العلاج بالألوان
لغة الألوان لغة سهلة عالمية يفهمها الجميع بالفطرة ، فالألوان تزين حياتنا وتملؤها بالفرحة والبهجة ، وعالم الألوان يحيط بنا في كل مكان وزمان تجده في الطبيعة ، البيت ، العمل ، الشوارع، الملابس . فالإنسان يحتاج إلى الألوان ليجعل من حياته شيئاً له طعم وإلا أصبحت الحياة رتيبة باردة , وذلك لأن الألوان لها أثر كبير على النفس البشرية .
ويفضل بعض الناس لونا معينا على لون آخر ، ويرجع ذلك الى أن جسم الإنسان يحتاج إلى ألوان معينة دون سواها لتحسين أداءه الذهني والجسدي ، وأنه يتوجه إلى الألوان التي تنقصه في أوقات مختلفة من حياته.
الطب البديل لا يتبع في طرق تشخيصه للأمراض مباديء الطب الحديث ولكنه يعتمد علي الأمور الطبيعية ، وعلي القدرات الحسية والنفسية والجسدية للإنسان .
ويرى الدكتور عبد الشافي خشبة أستاذ الطب النفسي ، أن استخدام الأمور الطبيعية كوسيلة من وسائل العلاج أمر محمود ، ولكن العلم إلى حد كبير يعتد علي الطبيعة وعلي مخلوقات الله عز وجل وعلي ملاحظات ومشاهدات في الطبيعة واكتشافات في بعض الأوقات ، فهذه الأمور كلها نظمها العلم ورتبها واستخلص منها الشيء المطلوب لفائدة البشرية ، ففي مجال الطب مثلا ، كثير من الأدوية مستخلصه من أبحاث وأشياء طبيعية موجودة في الطبيعة سواء أكانت أشياء حيوانية أو نباتية ، فلا أرى أى تعارض أصلا بين الطب البديل والطب الذى نظمه العلم ، لأنه في الحاليتين ، سواء أكان هذا أم ذاك هو في النهاية أشياء طبيعية وموجوده في الحياة ، ولكن استخدمت بشكل علمى ، وقننت وأخذها الإنسان .
وعلي سبيل المثال أن الشيء الفلانى إذا قيل أنه يمكن استخدامه في علاج الإسهال مثلا ، واستخدمت بشكل عشوائى ، من غير معرفه للجرعة ولا حدود استعمالها ، او نبه لها شخص ليس لديه خلفيه علمية كافية، فمن الممكن أن هذا الشيء يزيد الإسهال أو يؤدى الى مضاعفات أخرى كثيرة بشكل أو بأخر .
فالعلم في هذه الحالة قنن هذه الأمور ووضعها في مكانها الطبيعي العلمى السليم الذي يمكن أن يستفيد منه الإنسان ، فالرجوع الى الطبيعة شيء جميل ، ولكن في النتهاية العلم مطلوب جدا جدا لأنه نظم هذا الكلام فإننا لم نخرج عن الطبيعة .
هناك أمر أخر يجب الإشارة اليه أن هذا الكلام قد يكون قوله حق يراد بها باطل بأن يبعد الناس عن العلم وعن الطب ، وأرى أنه قد يكون هناك نوازع شخصية تجاه الأطباء وتجاه الأدوية ، والمسألة لا يصح أن تتخذ بهذا الشكل ، فالأصل أن نحكم علي الأمور بشكل علمى سليم وليس من خلال هوى أو رغبة شخصية أو عداء لجهة معينة أو أى أمر أخر .
كل ما خلقه الله سبحانه وتعالى إذا استخدم بشكل سليم فمن الممكن أن يكون في ذلك سببا لإسعاد البشرية ، وفي نفس الوقت إذا استخدم استخدام سيء ممكن أن يكون سببا لشقاء البشرية .
فيقول الدكتور عبد الشافي أننا نرى بعض الناس يحبون لون معين ويفضلونه علي الألوان الأخرى ، فمثلا بعضهم يفضلون اللون الأزرق الصافي وهو لون السماء فهؤلاء الاشخاص يحسون فيه بالراحة ، فهذه رؤية شخصية تجاه هذا اللون ، ففى العلاج النفسي إذا اكتشف الطبيب أن المريض الذي يعالجه ، يحب لون معين ، فعلي الطبيب أن يركز علي هذا اللون ، ويدخله في أمور المريض المختلفه ، ويعمل له مزج بينه وبين حياة هذا الشخص ، وأموره الشخصية التى تعن له ، ويستخدمه كوسيلة مساعدة للعلاج وليس وسيلة أساسية ، فيستعمل وسيلة مساعده في التأهيل للعلاج أو خلفية مناسبة لعملية العلاج ، ومن خلال ذلك يصل المريض لحالة من حالات السواء النفسيكذلك في العلاقات الاجتماعية فإننا نرى في بعض الأوقات بعض الناس يقومون بتلوين جدران منازلهم بألوان مختلفة ، فكل شخص له رؤيته ورغبته في لون معين فد لا يرغب فيه أناس أخرين ، وهذا راجع للتكوين الشخصي
يقول الدكتور عبد الشافي أن للألوان تأثيراً كبيراً على الحالة المزاجية للإنسان وكذلك تفكيره وسلوكه ، فمثلا نجد هناك بعض الناس يثير اللون الأحمر أعصابهم ويوترهم ، في حين أن هناك بعض الناس تستشعر بلذة عندما تشاهده ، لدرجه أنهم ممكن أن يشعروا بلذة من رؤية لون الدم نفسه ، وهذا كله راجع لتكوين الشخصية ، فهناك شخصيات سوية وشخصيات أخرى غير سوية ، وراجع أيضا للاحتياج لشيء معين تريد تحقيقه أو أمور أخرى ، فنظرة الانسان تختلف للشيء نفسه من شخص لأخر تبعا لتركيبة الشخصية وتأثيرها علي نفسيته وعلاقاته الإجتماعية في الحياة .
وعن الأمراض التى يمكن علاجها بالألوان يقول الدكتور عبد الشافي ، بصفه عامة الأمراض العصابية المعروفة بمسمي الأمراض النفسية ، كذلك بعض الأمراض العقليه ، وأيضا حالة المرح المرضي أو النشاط المرضي الزائد فهو نوع من أنواع الاضطربات المزاجية وفي هذه الحالة تستهوي المريض الألوان الصارخة ، وأيضا حالات الإضطربات الشخصية الهيسترية ، فهذه الشخصية تحب لفت النظر اليها مثلا عن طريق لبس الألوان الملفته للنظر .
يقول الدكتور عبد الشافي خشبة أن تأثير الألوان علي الضرير ضئيل جدا وذلك لأن الألوان ترى بالعين فلابد أن يكون المريض بصيرا ، حتى يستطيع أن يستشعر بالألوان ، إلا أنه يمكن أن يستشعر الضرير باللون إذا استطاع أن يحصل علي وصف دقيق من شخص أخر بصير ، ويكون ذلك من العوامل المؤثرة علي الشخص الضرير ، عندما يوصف له موقف معين أو جو معين ، فهذه الأشياء تكمل الصورة مع بعض.
فنفترض جدلا أن هناك شخص ضرير جالس في حديقه ، فأثناء جلوسه يوجد أكثر من عامل حوله يمكن من خلالهم أن يستشعر بالموقف مثل النسيم العليل ، أصوات الناس ، وحفيف الشجر مع الهواء ، فمن خلال ذلك كله يمكن أن يصل له ايحاءات معينة ، فإذا وجد الضرير من يساعده في وصف الصورة فقد يأخذ فكرة معينة ، وفي هذه الحالة يري بجزء من أحاسيسه ، وجزء من أحاسيس الشخص الأخر ، وفي بعض الأوقات يستخدم أحاسيسه الشخصية في الاستعاضه عن النظر للوصول من خلال خياله وتفكيره بأشياء معينة .
ولذلك فإننا نرى كثير من فاقدى البصر لديهم قدرات ، ليست عند من يملك البصر وعندهم درجات من الإبداع ليست موجوده عند غيرهم ، فمثلا طه حسين ، بالرغم من أنه كان رجلا ضريرا كان لديه خيال واسع جدا ، بدليل أنه ألف قصص كثيرة فيها وصف لناس ، وطبيعة ، مواقف وكان الوصف دقيق جدا ، وهذا الوصف غير قادر علي وصفه كثير من المبصرين .
وأخيرا، يعتبر العلاج بالألوان حاليا حقيقة علاجية وطريقة رخيصة لتحسين بيئة المنازل والمكاتب ولا تحتاج مجهودا في تعلمها ، وفائدتها تكمن في أنها تساعدنا على التواصل مع أنفسنا وطاقتنا وتؤهلنا للتجاوب مع كل الأشياء المحيطة بنا ومع مشاعرنا أيضا ، كما أن الإنسان بفطرته وطبيعته يميل إلى الألوان التي يتعرض أو يتعامل معها في ملبسه ومأكله ومشربه لأن الجسم يميل إلى تعويض النقص في طاقته تلقائيا ، وهذا يفسر سلوكياتنا وتفضيلنا لتناول طعام معين دون سواه أو ارتداء أزياء بألوان معينه .
المصدر: محيط
إضافة تعليق جديد