العمليات السرية البريطانية – الأمريكية في العراق

الجمل: نشر موقع غلوبال ريسيرتش الكندي تقريراً حمل عنوان «الدولة الراعية للإرهاب: العمليات السرية البريطانية – الأمريكية في العراق». والتقرير من إعداد المحلل السياسي أندرو جي مارشال.
* إلقاء الضوء على "العالم السري":
في كانون الأول 2002م نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تفصيلاً لخطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي تم تقديمها للرئيس بوش بعد فترة قصيرة من وقوع أحداث 11 أيلول. وكانت الخطة من إعداد جورج تينيت الذي كان يتولى منصب مدير الوكالة، وقد حملت الخطة اسم «إطار الهجوم في سائر أنحاء العالم». حددت الخطة 80 بلداً على أساس أنها بلدان يتوجب على الولايات المتحدة أن تستهدفها بحملة سرية تهدف لمكافحة الإرهاب وأشارت التحليلات إلى أن تطبيق هذه الخطة سيترتب عليه إعطاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية سلطات واسعة حقيقية تعتبر الأكبر في تاريخها. وتجدر الإشارة إلى أن تينيت قد طالب في الخطة الرئيس الأمريكي بمنح الوكالة المزيد من الصلاحيات والسلطات الاستثنائية في القيام بعمليات الهجوم لجهة تدمير تنظيم القاعدة في سائر أنحاء العالم. وبرر تينيت طلبه بأن الوكالة لا بد أن تتمتع بالحرية في العمل والانطلاق دون قيود أو شروط تحد من قدرتها في العمليات السرية التي تستهدف القضاء على خطر الإرهاب.
* مجموعة العمليات الاستباقية:
في نفس العام 2002م، قامت لجنة البنتاغون العلمية باستحداث مشروع دراسة حول دور العمليات الخاصة والقوات المشتركة في دعم مكافحة الإرهاب، وقد صدرت تسريبات حول هذه الدراسة بواسطة فيدرالية العلماء الأمريكيين. تقول وثيقة الدراسة بأن الحرب على الإرهاب تنطوي على خصم شديد الانهماك ويتمتع بالموارد وقادر على الانتشار عالمياً، وهو أمر يستلزم أن تقوم الولايات المتحدة بالدخول في حرب طويلة عنيفة وغير مقيدة بأي حدود جغرافية أو سياسية أو اجتماعية. ونقلت صحيفة آسيا تايمز بعض التسريبات التي أشارت إلى مخطط الإدارة الأمريكية لمحاربة النار بالنار.
وأشارت التحليلات إلى أن الجيش الأمريكي كان له نطاق مسؤولية عسكرية محدد، وكان لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية نطاق مسؤولية استخبارية محدد ولكن هذه الدراسة أدت إلى تداخل النطاق العسكري مع النطاق الاستخباري بحيث أصبح الجيش الأمريكي يقوم بمهام من اختصاص وكالة المخابرات الأمريكية وأصبحت الوكالة تقوم بمهام من اختصاص الجيش الأمريكي. ولتنسيق هذه التقاطعات فقد أوحت الدراسة بضرورة استحداث أنشطة دعم استخباري – عسكري فاعلة بما يؤدي لتجميع وتوحيد قدرات الجيش الأمريكي وقدرات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ذات الأبعاد والجوانب الاستخبارية – العسكرية الموحدة.
* المشاكل في العراق:
في 5 شباط 2007م نشرت صحيفة التلغراف البريطانية تقريراً يقول بأنه في العمق داخل المنطقة الخضراء العراقية الحصينة، يوجد واحد من أكثر الأسرار المخفية للحرب في العراق، ويتمثل في أحد خلايا الجيش البريطاني المكلفة بالقيام بأشد الأعمال عدوانية وفتكاً، وتحمل اسم «مجموعة الدعم المشترك» وقد تم تدريب عناصر هذه المجموعة على القيام بمهمة تجنيد الإرهابيين وتحويلهم إلى عملاء وجواسيس لقوات التحالف، واستطاعت هذه الخلية تطبيق مهمتها بنجاح عن طريق التغلغل ضمن كافة مستويات قوات الجيش العراقي الحالي واستطاعوا تحويل الأعداد الهائلة من عناصر هذا الجيش إلى عملاء مزدوجين يتعاملون مع المليشيات من جهة ومن الجهة الأخرى مع هذه الخلية البريطانية مستفيدين في تعاملهم المزدوج من الغطاء الذي يوفره لهم وجودهم ضمن قوات الجيش العراقي. وتشير التحليلات إلى أن المخابرات البريطانية قد اكتسبت خبرة تنفيذ مثل هذه العمليات من خلال العمليات السرية التي كانت تنفذها ضد الجيش الأيرلندي السري.
* تشغيل مجموعة العمليات الاستباقية:
تم غزو واحتلال العراق في آذار 2003م وبعد بضعة أشهر وتحديداً في أيلول 2003م تم تفجير أحد المساجد الشيعية المقدسة مما أدى إلى مقتل حوالي 120 شخصاً من بينهم أحد كبار رجال الدين الشيعة. وبرغم حالة الغموض والإبهام وتبادل الاتهامات فقد ارتكبت مجموعة العمليات الاستباقية خطأ فادحاً عندما قبض العراقيون على مجموعة من القوات الخاصة البريطانية في مدينة البصرة وهم يقومون بتفخيخ إحدى السيارات تمهيداً لوضعها وتفجيرها في أحد الأماكن المزدحمة بالعراقيين. وتم القبض على مجموعة من القوات الخاصة الأمريكية وهم يقومون في بغداد بمحاولة تفخيخ مماثلة، وتجدر الإشارة إلى أن البريطانيين الذين تم القبض عليهم في البصرة والأمريكيين الذين تم القبض عليهم في بغداد كانوا يرتدون الملابس العربية ويطلقون لحاهم بنفس طريقة الأصوليين الإسلاميين السنة. وتوالت الأحداث والتفجيرات بعد ذلك، ويقول بعض شهود العيان في منطقة الصالحية الموجودة في بغداد، بأن شخصاً عراقياً تم اختطافه من قبل الأمريكيين ووجد مقتولاً بعد ذلك وأشاروا إلى أن هذا الشخص كان يتحدث أمام سكان الحي بأنه شاهد الأمريكيين وهم يوقفون سيارة مفخخة أمام منزله والتي انفجرت بعد فترة بشكل متزامن مع مرور إحدى السيارات الأمريكية في نفس المنطقة بما يؤكد أن جهاز التفجير اللاسلكي قد تم تشغيله من داخل هذه السيارة.
* مستقبل مجموعة العمليات الاستباقية:
يقول المحلل الأمريكي أندرو مارشال بأن ما حدث في العراق من تدمير وتفعيل لفرق الموت هو بالأساس فعل تعود "جرثومته" للمخابرات البريطانية وبالمشاركة مع المخابرات الأمريكية وتقوم الشركة بين الطرفين على أساس اعتبارات الجمع بين الخبرة والإمكانيات طالما أن المخابرات البريطانية تملك الخبرة الواسعة والمخابرات الأمريكية تملك الإمكانيات الواسعة. وتشير التكهنات والتحليلات إلى أن خطة عمل "مجموعة العمليات الاستباقية" ما تزال موضع نظر وتركيز لجهة المزيد من التدقيق لمحاولة تعميم تطبيقاتها في مناطق الشرق الأوسط الأخرى، وحالياً تركز الجهود على تنسيق جهود هذه المجموعة مع الموساد الإسرائيلي والقوات الخاصة الإسرائيلية بما يؤدي إلى توسيع نطاق عمل خطة مجموعة العمليات الاستباقية، وعلى الأغلب أن تتورط هذه المجموعة في المسرح اللبناني والباكستاني كخطوة أولى تمهيداً للانتقال إلى المسارح الأخرى وفقط يتوقف الأمر على النجاح في استقطاب الأصوليين.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة