الأطلسـي: المهمـة لـم تكتمـل وسويسرا واليونان تبيعان ليبيا المنتجات النفطية والمياه
ارتفعت حدة التوتر أمس على تخوم مدينة بني وليد الليبية حيث تتحصن كتائب موالية للعقيد معمر القذافي، مع إعلان الحلف الأطلسي عن «قرب» نهاية عملياته العسكرية التي ستظل مستمرة «حتى إكمال المهمة» غير المحددة، في حين بدأ نقص المواد الاولية في طرابلس وبقية المدن الليبية، لا سيما المياه والمشتقات النقطية يشكل مصدر ربح جديدة لاكثر من دولة اوروبية.
وأشار مسؤولون في المجلس الوطني الانتقالي إلى ما اعتبروه حتمية القتال في بني وليد التي تشكل إحد آخر معاقل أنصار معمر القذافي، رغم استمرار الحديث عن قنوات مفتوحة للتفاوض اتهم الساعدي القذافي أخاه سيف الإسلام بالعمل على إفشالها. ودخلت شركة «غلنكور» السويسرية إلى لائحة مزودي السلطات الليبية بالمنتجات النفطية، بعد قطر و«فيتول» السويسرية أيضا، كما أعلنت اليونان المنهكة بالديون أنها ستزود ليبيا بمياه الشفة.
وقال نائب قائد الثوار في ترهونة على بعد 80 كلم شمالي بني وليد عبد الرزاق ناضوري «ننتظر الاوامر لبدء الهجوم». واضاف «الامور هادئة حتى الآن، ولا تجري اي معارك رغم فشل المفاوضات»، متحدثا عن احتمال «تمديد المهلة الممنوحة للمدينة للاستسلام حتى يوم السبت (المقبل)». وتابع «نحن جاهزون للتعامل مع الحالتين». كما اعلن ناضوري ان «اطرافا تعمل على ابقاء قنوات التفاوض والاتصال مفتوحة» مضيفا «ما زلنا بالقرب من بني وليد، ونتمنى الا تراق الدماء وان نسمع اخبارا طيبة قريبا». وجاءت تصريحات ناضوري بعد ساعات قليلة من اعلان فشل المفاوضات لضمان استسلام المقاتلين الموالين لمعمر القذافي في مدينة بني وليد. وكان كبير المفاوضين عن الثوار الليبيين عبد الله كنشيل اعلن للصحافيين الاحد الماضي اخفاق المفاوضات. وبدأت المفاوضات قبل ايام عبر زعماء قبائل بني وليد، حيث يختبئ وفق كنشيل مقربون من الزعيم الليبي الفار بينهم اثنان من ابنائه.
وقال القائد الميداني في قوات المجلس الوطني الانتقالي محمد الفاسي خارج بني وليد إن الباب لا يزال مفتوحا أمام المفاوضات وإن العرض الذي قدمه المجلس مازال قائما. واضاف ان العرض يتمثل في التحفظ على الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم باسم القذافي قيد الاعتقال المنزلي حتى يتم تشكيل حكومة جديدة وأوضح ان بعضهم قبل العرض فيما رفضه آخرون. لكنه، ردا على سؤال عما إذا كان المجلس يفكر في السيطرة على بني وليد بالقوة قال «ليس هناك من خيار آخر». وأكد عضو المجلس الانتقالي الليبي موسى الكوني أنه لا مفر من مهاجمة بني وليد. واكد الكوني عدم وجود أحد من أبناء القذافي في المدينة، مشددا على ضرورة سقوطها حتى ترتفع معنويات الثوار.
وقد حمل الساعدي القذافي، نجل معمر القذافي، اخاه سيف الاسلام مسؤولية فشل المحادثات مع الثوار. وقال لشبكة «سي ان ان» في اتصال هاتفي في وقت متأخر من مساء أمس الاول، ان الخطاب «الحاد» الذي القاه اخوه قبل ايام ادى الى انهيار المفاوضات ومهد الطريق امام شن هجوم. وردا على سؤال حول مكان وجوده قال الساعدي القذافي انه «على مسافة غير بعيدة» من مدينة بني وليد لكنه يتنقل. واوضح انه لم ير والده او اخاه منذ شهرين. وأكد الساعدي القذافي انه «حيادي» وانه يبقى «مستعدا للمساعدة على التفاوض على وقف اطلاق نار» بحسب شبكة سي ان ان.
واكد مصدر من قبائل الطوارق ان نحو عشرة من المقربين من الزعيم الليبي معمر القذافي، بينهم منصور ضو قائد الكتائب الامنية، دخلوا أمس الأول الى اغاديز شمالي النيجر في موكب قادم من ليبيا. ولم تعرف هوية بقية الاشخاص، لكن الموكب وصل برفقة اغ علي الامبو، احد قادة المتمردين الطوارق، وبلغ الاثنين نيامي، عاصمة البلاد. ومنصور هو ابن عم القذافي وكان قائد الحرس الشخصي للعقيد الليبي ومسؤولا عن تأمين باب العزيزية، مقره في طرابلس.
من جهته، اعلن الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن ان الحلف اقترب «بشكل كبير» من النجاح في تدخله في ليبيا والذي من المقرر ان ينتهي «قريبا». واذ اشاد بفاعلية القوات الاوروبية التي ادت دورا اساسيا في هذا التدخل العسكري، دعا راسموسن هذه القوات الى اخذ العبر من هذا النزاع الذي كشف ثغرات عملانية. واوضح خلال مؤتمر صحافي في بروكسل «في ليبيا تقترب عمليتنا بشكل كبير من النجاح، لكننا لم نبلغ ذلك بعد». واضاف ان نهاية التدخل ستعلن «قريبا».
وتابع راسموسن ان قرار انهاء العملية يتوقف في شكل كبير «على قدرة المجلس الوطني الانتقالي على ضمان حماية فاعلة للمدنيين»، لافتا الى ان هذا الامر سيؤدي «دورا بالغ الاهمية» في اتخاذ قرار بهذا الاتجاه. وشدد ايضا على ارتباط انهاء العملية بقرارات الامم المتحدة والتحليل العسكري لتطور الوضع الميداني من جانب الحلف الاطلسي.
في المقابل، اكد راسموسن ان الاعتقال المحتمل للقذافي «ليس عاملا حاسما» لان «الاشخاص، بمن فيهم القذافي، لا يشكلون اهدافا» للحلف الاطلسي. وقال ايضا «المؤسف ان القوات الموالية للقذافي لا تزال تشكل تهديدا للسكان المدنيين، ولهذا السبب علينا مواصلة (العملية) حتى ازالة هذا التهديد». واكد راسموسن «اننا سنمضي حتى نهاية» العملية، لكن الحلف «لن يبقى (في ليبيا) دقيقة واحدة اكثر من الوقت اللازم». واضاف «اثق بقدرة المجلس الوطني الانتقالي على ضمان العملية الانتقالية نحو الديموقراطية في شكل سلمي وضمن روح المصالحة».
وبالنسبة الى الحلف الاطلسي، شدد راسموسن على ضرورة ان تاخذ الدول الاوروبية العبر على صعيد القدرات العسكرية، وقال «علينا ان نسعى لزيادة قدرة القوات الاوروبية على التحرك» وخصوصا لجهة «النقل الجوي الاستراتيجي». واذ اشار الى مشاورات في هذا الشان تجري داخل الحلف، اوضح ان الهدف منها «تحديد» الشراكات المامول بها بين الدول على صعيد العتاد قبل انعقاد قمة الحلف المقررة في شيكاغو في ايار 2012، وذلك رغم «اطار التقشف وتقليص موازنات الدفاع».
وأعلنت قيادة الـ«ناتو» في بيان نقلته وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية أن طائرات الحلف نفذت في الأجواء الليـــبية خلال الساعات ال24 الأخيرة 117 طلعة منها 52 طلعة قتالية دمرت خلالها نقطة قيادة وأربـــع راجمات صواريخ وثلاثــة رادارات وعدة آليات نقل حربية تابعة لكتائب القذافي.
من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان ممثل بريطانيا الخاص لدى ليبيا اتجه الى طرابلس لاعادة الوجود الدبلوماسي الكامل للبلاد في العاصمة الليبية. وابلغ كاميرون البرلمان البريطاني في بيان بشأن ليبيا «اليوم يتم ايفاد ممثل بريطانيا الخاص لدى ليبيا (جون جينكينز) الى طرابلس لإعادة وجودنا الدبلوماسي الكامل.» واضاف كاميرون ان بريطانيا وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي سيواصلون تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مادام ذلك ضروريا لحماية المدنيين. وتابع ان بريطانيا مستعدة لتمديد تفويض حلف الأطلسي إذا اقتضت الضرورة. ومضى يقول «لن نتوقف حتى انجاز المهمة».
ووقعت المجموعة السويسرية العملاقة الناشطة في مجال المواد الاولية «غلنكور» اول عقد في ليبيا مع الشركة الوطنية للنفط لامداد البلاد بالمحروقات، كما افاد مصدر مقرب من الملف. واوضح المصدر ان هذا العقد مع الشركة الوطنية للنفط التي باتت في عهدة المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، سينفذ عندما ترفع العقوبات المفروضة على ليبيا وعلى الارجح في الايام المقبلة. ولم يوضح هذا المصدر قيمة العقد او حجم الكميات المتوقع تسليمها. وكانت شركة «فيتول» السويسرية أيضا قد زودت الثوار بالمنتجات النفطية سابقا كما أكدت وكالة «بلومبرغ» التي أوضحت أن 300 من أصل 700 مليون دولار أميركي كانت أميركا قد رفعت التجميد عنها الأسبوع الماضي توجهت إلى «فيتول» ثمنا لشحنة نفطية باعتها للثوار.
واعلنت وزارة الخارجية اليونانية ان اليونان ستقدم كميات من مياه الشفة الى طرابلس حيث يواجه الاف السكان شحا في المياه. ويتوجه وفد برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية ديمتريس دوليس الى طرابلس اليوم على متن طائرتين عسكريتين من طراز «سي-130» تنقلان هذه الكمية من مياه الشفة، بحسب الوزارة. ويعاني قسم كبير من اصل سكان العاصمة الليبية البالغ عددهم مليوني نسمة، من شح في المياه منذ ان انتقلت المدينة الى ايدي القوات المناهضة للعقيد معمر القذافي في نهاية اب الماضي. والاسبوع الماضي، اقترح رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو امداد طرابلس بالمياه عن طريق الجو وذلك اثناء مؤتمر دولي حول ليبيا في باريس. واوضح باباندريو انذاك للصحافيين «يمكننا نقل ما يصل حتى 175 الف متر مكعب من المياه كل عشرة ايام ما يسمح بزيادة احتياط مياه الشفة في طرابلس بواقع 50 في المئة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد