الشارع التونسي يعود إلى الثورة والسلطات إلى الاعتقالات والقمع

09-05-2011

الشارع التونسي يعود إلى الثورة والسلطات إلى الاعتقالات والقمع

واجهت الثورة التونسية في الايام القليلة الماضية، واحدا من اخطر تحدياتها عندما فرضت السلطات التونسية المؤقتة حظرا للتجوال بدءا من أمس الأول، لاحتواء تظاهرات معارضة، وسط قمع من جانب عناصر الشرطة للمواطنين وعدد كبير من الصحافيين، اعاد الى الاذهان عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، فيما أقالت السلطات وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي من منصبه في رئاسة الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بعد إعلانه أن الجيش يستعدّ لتنفيذ انقلاب عسكري في حال فاز حزب «النهضة» الإسلامي في الانتخابات. شاب تونسي يرشق قوات الأمن بالحجارة فيما يفر شبان من القنابل المسيلة للدموع خلال اشتباكات وسط تونس أمس (رويترز)
في هذا الوقت، طرح رئيس الوزراء التونسي الباجي قائد السبسي، أمس، إمكان تأجيل الانتخابات المقررة في تموز المقبل، موضحا انه من الممكن أن تجرى في موعد لاحق لأسباب فنية إذا دعت الحاجة، لكنه شدد، في مقابلة مع التلفزيون الحكومي، على أن تونس ما زالت تعمل لإجراء الانتخابات في الموعد المقرر. ومن المقرر أن تجرى الانتخابات في 24 تموز لاختيار جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا بعد اطاحة الرئيس زين العابدين بن علي في كانون الثاني الماضي.
وقال رئيس حزب «النهضة» راشد الغنوشي، في مقابلة مع «فرانس برس» إن التونسيين «يشكّون في مصداقية الحكومة» الانتقالية، وإن «الجيش هو الدعامة الوحيدة التي تقوم عليها البلاد». واعتبر الغنوشي أن «الوضع في تونس خطير» وخاصة في العاصمة التي تشهد منذ أربعة أيام تظاهرات مناهضة للحكومة يتم قمعها بقسوة. وقال إن «رد فعل الحكومة حيال ما حدث خلال التظاهرات كان وحشيا والشرطة ردت بقسوة شديدة. انهم يرفضون إدراك ما حدث من تغييرات وان من حق التونسيين التظاهر».
وتعليقا على تصريحات الراجحي الذي حذر من «انقلاب عسكري» في حال فوز الإسلاميين في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، اعتبر الغنوشي أن الراجحي «قام بصب الزيت على النار في أجواء متفجرة، وذلك في سياق يشك فيه الشعب في مصداقية الحكومة بالنسبة لتنفيذ أهداف الثورة»، مؤكدا عدم اتفاقه مع الراجحي «في اتهامه الجيش بالتلاعب وإراقة الدماء لان الجيش هو الذي أنقذ الشعب من حمام دم».
وفيما تأتي هذه التظاهرات الجديدة مرتبطة بتصريحات الراجحي الذي قال إن الجيش سيقوم بانقلاب عسكري في حال وصول «النهضة» إلى السلطة، قام الرئيس المؤقت للبلاد فؤاد المبزع بانهاء مهام الراجحي على رأس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
في هذه الأثناء، حكم القضاء التونسي على ابن اخي زوجة الرئيس المخلوع عماد الطرابلسي بالسجن عامين مع النفاذ ودفع غرامة قيمتها ألف يورو بتهمة تعاطي مادة مخدرة. واعتقل الطرابلسي في 14 كانون الثاني الماضي، يوم فرار بن علي إلى السعودية، وهو معتقل مع باقي أفراد أسرته في قاعدة العوينة العسكرية قرب العاصمة تونس.
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية أمس الأول، حظرا للتجوال في العاصمة ومحيطها من الساعة التاسعة مساء حتى الخامسة صباحا.
ودعت وزارتا الداخلية والدفاع، في بيان مشترك، السكان إلى التقيد بحظر التجوال الليلي، وحذرتا من أن كل مخالف «سيعرض نفسه للخطر وللتبعات القانونية».
وكان وسط العاصمة شهد أمس، مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين. وانشد المتظاهرون وعددهم قرابة المئتين على درجات المسرح البلدي وفي جادة الحبيب بورقيبة النشيد الوطني مرات عديدة قبل أن يرددوا شعارات معادية للشرطة التي طالبتهم بالتفرق. إلا أن المتظاهرين طالبوا مجددا برحيل الحكومة، فأطلقت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع لتفريقهم.
وقال مصدر في وزارة الداخلية ان النيران أضرمت في خمسة مراكز للشرطة والحرس الوطني خلال الاضطرابات التي شهدتها تونس وضواحيها قبل بدء العمل بحظر التجول الليلي. وأضاف انه تم امس الاول السطو على متاجر ومحلات في جادة الحبيب بورقيبة وسط العاصمة وفي الكرم والغوليت في الضاحية الشمالية.
ولم يحل فرض حظر التجوال دون وقوع أعمال عنف وفوضى في الضاحية الكبرى، خصوصا في حي التضامن الفقير، حيث سطت مجموعات من الشبان على متاجر وقامت بترهيب السكان خلال الليل. واعلن عضو في «النهضة» ان الحركة «نشرت عددا من المتطوعين لحماية الناس من اعمال السطو».
وقال مصدر مقرّب من الحكومة إن «ميليشيات تابعة لحزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (التجمع الدستوري الديموقراطي) تدفع المال لشبان من اجل إثارة الشغب في البلاد».
واعتدت الشرطة السبت الماضي على المتظاهرين في جادة الحبيب بورقيبة في العاصمة، بالهراوات والغاز المسيل للدموع، فيما رشق المحتجون الشرطة بالحجارة، وهتفوا ضد الحكومة المؤقتة أمام مقر وزارة الداخلية، مطالبين باستقالة رئيس الحكومة الباجي قائد السبسي ومنادين بانطلاق «ثورة جديدة».
كما ذكرت مصادر شبابية تونسية أنه في «الساعة الرابعة والنصف صباحا، تمت مداهمة منزل الناشطين في الاتحاد العام لطلبة تونس في كلية العلوم في مدينة بنزرت، احمد الذوادي وحسام بن ترديات. وذلك من قبل قوات الجيش وميليشيات تابعة لحركة النهضة. وقد قاموا باخذ هواتف الرفيقين ووثائقهما من المنزل. وتمت هذه المداهمة على خلفية الاحتجاجات الاخيرة» التي شهدتها بنزرت أيضا ومعها مناطق عديدة من البلاد.
وقمعت قوات الامن بشدة 15 صحافيا يعملون لوسائل اعلام تونسية ودولية خلال تغطية التظاهرات.
ونددت الصحف التونسية باعمال العنف، مشددة على ان «شيئا لا يبرر هذا القمع الوحشي».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...