10-08-2020
الحكومة اللبناية : استقالة أم هروب من الإلتزامات
استقالة الحكومة اللبنانية هي طريقة محسنة للهروب من التزاماتها تجاه الشعب والدولة، وتحسبا مما قد تؤول إليه التحقيقات حول أسباب التفجير الكبير الذي هز عواصم العالم .. فالمجتمع اللبناني غارق بجسده في وحول السلفية الطائفية بينما رأسه يعوم فوق مستنقع الفرانكوفونية وأفكار الثورة الفرنسية التي تشربوها من مدارسهم وجامعاتهم خلال مئة عام وأثمرت استقبالا مضاعفا لرئيس فرنسي غير قادر على التجول بين شعبه في باريس كما فعل في بيروت بين أبناء المستعمرة القديمة .. مع التنويه أن فرنسا وغالبية الدول المانحة اليوم هي التي كانت توظف سفاراتها واستخباراتها بالأمس لاستغلال لبنان والمنطقة وتخريب سلامنا ..
فحكومة دياب التي طالب بها الثورجيون شتاء ثم رفضوها صيفا، هي مرقة حكومات ملوك الطوائف السابقة: فهي لم تكن سيئة ولاجيدة، ولاقوية أو ضعيفة، ولم توجد حلولا لمشاكل الناس كما أنها لم ترتكب أخطاء بحجم سابقاتها، وغالبية أعضاءها ينضوون بالعموم تحت جناح ملوك الطوائف لأنهم يحتاجون إلى قوتهم وفعاليتهم لتحقيق حضورهم، فإذا خضعوا لهم لن ينجوا من الفساد وإذا تمردوا عليهم فلن يكون لهم حضور، وهم يذكروني بأعضاء الجبهة الوطنية في بلادنا : لايملكون ولايحكمون أكثر مايسمح به البعثيون .. إذن على لبنان الشعبي أن يغير بنيته السلفية كي يحظى بحكومة تليق بطموحه، وهذا أمر لايمكن الحصول عليه بثورة الجياع فقط، إذ أننا في سورية بعد الثورة السلفية، بتنا نفرق بين الجياع الموظفين لدى أمراء طوائفهم، وبين الجياع الأحرار المستقلين عن عصبياتهم من أجل الجمهورية..
لبنان اليوم يحتاج إلى تغيير الحكومة والرئيس والنواب وبقايا الشعب غير العلماني، لصالح العلمانيين اللبنانيين من كل الطوائف والقوميات، للوصول إلى مستحقات المواطنة التي أقرتها الثورة الفرنسية وطبقتها في بلادها بينما أسست لنظام الدويلات الطائفية في سورية الكبرى .. فإن تفكك لبنان اليوم فسوف تصل تداعياته إلى سورية الأم، كما حصل أثناء الحرب اللبنانية، وإن نهض وحلق بأجنحة الوطنيين العلمانيين فسوف يتنفس السوريون أكثر .. فقد ضيعنا الكثير من الفرص الجيدة خلال عقدين من وجودنا في لبنان، لاعتمادنا على سياسة العسكر وقسوتهم، وكان بإمكاننا، في ذلك الوقت، أن نساهم في إضعاف إحتماء الفرد اللبناني بطائفته عبر تحسين إنتاج المؤسسات الوطنية من العدالة الإجتماعية التي تحافظ على السلام وتساهم بتدعيم تحالفنا لأجلهم وأجلنا، فبيروت بالأمس استقبلت سليل الإنتداب بالقبلات في الوقت الذي تحاصر به السفير والشقيق السوري، وكل ذلك يجب أن يدفعنا للإعتراف بالأخطاء التي ارتكبها موظفونا وعملاؤهم هناك، ثم انشقوا عن دولتنا بعدما تركوا كما كبيرا من الأسى في قلوب اللبنانيين ..نحتاج إلى بداية جديدة ، نحن ولبنان كي نجني ثمارها .. فبيروت الرئة ودمشق القلب الذي تحيا به الأم الكبرى سورية ..
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد