتي المرحلة الثانية التي هي الغايكو:وهو اللقب الذي يطلق على فتاة الغيشا التي تتجاوز العشرين من عمرها وحتى الثلاثين أو أكثر بقليل وفي حالة زواجها لا يحق لها ممارسة المهنة بعد ذلك إطلاقاً.
يعد هذا الطراز من الحياة مادة خصبة يلفها الغموض حيث مجتمع نسائي خالص ازدهر مع بداية القرن السابع عشر تأتي بعض الفتيات الشابات في بعض الأحيان بمحض ارادتهن للبحث عن المال إلا أنه في الأغلب يتم بيعهن من قبل أوليائهن لهذه البيوتات.
منذ القرن الثامن عشر سكن فتيات الغيشا أحياء معزولة خاصة بهن مثل حي (يوسيتوارار) الشهير في طوكيو على ضفاف نهر (سوميدا) مشكلاً مقراً لنشاطات الغيشا وقد سحرت أضواؤه العديد من الرسامين والشعراء والكتاب عدا عن كبار رجال الجيش والساسة والأثرياء.
آرثر غولدن نفذ إلى هذا العالم عبر تقص مثير لغموض هذا الطراز من النساء حيث يحار المرء بين مظهرهن الذي يوحي بالأدب واللباقة وما تقتضيه مهنتهن من العمل كمومسات في أحيان كثيرة .
لهذا يعد النقاد عمله هذا (اعترافات غايشا) دراما ملحمية تتناول العالم المنغلق والغريب الذي تعيشه الغيشا عبر بطلته تيناسايوري إحدى أشهر غايشا اليابان, حيث امرأة تتعلم خداع أقوى الرجال وأذكاهم بهدف سلبهم أموالهم, هو عالم لامكان فيه للحب الحقيقي, تبدأ القصة في عام 1929 في بلدة فقيرة يعتاش معظم أهلها على صيد السمك ويتم بيع سايوري وهي في التاسعة من عمرها لأنها صاحبة جمال مميز حيث تمتلك عينين زرقاوين إضافة إلى عرقها الأصفر كيابانية تعيش في منزل (غايشا) شهير وهناك تعرف نوعاً من العبودية لتتحول فيما بعد إلى اسطورة في عالم فتيات الغيشا بعدما أدهشت زرقة عينها القيمين على ذلك المنزل وفي السنوات اللاحقة تعمل لسداد ثمنها واسترجاع حريتها, تتعلم سايوري فنون الغايشا الصارمة وتتدرب لتصبح غايشا حقيقية ترتدي الكومينو وتتجمل وتسرح شعرها وتتبرج بحسب التقاليد, ومع اشتعال الحرب العالمية الثانية تجبر منازل الغيشا على الإقفال لتجد سايوري نفسها أمام تحد جديد لم تتوقعه فتعيد رسم معالم كيانها الانثوي بإصرار وقوة تعلمتها من حياتها كغيشا.
الكتاب سجل أعلى المبيعات لدى صدوره وترجم لأكثر من خمسين لغة.
صادر حديثاً عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر قطع متوسط في 742 صفحة .2007
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد