الدروس الخصوصية.. إفساد من نوع آخر
أضحت ظاهرة الدروس الخصوصية ، مشكلة مزمنة تهدد السلوكية التربوية وأخلاقيات المهنة التي كنا ، ونتمنى ان تبقى مقدسة، ويجدر بنا، بل وواجب علينا احترام القائمين عليها.
وتتوضح خطورة الظاهرة في أنها لم تعد تقتصر على بعض المراحل الدراسية مثل الشهادات والمواد ذات الاشكالية في المرحلة الجامعية، بل تعدتها إلى جميع المراحل الدراسية فتبدأ من الصف الأول لتنتهي بالجامعة.
ومع اعتقادنا أن الجميع يتوجس من هذه الظاهرة غير السوية، إلا أن أحداً من القائمين على العملية التربوية وبجميع المستويات، لم يبدأ حتى الآن بالمعالجة بشكل جاد ومسؤول.
وإذا ما أدركنا أن القطاع التربوي التعليمي يعد اللبنة الأساس التي يعول عليها في بناء الانسان الواعي المتعلم القادر على البناء والانتاج والعطاء وصولاً الى وطن متقدم يزدهر بأبنائه، فإن ظاهرة الدروس الخصوصية بكل أبعادها ومنعكساتها تفسد هذا القطاع .
وان كنا نسمع انجازات وزارة التربية وخططها المستقبلية وما تصبو إليه من تطوير ومواكبة لأحدث التقنيات والبرامج والسلوكيات والطرق الجديدة في انتهاج سياسة تربوية جديدة، فإننا نسأل لماذا لم يأخذ هذا الموضوع الأهمية التي يستحق، ولم تبدُ حتى الآن أية ملامح جادة وفورية للمعالجة.
نؤكد ان للظاهرة المؤسفة قصة قديمة تبدأ فصولها من ضعف المستوى المعرفي عند عدد من التلاميذ يتوجب معهم رفع المستوى، إلا أن ذلك لا يبرر أي تحول من الحالة الفردية المقبولة في بعض صورها الى عرف وتقليد ومهنة للتكسب «والشاطر يدبر كم طالب».
وتكبر المشكلة وتزداد بشكل لافت خلال وقبل فترة الامتحانات، ومعها تتحول منازل المعلمين، مدارس متنقلة تكثر فيها الطلبات وتزداد معها هموم الأهل ذوي الدخل المحدود الذين تم اقناعهم بأنه لابد من الأمر كي يتحسن «مستوى أبنائهم».
ويبدو ان أسباباً حقيقية وراء هذه المشاكل تتحدد بالتالي:
- اهمال حقيقي للمنهاج المقرر من قبل بعض المدرسين فليس أصعب من أن يتحول المعلم الذي كاد أن يكون رسولاً إلى بائع للدروس بشكل مخفي.
- تجهيل متعمد في جانب وغير مقصود في جانب آخر للطلاب الذين لا يحظون «بنعمة» هذه الدروس في مدارسهم، وذلك بسبب ارتهان المدرسين المتاجرين بتلك الدروس ذات المنفعة المادية الكبيرة للأمر، واعتبارهم فترة الدوام المقررة واجباً يومياً يمكن تمضيته بأي شكل، متناسين أنهم عملوا ليل نهار للوقوف أمام التلاميذ في هذه المدرسة أو تلك مدرسين محترمين.
- وجود حالة من التفاوت بين الطلاب لا تعكس بأي حال المستوى التعليمي للكثيرين منهم، وهذا كله يرتب على الأولياء عبئاً مادياً لاطاقة لغالبيتهم على تحمله ،وإذا كان ثمة تساهل واضح في القوانين والأنظمة تجاه هذه العلة ، فإنه يتعين على الجهات صاحبة العلاقة اتخاذ اجراءات أكثر جرأة وتطال المشاركين، ولو توجب ذلك استخدام الكي، نأمل ذلك؟.
طالب علي
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد