الإعلانات الفنية: هل ما يصلح للتجارة ينطبق على الفن؟
ما الذي يريد أن يسوق له أصحاب إعلان لا يشير محتواه إلى شيء بعينه؟
هل يريدون إثارة فضولنا من خلال غموض ما يعلنون عنه؟ هل هذا هو أفضل السبل لتأمين انتشار أوسع لمنتجهم؟! ربما يحق للمعلن أن يستعمل ما يراه مناسباً لإيصال إعلانه إلى الناس، وإن كان ذلك يصلح للإعلان عن منتج تجاري فهل يصلح الأسلوب ذاته للإعلان عن منتج فني؟
ما يثير السؤال السابق، ما نشره موقع «ميدل إيست اونلاين» الالكتروني. إعلان لملصق فيلم قال: إن «الطبعات الدولية لمجلتي «فراييتي» الأميركية و«تايم أوت» البريطانية نشرته». والملصق بحسب الموقع «يحمل عنوان «ملك الرمال»، وفيه صورة لتمثال من الرمال يشبه شخصية مؤسس المملكة العربية السعودية الراحل عبد العزيز آل سعود. مع الإشارة إلى أن الفيلم «سيعرض قريبا». وبحسب الموقع وما يظهره ملصق الفيلم، فإن ما من إشارة إلى اسم الجهة المنتجة للفيلم أو اسم مخرجه أو اسم مؤلفه أو أسماء الممثلين فيه. ومع تغييب كل تلك التفاصيل، يغيّب الإعلان كل عوامل الجذب الفنية الجماهيرية المعتادة، مكتفياً بالإشارة إلى محتوى الفيلم أو الإيحاء به.
من حيث المبدأ، يحق للمعلنين أن يقدموا إعلانهم الترويجي بالأسلوب الذي يرونه مناسباً. ولعل في أسلوبهم هذا الذي يكشف عن مضمون الإعلان على مراحل، ما ينجح في توفير عامل الجذب، عبر إثارة أسئلة عنه. ولكن ألا تترك مثل هذه الأسئلة الأبواب مشرعة على احتمالات متناقضة أحياناً، تجعل الإعلان ينحرف عن غايته الحقيقية (اللهم إلا إذا كان ذلك هدفه بالفعل). فالإعلان السابق عن الفيلم، على سبيل المثال، يثير أسئلة متناقضة من قبيل: هل الفيلم عن شخصية الملك السعودي أم أن شبه الرسم أوحى بذلك؟ من يقف وراء إنتاج الفيلم هل هي جهة أجنبية أم عربية؟ هل سيقرأ تاريخ الملك ـ المؤسس من منطلق نقدي أم من منطلق تطهـيري؟ وكل تلك الأسئلة تبدو الأبعد عن الفن.. والأقـرب إلى جدل يحيل العمل الفني إلى غير ما ينتظر منه. الأمر الذي يجعلنا نعتقد أن الإعلانات المبهمة تصــلح لكل شيء، إلا في الفن، فالفن يعرف بأصحابه أولاً، وبما يعرف عن هؤلاء يمكن تقدير مستوى ما يمكن أن يطرحوه. بكل الأحوال يبقى ما نقوله مجرد وجهة نظر تحتمل الخطأ والصواب.. ولكن ما قد نتفق عليه جميعاً هو أنه ليس كل ما يصلح في التجارة يصلح للفن.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد