(التلطيش): ظاهرة منتشرة بين الشباب وتتفنن به الفتيات

11-03-2009

(التلطيش): ظاهرة منتشرة بين الشباب وتتفنن به الفتيات

من المعروف أن الرجل بإمكانه أن يسلب عقل المرأة بالغزل والكلام المعسول المحبب إلى قلب أغلب النساء اللواتي يعتبرن هذا الكلام إكسير حياتهن وتألقهن الأنثوي، وما يؤكد هذا الكلام اهتمام معظم الإناث من جميع الشرائح والأعمار بشكلهن ورشاقتهن ولباسهن وزينتهن، فيدفعن مبالغ باهظة مقابل الحصول على فستان مميز أو ماركة ماكياج معروفة أو عطر فرنسي يميز الواحدة منهن عن الأخريات. ومن المتعارف عليه أيضاً أن الرجل يثيره النظر إلى امرأة جميلة، ويستمتع بتأمل تفاصيلها، في حين لا نجد عند المرأة هذه الرغبة الجامحة في النظر إلى رجل وسيم جذاب، فالمرأة مخلوق فائق الإحساس، كتلة من المشاعر تتحكم بقراراتها وطريقة تفكيرها وتعاملها مع الآخرين، الأمر الذي يؤكد عشق النساء إلى كلمات تدغدغ مشاعرهن وتزيد من ثقتهن وترفع معنوياتهن. 
 للغزل أنواع وأشكال ومصادر عديدة، فقد يغازل الرجل المرأة بوردة حمراء، أو بجملة يعبر من خلالها عن إعجابه بأنوثتها وجمالها، وهذه العبارات ممكن أن تتعرض لها المرأة بأماكن مختلفة (في العمل من قبل زميل لها وقد تسمعها من حبيبها أو خطيبها أو زوجها أو صديقها، وفي أحيان كثيرة قد تتلقاها من الشباب المارين في الشارع ليسمى هذا الغزل حينها التلطيش (المعاكسة) الذي يتفرع بدوره إلى عدة أشكال وأنواع:تلطيش فيه شيء من التهذيب والذوق يعبر الشاب من خلاله عن جمال الفتاة المارة بجانبه دون تجريح، وهناك تلطيش يجرح المشاعر ويؤذي الأحاسيس.
أما النساء فتتفاوت نسب تقبلهن لهذا الكلام بين معلنات استياءهن في حين يخفين مشاعرهن الحقيقية فتجد داخلهن فرحاً كبيراً جراء هذا الكلام، ونسبة أخرى من النساء متصالحات مع أنفسهن يعلنَّ ابتهاجهن من هذه العبارات، ، في حين نجد أخريات مستاءات فعلا من هذه الطريقة التي يعتبرنها سوقية وغير أخلاقية.
والحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها أن المرأة التي تسمع هذه الكلمات هي امرأة لافتة للنظر أو في أسوأ الاحتمالات تمتلك شيئاً أو ميزة لفتت نظر الجنس الآخر إليها.

(و. ح) فتاة عمرها 30 سنة: لا أكون سعيدة مطلقاً عندما أتعرض لكلمة من أي شاب في الطريق والسبب أن كل واحد منا يعرف ميزاته، فعندما تكون (التلطيشة) عن شيء ليس موجوداً فيك فتقول (يخرب بيتك) شو كذاب.. وبعض التلطيشات يثير عصبيتي لدرجة لا يمكن أن أصمت حينها فأرد بقسوة وأحياناً أتمنى أن يتمادى الشاب كي أجرجره إلى السجن.
حياتنا تطورت وكل شيء فيها تغير فلم تعد الموضة والمظهر الخارجي يستدعيان التلطيش، هناك أشياء كثيرة أهم من أن يقف شاب في الطريق ليعاكس بنات العالم ويسمعهن الكلام الغليظ وربما الجميل!
أعتقد أن ظروف الحياة يجب أن تدفع الشاب للاهتمام بأمور أكثر قيمة وكثيرا ما أتساءل عن موقف الشاب الذي يعاكس فتاة ما في الطريق لو شاهد من يعاكس شقيقته؟
فردوس قاديش (22 سنة): يبدو أن هذه العادة أصبحت سمة من سمات حياتنا اليومية.. فهذه الأشياء وهذه التصرفات نتعرض لها يومياً وعلى مدار ساعات خروجنا من المنزل.
وعليه أرى ضرورة عدم الاكتراث بها، فليس أمامك من خيار إلا أن تشفق على هؤلاء الشبان الذين يقضون معظم أوقاتهم في الشوارع لملاحقة الفتيات والتحرش بهن، ومن جانب آخر علينا ألا ننسى دور البيئة الاجتماعية التي لم توفر البيئة السليمة لتلاقي الجنسين.. فهذا مهم جداً.
لأن الحرمان من الشيء يؤكد ويعزز الحاجة إليه تماماً مثلما يدفع إلى التصرف بطريقة مرفوضة ضمنياً من قبلهم.. ولهذا فالمجتمع مطالب بتوفير سبل التلاقي والتواصل بعيداً عن الضغط والتخويف.
وقد يكون التلطيش في الشارع أمراً عادياً ومستساغاً من قبل البعض... فالشبان يمارسون هذه العادة بكل أريحية ومن دون حد أدنى من الحرج أو الشعور بالخجل وهؤلاء قليلاً ما يفرقون بين الصالح والطالح ولا يتوقفون عند حد معين.
وعندما أسير في الشارع أحاول عدم الاكتراث بهؤلاء الشبان كي لا أسمح لنفسي بسماع الكلمات السيئة والبذيئة أحياناً وأعتقد أن الشاب الذي يقوم بمثل هذه التصرفات هو ابن بيئة مختلفة ومتخلفة اجتماعياً وأخلاقياً وتعاني من القهر والكبت الاجتماعي.. ويتحمل المجتمع المسؤولية الرئيسية عن مشكلات الشباب التي تحد من تصرفاتهم السيئة وتجعلهم يبدون تائهين يتخبطون بكل ما يجدونه أمامهم... وكذلك هناك فتيات يجدن متعة وتسلية بتحرش الشبان بهن كلامياً في الطريق... وأعتقد أن هذا التصرف يقلل من قيمة الشاب قبل أن يقلل من قيمة الفتاة.
سناء 25 سنة، تعتبر أن الشاب الذي يعاكس الفتاة بطريقة محترمة أي أن يمدح صفات موجودة فيها، شاب (مهضوم) وكله نظر، فتقول: لا يمكن لأي شخص أن يرى الجمال أو شيئاً لافتاً ويقف صامتاً دون أن يبدي رأيه، فنحن البنات عندما تمر من أمامنا فتاة جميلة لا نرفع نظرنا عنها، فما حال الشاب؟ وبالنسبة لي أفرح عندما أسمع كلاماً جميلاً من شاب في الشارع، فمن المؤكد أن شيئاً فيّ لفت نظره، وعلى العموم كل الفتيات يفرحن بالكلام الجميل ومن تقول عكس هذا الكلام كاذبة أو معقدة.
أم أنس 45 سنة تقول: لا أريد أن أكذب على نفسي وعلى الآخرين، عندما أسمع كلاماً جميلاً من شاب في الشارع أطير من الفرح والابتهاج، فهذا يدل على أنني مازلت مرغوبة من الجنس الآخر، وأنني أتمتع بميزات الأنوثة، وأنا أفعل ما بوسعي لكي أبدو أصغر وأجمل فأمارس الرياضة بشكل يومي تقريباً واستعمل الماكياجات المرتفعة الثمن إضافة إلى كريمات المعالجة والوقاية من الشيخوخة، واختار ملابسي بطريقة أبدو فيها أصغر كالجينزات والتيشيرتات، والموضة الحالية تساعد كثيراً سواء بالقصات أم الألوان.

- أما الشباب فيعتبرون الفتاة هي من تدفعهم للقيام بهذا الفعل سواء بمشيتها أم لباسها أم طريقة ماكياجها:
سامر(22 سنة):الشاب كتلة أحاسيس، ولا يمكن أن يقف صامتا أمام فتاة جميلة ترتدي تيشيرتاً ضيقاً يكشف أغلب الجسم، وبنطال جينز يظهر مفاتن جسدها...... كما أن الفتاة لو كانت رافضة لهذا الكلام لاحتشمت بلباسها وارتدت ما يليق بها في الشارع.
يضيف سامر أنه يرى الفتيات في الجامعة وكأنهن ذاهبات إلى حفلة رقص وليس إلى كلية للتعلم.
فراس 23 سنة:يعتبر التلطيش والمعاكسة (جبران خاطر للفتاة) فيقول:عندما تقضي الفتاة ساعات أمام المرآة وهي تتجمل وتتزين، لابد أن تكافأ على هذه النتيجة التي أدت إلى لفت نظر المحيطين بها، وهل من المعقول أن يتجاهل الشاب فتاة كهذه، ما سيؤدي إلى جرحها وكسر خاطرها.

- من المعروف أن الشاب هو صاحب المبادرة في العلاقة التي تجمعه مع الفتاة، ولم نعتد كشرقيين حسب عاداتنا وتقاليدنا أن تقوم الفتاة بخطوة البداية، معتبرين أن الموضوع متعلق بكرامة الفتاة وقيمتها، ورغم ذلك ظهرت بعض الفتيات اللواتي يتحلين بشيء من الجرأة وقمن بالاعتراف للشاب بحقيقة مشاعرهن والإحساس الذي ينتابهن تجاهه ؛لكن الأمر المستهجن وغير الطبيعي أن تقوم الفتاة بمعاكسة (تلطيشه) الشاب وملاحقته الأمر الذي أكده مجموعة من الشباب الذين التقينا معهم:
سعيد 33 سنة يقول: المعاكسة ليست حكراً على الشباب فالظاهرة منتشرة بين الفتيات وبكثرة على عكس ما هو معروف. في يوم من الأيام كنت ذاهباً لمقابلة أصدقائي في أحد المقاهي وأنا في طريقي إليهم بسيارتي، بدأت سيارة بملاحقتي، وعندما وقفنا عند الإشارة الضوئية اكتشفت أن السائق فتاة في العشرين من عمرها، فتحت الشباك وأعطتني إشارة لأفتح شباك سيارتي، ظننت أنها تحتاج إلى مساعدة، ولكنها صدمتني عندما أخبرتني أنها تود مشاركتي في فنجان قهوة.

دارين صالح

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...