الإكواردور أيضاً يسارية
تستعد الإكوادور للانضمام إلى محور قوى اليسار في أميركا اللاتينية، مع تصدّر المرشّح الراديكالي رافاييل كوريا، حليف الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، استطلاعات الرأي، في الوقت الذي أدلى فيه أكثر من تسعة ملايين ناخب بأصواتهم، أمس، لاختيار ثامن رئيس للبلاد منذ عشر سنوات، ونائب له، بالإضافة إلى أعضاء مجلس الشيوخ المئة.
وفيما يستبعد المراقبون في كويتو حسم المعركة في الجولة الأولى، نظراً لتنافس 13 مرشحاً على منصب الرئاسة، وطبيعة قانون الانتخابات الذي يفرض حصول المرشح الفائز على 51 في المئة من أصوات الناخبين، أو 40 في المئة بالإضافة إلى فارق 10 في المئة عن منافسه الأقرب، فإنّ التوقعات ترجّح فوزاً سهلاً لرافاييل كوريا، في الجولة الثانية المقرّرة في السادس والعشرين من تشرين الثاني المقبل.
ومن أبرز منافسي كوريا على الرئاسة الإكوادورية، إمبراطور الموز الملياردير الفارو نوبوا، الذي يخوض الحملة الانتخابية بمظهر رجل الأعمال المؤمن ، حيث يتراوح خطابه بين استحضار العامل الديني والتشديد على أهمية المال في تحسين معيشة السكان، وهو نادراً ما يطل على جماهيره من دون تأبطه الكتاب المقدّس محذراً من الخطر الشيوعي في إشارة إلى منافسه كوريا ونائبه لينين مورينو، ومهاجما سياسة الخطابات التي يتهم المرشحين اليساريين باللجوء إليها.
في المقابل يسعى كوريا إلى الاستفادة من فشل الأحزاب التقليدية والمؤسسات المالية الدولية في مكافحة الفقر في الإكوادور، واعداً بتعليق المفاوضات مع واشنطن بشأن حرية التجارة، وبإعادة هيكلة الدين الخارجي.
وفي ما يتعلق بالسياسة الداخلية، يعد كوريا بالقيام بإصلاحات دستورية، عبر الدعوة إلى انتخاب جمعية تأسيسية تتمتع بسلطات كاملة، تعمل على وضع دستور جديد للبلاد، يعزز من صلاحيات رئيس الجمهورية، بهدف التخلص من حالة عدم الاستقرار التي تشهدها الحياة السياسية في الإكوادور منذ أكثر من عشر سنوات.
وإذا كان كوريا يعتبر من أبرز اصدقاء تشافيز والرئيس البوليفي ايفو موراليس، فإنّه فاق الرئيس الفنزويلي بأشواط في عدائه للإدارة الأميركية. ففي حين يصف تشافيز الرئيس الأميركي جورج بوش ب الشيطان ، يعتبر كوريا أنّ هذا القول يشكل إهانة للشيطان ، ويضيف الشيطان ذكي، لكن باعتقادي فإن بوش رئيس أبله، تسبب بضرر بالغ لبلاده وللعالم .
وفي حين ينظر إلى كوريا (43 عاماً)، الذي تولّى وزارة المالية في حكومة الرئيس الحالي الفريدو بالاسيو، على أنّه من الغرباء عن الساحة السياسية في الإكوادور، فإنّه استطاع أن يحقق تقدماً ملحوظاً في الأوساط الشعبية، نظراً لشخصيته الكاريزمية وسياسته الراديكالية التي تتماشى مع الاتجاه اليساري والشعبي المتصاعد المناهض للولايات المتحدة والذي ينتشر بسرعة في منطقة أميركيا اللاتينية.
وفي بلد يحتل فيه الدين أهمية كبرى، يقدّم كوريا نفسه على أنّه يساري مسيحي ، مؤكداً أن توجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية تتغذى من الكتاب المقدس والعقيدة الاجتماعية للكنيسة .
ويتخوّف العديد من الاقتصاديين في الإكوادور من أن يلحق كوريا أضرارا بالاقتصاد الوطني في حال انتهج سياسة مماثلة لتوجهات حليفه تشافيز، فيما يؤكد آخرون أنّ خلفيته الأكاديمية الاقتصادية ستجعله يحتذي بنموذج الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، في السعي لاجتذاب المستثمرين، مع التركيز على الشأن الاجتماعي.
وفيما يواجه كوريا تحديات انتخابية ضخمة، أبرزها التوجه إلى الناخبين الفقراء، الذين يبدون لا مبالاة استثنائية حيال الاستحقاق الأهم في الحياة السياسية لبلادهم، فإنّ المهمة الأصعب التي ستعترضه، كما اعترضت أسلافه، هي مسألة الاستقرار السياسي، الذي تفتقده الاكوادور، الدولة التي لا يسعى رؤساؤها إلى تجديد ولايتهم، بقدر ما يسعون إلى إكمالها.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد