الحرب على لبنان في الصحف الإسرائيلية اليوم

15-07-2006

الحرب على لبنان في الصحف الإسرائيلية اليوم

تعاملت الصحف الإسرائيلية مع الحملة العسكرية الإسرائيلية على لبنان بوصفها حربا مفتوحة. واعتبرت، وفق العناوين الرئيسية لصحفها الكبرى، أن المعركة الجارية حاسمة وأن <الهدف، نصر الله> بحسب <يديعوت أحرونوت> و<سحق حزب الله> بحسب <معاريف>. أما <هآرتس>، فاكتفت بوصف تقريري يظهر أن <حيفا تحت القصف وإسرائيل تستعد لمهاجمة الضاحية في بيروت>.
ولاحظت كل الصحف تقريبا استعداد الجمهور الإسرائيلي لتحمل أعباء المعركة لفترة معينة، إن كان المقابل لذلك هو إبعاد خطر حزب الله. وبدا أن الصحف جميعها، بأشكال متفاوتة، تؤدي دورا إسناديا للجيش والحكومة في هذه المعركة. فالأحداث الجارية، كما كتب المراسل السياسي لصحيفة <معاريف> بن كسبيت، سوف <تقرر صورة دولة إسرائيل في السنوات المقبلة>.
واعتبر كسبيت أن ما يجري هو <اختبار الدولة. اختبار التراص الاجتماعي. اختبار قدرة الصمود. قدرة التحمل. الشرق الأوسط برمته ينظر إلينا الآن. يفحصنا. هل حسن نصر الله، صاحب نظرية <خيوط العنكبوت> كان محقا؟ هل المجتمع الإسرائيلي آخذ في الضعف، آخذ في اللين، إلى أن ينهار أمام المقاومة الإسلامية الكبرى؟>.
وقال <يجب أن يخرج حزب الله من المعركة مضروبا، مهشما، زاحفا، نازفا وصارخا. محظور أن يتمكن حزب الله من الاقتراب بعد اليوم من الجدار الحدودي. مخزون صواريخه يجب أن يصفى. هذا التهديد يجب أن يلغى. نصر الله يجب أن يموت>.
وبدا جليا أن تحديد مثل هذه الأهداف والإعلان عنها، يعني منح الريادة والكلمة الفصل للجيش. وبحسب كسبيت، فإن أولمرت أبلغ الجنرالات <قوموا بعملكم. فأنتم تعرفون بالضبط ما العمل لإزالة هذا التهديد عن إسرائيل. ونحن سنحرص على توفير حرية العمل وكل ما يلزم>.
وأشار كسبيت إلى أن خطة إزالة الخطر موجودة <منذ عهد رئيس الأركان (شاؤول) موفاز. فقد أعدت منذ الخروج إياه من لبنان... شاؤول موفاز، الرجل الذي أعد المسار، يؤدي اليوم أيضا دورا في تطبيقه. أولمرت و(وزير الدفاع عمير) بيرتس يستشيرانه. حزب الله هو القاعدة في منطقتنا، كما يقول موفاز. ونصر الله هو بن لادننا، وعليه فيجب ضربهم بكل القوة. وكان موفاز هو الذي أوصى بإغلاق لبنان فلا أحد يدخل ولا أحد يخرج. ولا يوجد أحد محصن، كما أجمل وزير الدفاع السابق الوضع>.
ويشدد كسبيت على أن <الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى بضعة أيام كي يحقق المهمة. شيئا ما مثل 4 5 أيام. اجتماع طارىء لمجلس الأمن هذا الصباح يسرق قليلا الأوراق. أما أولمرت فيقسم أنه يوجد لدينا كل الوقت الذي في العالم>.
أما المراسل السياسي ل<يديعوت> شمعون شيفر، فأكد في مقالة بعنوان <الهدف: نصر الله> أن أولمرت منح الجيش كامل الحرية في العمل لإزالة <خطر حزب الله>. وأشار إلى أن أولمرت شدد أمام قادة الجيش على <نحن نقاتل على جبهتين. في الجنوب في مواجهة حماس وفي الشمال في مواجهة حزب الله. وفي الجبهتين يجب أن نخرج منتصرين وأن نقرر قواعد اللعبة>. ويضيف أن أولمرت لا يخفي أن هدفه هو <سحق حزب الله> ولذلك فإنه يكرر أمام مقربيه بأنه <لن يكون هناك أي ضبط للنفس>. ويذهب بيرتس خطوة أخرى فيعلن لقد <توقعنا أن يحطم حزب الله القواعد، أما نحن فسوف نحطمه هو>.
ويتحدث شيفر عن أن <المفارقة هي أن حكومة أولمرت، خلافا للحكومة برئاسة مناحيم بيغن وأرييل شارون عشية حرب سلامة الجليل، ليس لديها طموح بإقامة <نظام جديد> في المنطقة. غير أن اختطاف الجندي جلعاد شاليت واختطاف الجنديين من الجيش الإسرائيلي على يد حزب الله أجبرا حكومة أولمرت على إعادة تعريف السياسة الأمنية لإسرائيل. وبتعبير آخر، إقامة <نظام جديد>.
وبرغم ذلك أشار شيفر إلى أن أولمرت، بخلاف رئيسي حكومة إسرائيل السابقين منذ الانسحاب من لبنان، إيهود باراك وأرييل شارون، أدرك المخاطر الكامنة في منظومة الصواريخ في جنوب لبنان. وكتب شيفر أن هذه المخاطر على المراكز السكانية، أقضت مضاجع أولمرت الذي أقر في المداولات الأمنية التي جرت بعد أسر الجنديين أنه كان يعرف بأنه <في نهاية المطاف سوف نتدحرج نحو هذه اللحظة وسنضطر للتصدي لصواريخ حزب الله في ظل المخاطرة بالجبهة الداخلية>.
ويخلص شيفر إلى أن <المفاجأة الاستراتيجية> كانت بالتالي من نصيب نصر الله، الذي أخطأ في قراءة الخريطة السياسية الإسرائيلية وفي تحليل الثلاثي: أولمرت، بيرتس وحلوتس. هذا الثلاثي يبدي رباطة جأش ومستعد لان يرد الحرب بأحجام لم نشهدها في هذه المنطقة. ليست هذه هي المرة الأولى عندنا، التي تقوم فيها حكومة تتكون من <محبين للسلام> بالذات وليس من <نافخي طبول الحرب> من اليمين، فلا تخشى من اتخاذ خطوات متطرفة تنطوي على مس ب<أبرياء>.
ويكمل المعلق العسكري في صحيفة <يديعوت> أليكس فيشمان نظرية <أخطاء نصر الله> ومنها استخفافه بحكومة إسرائيل التي يعتقد <أنها حكومة ضعيفة قابلة للضغوط وغير قادرة على تنفيذ تهديداتها>. ويرى أن نصر الله لم يدرك أيضا أن <الجمهور الإسرائيلي سئم ابتزاز تنظيم إرهابي صغير له طوال عشرين عاما. الخطأ الآخر الذي ارتكبه حسن نصر الله هو افتراضه أن إسرائيل تجد دوما من يقف في طريقها، كما كان يحدث في السابق خاصة الولايات المتحدة. أميركا تقول الآن لإسرائيل أنها موافقة على تحطيم عظام حزب الله، ولا يبدو أن أحدا في الغرب يكترث لقيام إسرائيل بسفك دماء الحزب. الأمر الوحيد الذي يمكنه أن يوقف العملية الإسرائيلية في الجبهتين هو حدوث كارثة إنسانية فظيعة، تدمير بيروت أو خطر نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وسوريا. ولكن إذا حرثت إسرائيل جنوب لبنان فلن يكترث أحد>.
ويعتبر فيشمان أن <الهدف الاستراتيجي لإسرائيل هو تغيير <النظام الحدودي> القائم في الشمال من خلال الضغط على اللبنانيين لإجبار حزب الله على الابتعاد عن الحدود والتخلي عن مناطق الحكم الذاتي التي أقامها هناك>. ويضيف أن إسرائيل <ترغب بهز الجهاز السياسي الداخلي في لبنان وإضعاف قوة حزب الله العسكرية والسياسية، كل ما يمت ل<حزب الله> بصلة هو هدف مشروع>.
ويرى فيشمان أن المستوى الأول من الأهداف العملياتية هو <ضرب الأهداف العسكرية التابعة للحزب> التي باتت أسهل مما كان عليه الحال في التسعينيات، بسبب عسكرة ومأسسة حزب الله. أما المستوى الثاني فهو <الضغط على الطائفة الشيعية المتمركزة في الجنوب وضرب مصالحها>. ولكن المستوى الثالث هو <ضرب مصالح مراكز قوى أخرى في لبنان مثل الدروز والمسيحيين. ضرب المطار والسياحة والاقتصاد المركزي> بقصد دفع هذه القوى <للعمل بصورة أكثر حزما على نزع سلاح حزب الله واستقلاليته داخل لبنان>.
ويخلص المعلق العسكري ل<يديعوت> إلى أنه من أجل تحقيق الأهداف المعلنة لإسرائيل يحتاج الجيش لتنفيذ خطتين: <واحدة جوية وأخرى برية. البرية ستنفذ إذا لم تؤدِ الضربات الجوية إلى إسكات مصادر إطلاق الصواريخ، حيث سيتم الزج بقوات برية من اجل إبعاد مصادر إطلاق الصواريخ إلى الوراء وتقليص مدى إصابتها في هذه الحالة>.
ويحاول المراسل العسكري ل<معاريف> عمير رافبورت أن يشرح الروحية التي يعيش فيها الجيش الإسرائيلي بعد الإهانة التي تعرض لها في عملية أسر جنوده في زرعيت. وهو يشير إلى أنه، إضافة إلى الثمن الباهظ الذي دفعه الجيش، فإنه <طوال سبع ساعات من ذلك الهجوم لم يتمكن الجيش من الاقتراب من موقع العملية. الجنود الذين كانوا يراقبون مركبة الهامر المحترقة، ظلوا يراقبونها من بين الأشجار لساعات وهم يخشون الوصول إليها لفحص حالة رفاقهم هناك، حيث كانت قذائف مدفعية الهاون التابعة لحزب الله تقصف تلك المنطقة وتمنع الوصول إليها. خسائر كبيرة خسرها الجيش في ساعة واحدة من يوم قتال واحد، واختطف اثنان من جنوده، وما تزال قوات حزب الله تحاصر الموقع وتمنع جنود الجيش من الاقتراب من هناك. هذا هو سبب الشعور بالخجل، فجيش كبير وقوي، دبابته محترقة، فيها بقايا جنوده، يقف لساعات طويلة لا يقوى على التقدم، هذا ما يُسمى ب<قواعد لعبة جديدة> فرضتها هذه المنظمة الإرهابية الشيعية على جيش الدفاع الإسرائيلي، مع أن هذا الجيش يملك سلاح جو يعتبر الثاني في العالم من حيث عظمته وحجمه بعد الولايات المتحدة>. واعتبر أن هذه كانت فعليا سياسة <إذلال> للجيش الإسرائيلي.
وبعد أن يبين رافبورات تبريرات الجيش الإسرائيلي لسكوته عن وجود قواعد اللعبة هذه التي استمر في إطارها رجال حزب الله في التواجد على الحدود، يعتبر أن السماح بذلك شكل <الخطأ الاستراتيجي> ليس للجيش وحده وإنما للحكومات أيضا. ف<كل الحكومات الإسرائيلية منذ الانسحاب من جنوب لبنان في العام ,2000 قايضت <هدوءا نسبيا> على حساب الوضع والمستقبل الاستراتيجي البعيد المدى، وعلى حساب قوة ردعها. إذا كان الخطأ في الجنوب هو عدم القيام بعملية على غرار <أمطار الصيف> بعد سقوط القسام الأول الذي أُطلق باتجاه مستوطنات الجنوب بعد الانسحاب، ففي الجنوب اللبناني الوضع أسوأ بكثير لأن إسرائيل لم تنفذ تهديداتها منذ الانسحاب من هناك قبل ست سنوات، مع أنها انسحبت إلى الحدود الدولية>.
ويتفق رافبورات مع أولئك الذين يخطئون حزب الله في تقديراته حيث يشير إلى أن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين تماثل في أهميتها عملية <بيرل هاربور> اليابانية ضد أميركا. وهو يرى أن هذا الهجوم <لم يترك لإسرائيل خيارا عدا العمل من اجل <تغيير قواعد اللعب>.
ومع ذلك، يعتقد رافبورات أن التوقيت غير مناسب أيضا لإسرائيل التي تخوض حربا شرسة، نهايتها غير مفهومة وغير واضحة، على جبهة أخرى في الجنوب. كما أن إدعاء تغيير قواعد اللعبة في مكان قبل النجاح في تغييره في مكان آخر يضع علامات استفهام. ولهذا السبب وبرغم تصنيف إسرائيل للحملة في لبنان على أنها عملية، إلا أنها في الواقع حرب بكل معنى الكلمة.
وينتقد رافبورات الأهداف العسكرية لحملتي <أمطار الصيف> في غزة و<الجزاء المناسب> في لبنان ويعتبرها <أهدافا عسكرية شاذة>. فالحملتان <استهدفتا الضغط الشديد والمؤلم على المواطنين في غزة وفي لبنان من اجل إعادة الجنود المختطفين، وكل واحد في جبهته وعلى النحو الخاص به. والى حد ما، فان إسرائيل تراهن على حياة جنودها المختطفين في كلتا الجبهتين، وتحاول أن تضع حدا لعمليات الاختطاف والابتزاز، وترميم ولو جزء بسيط نسبيا، من قوة ردعها التي فقدتها منذ سنين طويلة>.
ويشدد على أن عملية <أمطار الصيف> التي تقف على أعتاب الأسبوع الرابع منذ بدايتها، معقدة للغاية لأن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة في استمرار عمليات ضغطه من دون التورط والانجرار إلى مستنقع الدخول إلى غزة>. كما أن <عملية الجزاء المناسب> في لبنان، التي تبدو سهلة، هي عملية أكثر تعقيدا من تلك التي نراها في غزة، وذلك من حيث التهديد المتوقع، ذلك التهديد المتوقع على المواطنين الإسرائيليين في العمق الإسرائيلي، والذي يأتي من الشمال>. ف<الصلية الأولى من صواريخ الكاتيوشا التي أطلقها حزب الله يوم أمس (الاول) باتجاه مدينة نهاريا ردا على الهجمات الليلية التي شنتها طائرات سلاح الجو على مواقع لبنانية، بما فيها المطار الدولي في بيروت، تسببت صباح أمس (الاول) بأضرار بالغة، بما في ذلك مقتل سيدة في صباح اليوم نفسه. ومدى الصواريخ التي بحوزة حزب الله تصل إلى 75 كيلومترا، ويمكنها أن تغطي كثيرا من المناطق في العمق الإسرائيلي، بما في ذلك مدينة حيفا. وهنا لا نتحدث عن النوعية، بل أيضا عن الكميات، ولكي تصيب كميات كبيرة تتجاوز في عددها 13 ألف صاروخ مُخزن في مخازن تحت الأرض، بُنيت خصيصا لهذه الغاية بعمل وجهد متواصلين لسنوات، فان الجيش الإسرائيلي يحتاج على الأقل إلى أسبوعين متواصلين ستلحق بالمواطنين الإسرائيليين في شمالي البلاد ضربات قوية وخسائر فادحة، وخلال الأسبوعين يمكن أن تطلق صواريخ باتجاه مصافي النفط في حيفا، مما يعني خسائر وأضرارا كبيرة، بما فيها أضرار بيئية ستنجم عن مثل هذه الضربات>.
ويشير رافبورات إلى أنه <إذا تمكن حزب الله من إصابة مواقع في مدينة حيفا، فإن لدى الجيش الإسرائيلي خططا يمكنه بواسطتها أن يتسبب للبنان بخسائر فادحة قد تُكلفه مليارات الدولارات، وذلك عن طريق تدميره لمحطات الطاقة الكهربائية التي سيحتاج لبنان إلى شهرين على الأقل لإصلاحها>.
ويخلص المراسل العسكري ل<معاريف> إلى أنه في غزة ولبنان يعتبر احتمال نجاح العمليات العسكرية في إعادة الجنود الأسرى ضئيلا. و<لكن العملية حقا قد أُعدت، ولو نظريا، لكي تُغير إسرائيل قواعد اللعب، ولكي توجه ضربة قاسية لصواريخ حزب الله. وكذلك، فان الهدف الإضافي هو إجبار الحكومة اللبنانية على نزع سلاح حزب الله. وفي الجيش الإسرائيلي يعرفون جيدا بأنه يوجد فرق كبير وأساسي بين غزة ولبنان. ففي الوقت الذي تحظى فيه حماس بتأييد ودعم شعبي في الأوساط الفلسطينية، ففي لبنان نجد أن الغالبية ليست معنية بحدوث هذه المواجهة مع إسرائيل، وهذه الجماهير التي لا ترغب باستمرار أعمال حزب الله، هي نفسها الجماهير التي تمكنت بفعالياتها من إخراج القوات السورية من لبنان، ولذلك فان لإسرائيل أملا بأن تكون نتيجة هذا الضغط الذي تمارسه أن تقوم جماهير لبنان بالضغط على حزب الله والتخلي عنه، وذلك لأن هذه المنظمة لا تحافظ إلا على المصالح الإيرانية>.

المصدر : السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...