الاتهامات المتبادلة بين النظام السوري ومعارضيه تضع مبادرة أنان على كف عفريت
في موازاة تأكيد وزير الخارجية السورية وليد المعلم لنظيره الروسي سيرغي لافروف على التزام سوريا بخطة المبعوث العربي الأممي إلى سوريا كوفي أنان، وان بعض قوى المعارضة هي التي لم تلتزم، أمهل "الجيش السوري الحر" ما وصفه بـ"جيش النظام" مهلة يومين لوقف النار تحت طائلة استئناف الهجمات. وفي المقابل، أشار أنان إلى انه من المبكر القول بفشل المبادرة، خصوصاً أنّ هناك فرصة ممتدة لغاية الثاني عشر من نيسان يتخللها أكثر من محطة بارزة لأنان الذي يتنقل بنشاط بين انقره وطهران في مسعى لترتيب الوضع برمته بعد أن تمّ ربط الأزمة السورية بمشاكل المنطقة برمتها وبتداعيات الربيع العربي، كما بالمباحثات الأميركية الايرانية التي تبدأ في غضون الأيام القليلة المقبلة في أنقره.
ووسط هذه المؤشرات والمعطيات، تعرب مصادر واسعة الاطلاع على الحراك الدبلوماسي عن اعتقادها بأنّ موسكو ودمشق وبعض الدول المعنية توافقت في ما بينها على إعطاء الجيش السوري مزيدا من الوقت للقضاء على مكامن الخطر الامني والعسكري من خلال الحسم، لا سيما بعد أن نجح الجيش السوري بفضل تعاونه مع أجهزة الاستخبارات الروسية والايرانية واستفادته من الخبرات الاستخبارية والتكنولوجية لديهما من تفكيك العديد من الشبكات المرتبطة ببعض الدول الداعمة للجيش الحر، والقضاء على بعضها الآخر وشل حركتها، وذلك في ظلّ معلومات يؤكدها أكثر من زائر للعاصمة السورية، ومفادها أنّ أجهزة الأمن السورية تمكنت من إلقاء القبض على ضابط مخابرات رفيع الرتبة تابع لاحدى الدول الاوروبية يعتقد انها بريطانيا يرافقه ضابطان من الرتبة عينها واحد فرنسي وآخر تركي، وهم يشكلون قيادة ميدانية مدعومة باجهزة اتصالات متقدمة للغاية لاحدى المجموعات الرئيسية التابعة للجيش الحر. وتم نقلهم إلى دمشق على متن مروحية سورية للتحقيق معهم وتوثيق مشاركتهم في الاعمال الامنية ضد النظام قبل رفع التقرير إلى الخارجية الروسية لتوظيف الواقعة في عملية خلط الاوراق الاقليمية والدولية الجارية على قدم وساق.
وما يعزّز هذا الاعتقاد الثقة الزائدة التي أبداها المعلم لدى زيارته لموسكو، واستمرار أنان بمحاولاته الجادة لانقاذ ما يمكن إنقاذه من البنود الستة المتوافق عليها، مع الاشارة إلى أنّ النظام السوري يعتبر ان المبادرة مفخخة في أكثر من بند، وهو وافق عليها بالرغم من ذلك للتخفيف من الاجواء الضاغطة على موسكو من جهة، ولعلمه الاكيد بان الدول الداعمة للجيش الحر وعلى رأسها السعودية وقطر هي من سيعمد إلى نسف المبادرة وتفريغها من مضمونها بعد أن بات ثابتا بأنّ واحدة من الدولتين قد تكون كبش المحرقة من جهة ثانية، وبالتالي فان النصيحة الروسية والاشارة الايرانية قضتا بموافقة الحكومة السورية على مبادرة انان ومن ثم العمل على تعليقها ريثما يتمكن جيش النظام بحسب وصف المجتمع الدولي من تبديل موازين القوى وقلب المعادلة لمصلحة الرباعية السورية الروسية الايرانية والصينية.
في السياق، تكشف المعلومات أنّ محادثات أنان في تركيا سلكت أكثر من خط، وهي لم تقتصر على الازمة السورية فحسب بل تطرقت إلى الدور المستقبلي لتركيا التي طالما شكلت رأس الحربة الميدانية ضد النظام السوري، وفتحت حدودها المشتركة أمام شتى أنواع تهريب الرجال والسلاح، كما شكّلت القاعدة الرئيسية لقيادة المعارضة والجيش التابع لها. وتاليا، فإنّ تركيا بدأت تطالب بأثمان مواقفها، والمقصود بالطبع ليس الأثمان المباشرة، بل السياسية المتعلقة بايجاد التوازن مع ايران لاسيما على مستوى الدور في دول الخليج.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد