الانتخابات التركية في جولتها الثانية: المساومات واحتمالات الصفقة

21-08-2007

الانتخابات التركية في جولتها الثانية: المساومات واحتمالات الصفقة

الجمل:     برغم الفوز الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية (AKP) التركي الإسلامي في الانتخابات البرلمانية الماضية، فإن معركة الفوز بمنصب رئيس الجمهورية التركي، على ما يبدو سوف لن تكون سهلة المنال أمام عبد الله غول مرشح الحزب للرئاسة، والذي يتولى حالياً منصب وزير الخارجية التركي.
• عبد الله غول وماراثون الرئاسة داخل البرلمان:
تم بالأمس إجراء الجولة الأولى من التصويت لاختيار رئيس الجمهورية التركي داخل البرلمان، وبرغم حصول عبد الله غول مرشح حزب العدالة والتنمية على أغلبية الأصوات، إلا أنه لم يستطع الحصول على نسبة ثلثي الأعضاء المقررة دستورياً من أجل حسم الفوز بالنتيجة، ولكن برغم ذلك فمن المتوقع أن يتمسك الحزب بترشيح عبد الله غول، إضافة إلى أن التوقعات تقول بأن عبد الله غول سوف يفوز أيضاً بالأغلبية في الجولة الثانية، ولكن ليس من المؤكد إذا كان سوف يحصل على أغلبية الثلثين. وقد تحدد يوم الجمعة القادم 24 آب الجاري لعقد الجولة الثانية.
وتجدر الإشارة إلى أن عبد الله غول قد حصل في التصويت البرلماني الذي تم بالأمس على 341 صوتاً من جملة عدد الأصوات البالغة 550 صوتاً. وقد نقص عدد الأصوات التي حصل عليها عبد الله غول بـ26 صوتاً، عن العدد المطلوب من الأصوات للوصول إلى نسبة الثلثين.
• المساومات واحتمالات الصفقة!
تمسك حزب العدالة والتنمية بترشيح عبد الله غول، هو أمر يتشدد الحزب في التمسك به والإصرار عليه، ومن أبرز الدلائل على ذلك، أن حزب العدالة والتنمية، قد رفض أي تسوية أو مساومة مع الأطراف الأخرى، عندما لم يحصل مرشحه عبد الله غول على العدد المطلوب، الأمر الذي أدى إلى حدوث أزمة رئاسية، ودفع الحزب باتجاه الخيار الصعب، وهو الانتخابات المبكرة، وبرغم (المخاطرة) واحتمالات أن يفقد الحزب سيطرته على الحكومة، إلا أنه خاض المعركة الانتخابية بثقة عالية، حيث حصل على عدد أكبر من الأصوات والمقاعد، الأمر الذي عزز مكانة الحزب البرلمانية من جهة، ومن الجهة الأخرى أدى إلى ردع الأطراف الداخلية مثل القوى العلمانية، والمؤسسة العسكرية التركية، إضافة إلى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، ونقل رسالة واضحة (المضمون) لهذه الأطراف بأن أي محاولة لاستخدام المؤسسة العسكرية في الانقلاب على حكومة الحزب معناه مواجهة بين الشارع التركي والمؤسسة العسكرية، وفي هذه الحالة سوف تكون المؤسسة العسكرية وحلفائها هم الخاسرون.
• رئاسة عبد الله غول والتداعيات الجيو- سياسية المحتملة:
برغم تولي رجب طيب أردوغان منصب رئيس الوزراء، وعبد الله غول منصب وزير الخارجية في الحكومة الحالية، فإن عبد الله غول هو الشخصية القائدة والنافذة في حزب العدالة والتنمية، واستناداً إلى توجهات حزب العدالة والتنمية المركزية، الرامية إلى العمل من  أجل إدماج تركيا ضمن بيئتها الإقليمية كنقطة تقاطع جيو- سياسي بين الشرقين الأوسط والأدنى، فإن أبرز التداعيات المحتملة يمكن أن تتمثل في الآتي:
- السياسة الداخلية:
سوف تشهد تركيا إصلاحاً دستورياً على مستوى محاور سلطة الدولة الثلاثة: السلطة التشريعة، السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية،.
كذلك من أبرز القضايا الداخلية التي سوف يتصدى لها (الرئيس المحتمل) عبد الله غول نجد: الفساد، الإصلاح التعليمي، الإصلاح الاقتصادي، توسيع القطاع العام التركي، والاهتمام ببرامج العدالة الاجتماعية من أجل رفع مستوى المعيشة وتقليل معدلات الفقر.
- السياسة الخارجية:
وتعتبر حجر الزاوية بالنسبة لتركيا في الفترة القادمة، وذلك لأن العلاقة بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية التركية، كانت طوال الفترة السابقة، لا تخضع لقاعدة تكييف السياسة الخارجية وفقاً لمتطلبات السياسة الداخلية، وإنما تخضع بدلاً من ذلك لقاعدة تكييف السياسة الداخلية بحسب متطلبات السياسة الخارجية، الأمر الذي جعل توجهات القوى الكبرى والعظمى المتمثلة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تلعب دوراً كبيراً في عملية صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية التركي، وقد أدى ذلك بمرور الوقت إلى قيام تركيا بدور (الوكيل) لأمريكا والاتحاد الأوروبي في المنطقة، وبالتالي تشير التوقعات إلى أن عبد الله غول (الرئيس المحتمل) سوف يعمل من أجل استقلالية صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية التركية، ومطالبة حلفاء تركيا مثل أمريكا وبلدان الاتحاد الأوروبي بتخفيض وتقليل سقف مطالبهم بما يتكيف وينسجم ويتلاءم مع سقف السياسة الخارجية التركية الذي سوف يكون بلا شك أكثر ارتفاعاً في حالة فوز عبد الله غول بالرئاسة.
• توازنات الجولة الانتخابية القادمة:
تقول المعلومات بأن الموقف الراهن في معركة الرئاسة التركية هو كالآتي:
- حزب العدالة والتنمية يتشدد في التمسك بعبد الله غول.
- نتيجة التصويت تشير إلى أن عبد الله غول لن يحصل على العدد المطلوب، إلا إذا وجد الدعم من 26 نائباً برلمانياً من كتلة المعارضة.
- لن يستطيع أي مرشح من المعارضة النجاح إلا إذا حصل على مساندة حزب العدالة والتنمية وهو أمر غير ممكن.
- لن تستطيع المعارضة العلمانية، أو المؤسسة العسكرية التركية التدخل لقمع البرلمان أو الحكومة، كما كان يحدث في الماضي، تحت ذريعة حماية العلمانية، وذلك لأن نتيجة الانتخابات البرلمانية الأخيرة تتجسد حقيقتها ومغزاها الحقيقي ليس في فوز حزب العدالة والتنمية، وإنما في هزيمة أطروحات المعارضة ا لعلمانية والمؤسسة العسكرية على مستوى الشارع التركي وعبر صناديق الاقتراع.
وعموماً تقول التوقعات بأن عبد الله غول سوف لن يحصل على نسبة الثلثين المطلوبة في الجولة الانتخابية القادمة، ولكنه سوف يفوز بعدد ربما يكون أكبر بقليل مما حصل عليه.
بعد تخطي الجولة الثانية بنجاح، فإن عبد الله غول سيكون قد قطع 90% من الطريق إلى كرسي رئاسة الجمهورية التركية، وذلك لأن الدستور التركي يحدد بوضوح أن الفوز بمنصب الرئاسة في الجولة الثالثة يتطلب فقط مجرد الحصول على الأغلبية البسيطة، أي نسبة 50% زائد واحد، وهي نسبة سيستطيع عبد الله غول الحصول عليها بكل سهولة.
وبرغم الطريق المضمون للرئاسة الذي يسير فيه حزب العدالة والتنمية، وبرغم التأييد الشعبي الواسع في الشارع التركي لبرنامج حزب العدالة والتنمية، فإنه من غير المستبعد، حدوث بعض التطورات المفاجئة خاصة من جانب الجيش التركي الذي يرتبط كثيراً بتوجهات الولايات المتحدة الأمريكية إزاء تركيا والمنطقة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...