الدول الأوروبية تتدخل بشكل علني في النزاع السوري والإبراهيمي يعوي معهم
وعد وزراء خارجية 11 دولة، شاركت في مؤتمر «أصدقاء سوريا»، وبينها الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية، في روما أمس، بتقديم «المزيد من المساعدات السياسية والمادية» إلى «الائتلاف الوطني السوري»، مؤكدين «ضرورة تغيير موازين القوى على الأرض»، والتنسيق «للمساهمة بأفضل السبل لتمكين الشعب السوري ودعم القيادة العسكرية العليا للجيش السوري الحر»، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي تعديل موقفه من التسليح، ويعتزم تقديم عربات مدرعة لمسلحي المعارضة.
في هذا الوقت، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن مساعدة إضافية تبلغ 60 مليون دولار للمعارضة السورية، بالإضافة إلى مساعدات مباشرة للمرة الأولى للمسلحين، لكن من دون الوصول إلى مرحلة تقديم الأسلحة، لكنه في حين هاجم دور ايران و«حزب الله» والنظام السوري، قال «لا يمكننا أن نراهن على ترك هذا البلد، الموجود وسط الشرق الأوسط، يدمّر من قبل مستبدين فاسدين، أو يخطف من قبل متشددين».
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، خلال مؤتمر صحافي مشترك في موسكو مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، «حققنا تقدماً. لدينا الهدف ذاته وهو تفادي تفكك هذا البلد وعدم ترك الإرهابيين يستفيدون من حالة الفوضى هذه». وأضاف «نرغب في قيام حوار سياسي بين المعارضة وبين طرف مقبول، لكن هناك مسألة طريقة الوصول إلى ذلك عبر الحوار السياسي»، مذكراً بأن باريس ترى انه لا يمكن أن «يمر عبر الرئيس بشار الأسد».
وقال بوتين، من جهته، «فيما يتعلق بسوريا، علينا الاستماع إلى رأي زملائنا بشأن بعض جوانب هذه المشكلة المعقدة». وأضاف مازحاً «يبدو لي انه من المستحيل تبين الأمر بوضوح من دون زجاجة نبيذ جيد، بل من دون زجاجة فودكا»، فرد هولاند مازحاً «ربما مع زجاجة بورتو».
ووعد وزراء خارجية 11 دولة تشارك في مؤتمر «أصدقاء سوريا» بتقديم «المزيد من المساعدات السياسية والمادية» إلى المعارضة السورية. يشار إلى أن عدد الدول المشاركة في المؤتمر تقلص كثيراً، حيث انه وصل في احد الاجتماعات إلى اكثر من 100 دولة. والدول المشاركة في الاجتماع هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا وتركيا ومصر والأردن والسعودية وقطر ودولة الإمارات.
وقال الوزراء، في بيان، إنهم «وعدوا بمزيد من الدعم السياسي والمادي إلى الائتلاف (الممثل) الوحيد والشرعي للشعب السوري وبتقديم مزيد من الدعم الملموس إلى الداخل السوري». وأكدوا «ضرورة تغيير موازين القوى على الأرض».
وأعلنوا أنهم «سينسقون جهودهم بشكل وثيق للمساهمة بأفضل السبل لتمكين الشعب السوري ودعم القيادة العسكرية العليا للجيش الحر في جهودها الرامية إلى مساعدته (الشعب) في الدفاع عن نفسه». ودعوا إلى «وقف فوري لإمدادات الأسلحة للنظام السوري من جانب دول أخرى».
ولم يكد ينفضّ اجتماع روما، حتى أعلن الاتحاد الأوروبي أنه عدل العقوبات على سوريا ليسمح بتوريد عربات مدرعة ومعَدّات عسكرية (غير فتاكة) وتقديم مساعدة فنية للمعارضة على أن توجّه لحماية المدنيين. وقال مصدر أوروبي «كما يمكن أيضاً التدريب على استخدام معدات عسكرية مثل مضادات الصواريخ إذا كان الهدف من ذلك حماية السكان». ويمدّ الإجراء الذي وافقت عليه حكومات الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على سوريا حتى أول حزيران المقبل، ويستجيب لضغط من بريطانيا وأطراف أخرى لتخفيف الحظر الأوروبي على الأسلحة للمقاتلين.
وقال كيري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس «الائتلاف» احمد معاذ الخطيب في روما، إن «الولايات المتحدة ستقدم 60 مليون دولار بشكل مساعدة لا تشمل أسلحة قاتلة من اجل دعم جهود ائتلاف المعارضة السورية في الأشهر المقبلة». وأضاف إن واشنطن ستقدم الآن «إمدادات غذائية وطبية للمعارضة بما في ذلك (المجلس) العسكري الأعلى السوري المعارض».
وتابع كيري، الذي يبدأ اليوم من أنقرة جولة ستقوده إلى مصر وقطر والسعودية ودولة الإمارات، «نحن مع حل سياسي»، مؤكداً ان «على كل السوريين أن يعرفوا أنه يمكن أن يكون لهم مستقبل»، معتبراً أن «ائتلاف المعارضة يمكن أن ينجح في تحقيق انتقال سلمي».
وأعلن أن واشنطن تقدّم المساعدات «لأننا نحتاج للوقوف، في هذه المعركة، إلى جانب أولئك الذين يريدون أن يروا سوريا تبزغ من جديد والديموقراطية وحقوق الإنسان». وأضاف «المخاطر كبيرة جداً، ولا يمكننا أن نراهن على ترك هذا البلد، الموجود وسط الشرق الأوسط، يدمر من قبل مستبدين فاسدين أو يُخطَف من قبل متشددين». وتابع «يجب ألا تعيش امة أو شعب في خوف مما يسمى قادتها»، معتبراً أن قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما «القيام بخطوات إضافية الآن هو نتيجة لوحشية القوات المسلحة بدعم من مقاتلين أجانب من إيران وحزب الله».
ودافع كيري عن قلة تقديم واشنطن للمساعدات، موضحاً أن دولاً أخرى قد تغلق أي فجوة. وأعرب عن ثقته بان «مجموع» المساعدات سيكون كافياً لحث الأسد على بدء تغيير حساباته للبقاء في السلطة. وقال «نحن نقوم بهذا الأمر، لكن هناك دولاً أخرى تقوم بأشياء أخرى».
وقاطعت ناشطة سلام المؤتمر مطالبة بوقف دعم الإرهاب. وحملت لافتة كتب عليها «الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، ايطاليا، قطر، السعودية، تركيا، يدعمون الإرهاب».
من جهته، أعلن الخطيب، خلال المؤتمر مع كيري، انه طرح أمام وزراء الخارجية سلسلة مطالب أبرزها العمل على «إلزام النظام بإيجاد ممرات إغاثية آمنة تحت الفصل السابع لحماية المدنيين». كما طالب «بإعطاء الشعب السوري وثواره كامل الحق في الدفاع عن أنفسهم».
وقالت مصادر ديبلوماسية مطلعة على اجتماع الخطيب وكيري، ، إن رئيس «الائتلاف» تمنى على الوزير الأميركي عدم إثارة موضوع الإرهابيين في سوريا، لأن موقفه ضعيف جداً بعد فقدان دعم «المجلس الوطني» ما جعله غير راغب في فتح مواجهة حالياً معهم. يشار إلى انه لم يحضر احد من المجلس مؤتمر روما فيما اقتصر تمثيل «الائتلاف» على الخطيب ورياض سيف.
في المقابل، كان كيري حازماً في رده، إذ أصرّ على أن الحل السياسي فقط هو ما يهم واشنطن، خوفاً من أن يتسلم الإرهابيون السلطة بعد سقوط النظام، وهو ما بدا واضحاً في رده خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الخطيب. وأشار إلى أن واشنطن تتمسك باتفاقها مع موسكو على أن يكون الحل للازمة السورية وفق «بيان جنيف» في 30 حزيران الماضي.
إلى ذلك، أعلن العضو في «الائتلاف» سمير النشار أن «الائتلاف» أرجأ مؤتمره الذي كان مقرراً غداً في اسطنبول لاختيار «رئيس حكومة»، إلى موعد غير محدد. وقال «اعتقد أن أمراً ما حصل في روما. لا يمكنني أن أقول إن هذه معلومات، لكن هذا تحليلي، خصوصاً أن رئاسة الائتلاف اتخذت قرار الإرجاء خلال وجودها في روما». ورجح أن يكون السبب «محاولة أميركية - روسية لفتح حوار بين النظام السوري والائتلاف، وهذا ستنتج عنه حكومة انتقالية، الأمر الذي يتعارض مع فكرة تشكيل حكومة مؤقتة من قبل الائتلاف».
وقال المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، خلال زيارة إلى مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، إن الرئيس السوري «ينظر للتظاهرات على أنها مؤامرة كونية على بلاده بمساعدة عناصر من الإرهابيين. الدائرة المحيطة بالأسد هي التي توحي إليه بذلك».
وأشاد الإبراهيمي بمبادرة الخطيب، معتبراً أنها أحرجت الحكومة السورية. وقال «إذا اتفقت روسيا والولايات المتحدة اتفاقاً حقيقياً سيسهل الوصول إلى قرار دولي، لكن لقاءت سابقة بين وزيري خارجية الدولتين ومساعديهما كانت مخيبة للآمال». وأضاف إن «الأوضاع في سوريا خطيرة للغاية، ولا بد من مواصلة الجهود من قبل كافة الأطراف للبحث عن أرضية مشتركة بين الحكومة والمعارضة من أجل الخروج من النفق المظلم». وتابع «وقف شلالات الدم في سوريا ووقف إطلاق النار لا يمكن أن يتحقق في المستقبل القريب إلا وفق حزمة للحل النهائي».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد