الثوار يواجهون هجوماً مركزاً وكتائب القذافي توشك على استعادة مصراتة

أعلن ثوار ليبيون وشهود، أمس، أن قوات العقيد معمر القذافي أطلقت نيران أسلحة ثقيلة على الثوار، واستعادت السيطرة بلدة صغيرة شرق مدينة سرت مسقط رأس القذافي خلال الليل . وتسنى سماع الدوي المتقطع لنيران الأسلحة الثقيلة صباح أمس، خارج النوفلية الواقعة على بعد نحو 120 كيلومتراً شرق سرت وهي قاعدة عسكرية أيضاً .

وشاهد مراسل “رويترز” عشرات السيارات تحمل مدنيين يفرون مسرعين من النوفلية على الشريط الساحلي إلى الشرق في طريقهم لبلدة بن جواد، ومروا بمجموعة من مقاتلي المعارضة يأخذون قسطا من الراحة بجوار شاحناتهم الصغيرة .

وتراجع الثوار في شرق ليبيا أمام نيران قوات القذافي وباتوا على بعد 100 كلم من سرت التي يريدون السيطرة عليها، وتوقف تقدم الثوار المستمر منذ الأحد، على بعد 60 كلم من سرت مساء أمس الأول الاثنين بضغط من قوات القذافي . إلا أنهم اضطروا إلى التراجع لمسافة أربعين كلم صباح الثلاثاء أمام نيران القوات الموالية المدعومة بالأسلحة الثقيلة وقذائف الهاون حتى باتوا في بلدة النوفلية .

وصرح عدد من الثوار بأنهم يتوقعون “إطلاق نار من مقاتلات (الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي” لإحراز تقدم عسكري والتقدم بالتالي نحو سرت .

وقال حمد العوني أحد قادة المعارضين هذا طريق مشكلة، بالأمس هاجمنا القذافي ولذلك انسحبنا” . وأضاف أن قوات القذافي استخدمت صواريخ وقذائف صاروخية وأسلحة من عيار متوسط لإجبار المعارضين الذين تجمعوا شرق سرت على الانسحاب . وقال معارضون آخرون ومدنيون إنهم يعتقدون أن القرى الواقعة عند مدخل سرت تشكل تهديداً محتملاً لأن سكانها يؤيدون القذافي .

وقال أشرف محمد وهو مقاتل معارض إن قوات القذافي تطلق على مقاتلي المعارضة صواريخ من طراز (غراد) . وأضاف أن بعض سكان القرى الواقعة قرب النوفلية أطلقوا النار على المعارضين أثناء تقهقرهم من منازلهم لمساندة قوات القذافي .

وقال مصطفى موسى (49 عاماً) أحد سكان النوفلية وهو يفر في سيارة أجرة انه يبدو أن قوات القذافي تسيطر على البلدة وتدعمها ميليشيات مسلحة مؤلفة من السكان المحليين . وأضاف “رأيتهم يطلقون النار من النوفلية” .

وفي منتصف النهار ومع سقوط أولى القذائف على بن جواد، تراجع الكثير من الثوار إلى ميناء رأس لانوف النفطي الذي يبعد 45 كلم عن بن جواد . وعلى الطريق كان المشهد التقليدي لحالات النزوح الجماعي، عائلات مكدسة في عربات .

في غضون ذلك، تقدمت قوات القذافي مدعومة بقذائف دبابات داخل مصراتة (150 كلم شرق) التي لا تزال قطاعات عدة فيها خاضعة لسيطرة الثوار، وقال متحدث باسم الثوار “مصراتة في خطر، فقوات المجرم تتقدم داخل المدينة والدبابات تقصف عشوائياً” . وأضاف أن القوات الموالية للنظام لا تسيطر سوى على القسم الشمالي الغربي من المدينة . وتابع إن “المجزرة التي تم تفاديها في بنغازي بفضل تدخل قوات الائتلاف سترتكب في مصراتة” .

وأمكن سماع دوي نيران أسلحة أتوماتيكية على نحو متكرر على مقربة ومبعدة كما أمكن مشاهدة سحب دخان تنبعث من عدة مناطق بالمدينة . وتمركز جنود عند نقاط تفتيش حول شارع طرابلس الواقع في ضاحية في القطاع الجنوبي من المدينة وتسيطر عليه القوات الموالية للقذافي . وأمكن رؤية أربعة من المسلحين الموالين للقذافي على أسطح حول المنطقة التي نقل الصحافيون إليها .

وبدت مبان كثيرة أصابها وابل من الرصاص وتحطمت النوافذ، وشوهدت بقايا عربات عسكرية ومدنية محترقة وصهاريج وقود . وكان هناك عدد قليل من المدنيين داخل المدينة وعلى مشارفها .

وأعلن طبيب من مستشفى مصراتة أن قوات القذافي قتلت 142 شخصاً على الأقل وأصابت أكثر من 1400 بجروح خلال هجومها ضد الثوار، وأوضح “منذ 18 مارس/ آذار تلقيا 142 قتيلاً على الأقل” . وأضاف “نعجز عن إحصاء الجرحى لكننا تجاوزنا 1400 شخص” أكثر من تسعين منهم في حالة الخطر .

من جهته، قال المجلس الوطني الانتقالي المؤقت إن ما لا يقل عن 12 ألف شخص من نشطاء المعارضة “أبعدوا” إلى سجون ومعسكرات للجيش في العاصمة طرابلس وحدها . وقال المنسق المساعد في المجلس جمعة القماطي إن معظم المعتقلين من الشباب، لكن هناك أيضاً نساء اختفين، حيث تمارس قوات الزعيم الليبي معمر القذافي سلطة “ترهيب وتخويف واختطاف” في العاصمة” .

وأضاف القماطي أن المجلس ليس لديه رغبة في الانتقام، “لن نشنق الناس في الشوارع، لكن نعتزم إرساء القانون والنظام” . وذكر أن الشعب الليبي “يواجه مذبحة” من قوات القذافي بينها “مذبحة من البحر” ترتكبها القوارب الحربية .

إلى ذلك، أكد الأميرال بيل غورتني مدير هيئة الأركان الأمريكية المشتركة أن النظام بدأ إقامة نقاط تفتيش ونشر دبابات في سرت . وأوضح أنه يجري اتخاذ خطوات مماثلة في مناطق أخرى، ولا تزال هناك اشتباكات كثيفة في مدينة مصراتة الرئيسية .

وقال غورتني “نعتقد أن النظام يستعد لإجراء تحصينات في سرت، حيث أقام عددا من نقاط التفتيش ووضع دبابات في جميع أنحاء المدينة” . وحذر من أن تقدم المعارضة قد يكون “محدوداً” . وأضاف “من الواضح أن المعارضة ليست منظمة تنظيماً جيداً، لذا فإن أي مكسب سيكون محدوداً استناداً إلى ذلك” . وأوضح أن المعارضة تستفيد من الضربات الجوية التي تشنها قوات التحالف، لكنه شدد على “أننا لا ننسق بشأن ذلك” .
- من جهةأخرى أعلنت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس أمس، لشبكة “إيه .بي .سي” أن الولايات المتحدة “لا تستبعد” تقديم مساعدة عسكرية للثوار الليبيين بهدف مساعدتهم على إطاحة العقيد معمر القذافي . وقالت “لدينا بالطبع مصلحة كبرى في رحيل القذافي من السلطة”، مذكرة بأنه رغم أن مهمة الولايات المتحدة في إطار تفويض الأمم المتحدة محصورة “بحماية المدنيين”، إلا أن هدفها على المدى الطويل هو الوصول إلى إسقاط نظام العقيد الليبي .

وأضافت رايس أن “ذلك يتطلب قطع الموارد عن القذافي ومنعه من استخدام مرتزقته وأسلحته وتقديم مساعدة للثوار والمعارضة وإطلاق عملية سياسية” . وردا على سؤال عن احتمال أن تقدم الولايات المتحدة مساعدة عسكرية مباشرة للثوار لتحقيق هذا الهدف، قالت “لم نتخذ هذا القرار لكننا لا نستبعده” . وأضافت “على القذافي أن يتخذ قرار مغادرة السلطة، لكن ليس لدينا مؤشرات بعد تدل على انه يستعد للقيام بذلك” . مشيرة إلى أن الامر يعود في نهاية المطاف “للشعب الليبي” .

المصدر: وكالات