الأشياء العميقة تظهر على السطح
تمام علي بركات: قبل البدء بموضوعنا لا بد من ذكر لمحة عن تاريخ سيارة "هامفي" أو "هامر" كما تسمى لدى زبائنها ، وكما هو مكتوب عليها ، هذه السيارة كانت تابعة لشركة "ا ي ه أم جنرال" وهي فرع للجيش الأمريكي ، في عام 1979 شاركت هذه الشركة بالمنافسة على تطوير مركبة للجيش الأمريكي بمقاييس ومواصفات خاصة ، البنتاغون يتغنى بذلك ويقول : "كانت مواصفات الجيش صارمة جدا" ثم بعد ذلك قررت الشركة أن تطرح في السوق عينات منها للمدنين ،لكن انطلاقتها كسيارة مشهورة عالميا ، بدأت في عام 1990 عندما تمت قيادة سيارتين منها في وسط الاتحاد السوفييتي، الشركة المصنعة اعتبرت ذلك نصرا قوميا ، لأنها ترمز للجيش الأمريكي في بلد معاد يخوضون معه حرب باردة منذ 45 سنة بتوقيت ذلك الزمان ، فاستخدمت تلك الحادثة للترويج لها كعلامة فارقة تشبه البيتزا والبيبسي ومايكل جاكسون وغيرهم من أدواة الصراع الأمريكية الفتاكة ضد خصومهما في المعسكر الشرقي ، إلى علم 1995 عندما باعت الشركة حقوق صناعة إحدى النسخ تحت اسم تجاري "همر" إلى شركة جنرال موتورز واستأنفت الشركتان تزويد الجيش الأمريكي بهذه النسخة وبغيرها من النسخ ، لمن لا يعلم هذه النسخة بالتحديد ما عليه إلا أن يقوم بجولة في ربوع استراد المزة حيث سيشاهد 3 سيارات هامر رابضة على الرصيف، ولن يتجشم عناء في الوصول أليهن إذ يكفي أن يطلب من أي سائق تاكسي أو سرفيس أن ينزله عند "الهمرات" فيعرفها أي أنها أصبحت نقطة علام فارقة في المكان
الحديث عن تلك "الهمرات" الرابضة على الرصيف ليس عن مخالفة سير بسيطة "كيف تقف تلك السيارات على الرصيف" بل عن مخالفة ثقافية وحضارية إذ كيف يقف العلم الوطني عليهن؟ ! العلم السوري مصبوغ عليها مرسوم مع طلائها، ملتصق بها وإلى جانبه علم المقاومة اللبنانية، فهل هكذا يكون التعبير عن الشعور الوطني؟ ما هكذا كانت عوائد الحب!
ماذا لو سار بجانبها صحفي أو موظف بتلك الشركة المصنعة لهذه السيارات والتقط صورة لهن ، بالتأكيد سوف تستخدمها الشركة المصنعة كأقوى إعلان تجاري لها في تاريخها ، سوف يقولون : هؤلاء الذين نحاربهم بإرسال المسلحين التكفيريين إليهم وبدعم عدوهم التاريخي وبفرض الحصار على شعبهم ، يضعون علمهم الوطني على منتجاتنا ،وهم بالتأكيد ليسوا حمقى فلو كانوا كذلك لما صمدوا خمس سنوات في وجههم ،بل بسبب جودة السيارة ، إنها لا تضاهى!!
لكن الحقيقة التي قد تغفل عنها هذه الشركة ، أن واضع تلك الأعلام يريد أن يحوز الشهرة من طرفيها ، ويستخدم أفخم سيارة فارهة معروفة في الأسواق ، وأيضا العلم الوطني.
الوطنية أيضا لا بأس بها عند هؤلاء.
إضافة تعليق جديد