التونسيّون يحيون ذكرى بلعيد بالغناء والموسيقى
أحيا آلاف التونسيّين من مختلف الأجيال والرؤى السياسية، أمس، ذكرى أربعينية اغتيال شهيد اليسار والحركة التقدمية شكري بلعيد في قصر الرياضة في المنزه، بحضور عديد من الشخصيات الحقوقية والثقافية والسياسية والنقابية من تونس ومن العالم العربي وأميركا اللاتينية.
إحياء الذكرى انطلق يوم الجمعة الماضي وتواصل السبت والأحد، حيث شهدت مقبرة الجلاز حشوداً من التونسيين جاؤوا للترحم على الشهيد ورفعوا شعارات في مسيرة حاشدة من مقبرة الجلاز الى شارع الحبيب بورقيبة تندد بالقتل والاغتيال.
وأعلن زعيم الجبهة الشعبية، حمة الهمامي، أن الجبهة ستختار الوقت المناسب للتحرك لإسقاط الحكومة التي تعتبرها الجبهة تكريساً للفشل وإعادة إنتاجه. وقد لوحظ الحضور الأمني الكبير في المسيرة التي تمت من دون اي إخلال أمني، على عكس المسيرات السابقة لقوى المعارضة التي عادة ما تنتهي بالكثير من العنف والفوضى.
وفي سياق متصل، أعلن شقيق الشهيد، عبد المجيد بلعيد، تلقيه تهديدات من جهات سلفية. أما أرملته المحامية بسمة الخلفاوي، فقد أكدت أن بلعيد اغتيل، لكن الأفكار التي آمن بها ودافع عنها ستتواصل وستكبر رغم غيابه.
في هذا الوقت، يحتد الجدل حول من سيكون الأمين العام لحزب الوطنيين الديموقراطيين الموحد، فيما برز اسم أرملته بسمة كمرشحة لهذا المنصب. وتُعدّ زوجة بلعيد، أحد الوجوه البارزة للحركة النسوية والحقوقية في تونس، إذ تحمّلت مسؤوليات قيادية في جمعية «النساء الديموقراطيات».
وفي سياق متصل، أعلن وزير الداخلية الجديد لطفي بن جدو (قاضٍ) أنه تم تخصيص فريق كامل من أهم الخبراء الأمنيين للكشف عن القتلة. وشارك في هذه المسيرة الحاشدة حسب تقديرات وزارة الداخلية نحو عشرة آلاف من أنصار الجبهة الشعبية وجبهة الاتحاد من أجل تونس.
وقد كانت الشعارات ضد الحكومة وخاصة ضد حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، الذي تحمّله قوى المعارضة المسؤولية السياسية والأخلاقية في اغتيال بلعيد.
وكان إحياء الذكرى بعد مرور أربعين يوماً على وفاته قد انطلق من المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة، إذ نظّمت عمادة المحامين ذكرى الشهيد بحضور ممثلين عن المحامين.
أما البرنامج الثقافي فقد انطلق أمس من منزل بلعيد في ضاحية المنزه بإطلاق ألف بالون ملون بالأبيض والأحمر. وهو نفس ما حدث في الوقت ذاته في مدن تونسية أخرى مثل الكاف وجربة وتالة وسيدي بوزيد. وامتدت هذه الذكرى الى كل من برلين وباريس والقاهرة وبرازيليا.
وفي قصر الرياضة بالمنزه، غنى الآلاف مع فرقة البحث الموسيقي وفرقة أولاد المناجم وفرقة عيون الكلام والفنانين بندرمان وبديعة الحريزي وآمال المثلوثي. ومن الوطن العربي، حضر خالد الهبر من لبنان، وسعيد المغربي من المغرب، والشعراء أولاد أحمد وسليم دولة وعبد المجيد البرغوثي.
ويمثّل كل هؤلاء أصواتاً شاهدة على سنوات القمع وعلى مجد اليسار في الجامعة التونسية والفضاءات النقابية. كما أصبح شكري بلعيد موضوعاً لشريط تسجيلي للحبيب المستيري، وموضوعاً لأعمال فنية في النحت والفن التشكيلي والموسيقى. كذلك كتب الكثير من الأغاني في رثائه، من بينها ما غناه محمد بحر ومجموعة عيون الكلام والأزهر الضاوي.
قد يكون بلعيد رحل، لكنه ازداد حضوراً في الذاكرة الثقافية والسياسية، إذ تحمل الآن الشوارع وكذلك قاعات الجامعات والمراكز الثقافية والشوارع اسمه. فلم يكن القتلة يدركون أنهم يزرعونه في كل مكان كصوت من أصوات الحرية والتنوير والحداثة.
نور الدين بالطيب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد