المسألة الباكستانية والاستثمارات الأمريكية للحركات الأصولية

06-08-2007

المسألة الباكستانية والاستثمارات الأمريكية للحركات الأصولية

الجمل:     استفادت إدارة بوش كثيراً من أنشطة الحركات المسلحة الأصولية الإسلامية، وذلك لأنها وفرت للإدارة الامريكية (الذريعة) الكافية للقيام بتوظيف موارد أمريكا المالية والعسكرية وتحالفاتها الاستراتيجية في شن الحرب المفتوحة تحت شعار (محاربة الإرهاب).
·       مناطق القبائل الباكستانية:
تقع مناطق القبائل الباكستانية على طول الشريط الحدودي الفاصل بين باكستان وأفغانستان، وأيضاً على امتداده الجنوبي الفاصل بين باكستان وإيران.
تتكون مناطق القبائل هذه من سبعة مناطق إدارية تتمتع بالاستقلال الذاتي، وتعود قصة الاستقلال الذاتي هذه إلى فترة استعمار الامبراطورية البريطانية لمنطقة شبه القارة الهندية التي تتضمن الهند وباكستان، وأفغانستان.
سكان منطقة القبائل ينتمون بشكل أساسي إلى قبائل الباشتون التي تشكل 40% من سكان باكستان و60% من سكان أفغانستان، ويتميزون بجملة خصائص أبرزها:
-         العداء الشديد للهندوس والبوذيين والمسيحيين واليهود.
-         التشدد الإسلامي السني المتعصب.
-         التماسك القبلي والعشائري.
-         عدم الاعتراف بسلطة الدولة المركزية.
وبسبب الوعورة الجبلية، والتماسك الشديد للسكان، إضافة إلى تقاليدهم الحربية الشرسة في مقاومة الأجانب، قام البريطانيون باستخدام سياسة الملك ادوارد الخبيثة القائمة على مبدأ (فرّق تسد)، وبالفعل أقنعوا القبائل البشتونية بإعطائهم حق الحكم والاستقلال الذاتي في مناطقهم مقابل القبول بالوجود ضمن السيادة الباكستانية، وبالمقابل، انتهز زعماء الباشتون هذه الفرصة وقاموا بتشكيل مناطق الاستقلال والحكم الذاتي على هيئة دولة إسلامية، أطلقوا على كل واحدة منها تسمية إمارة إسلامية، وأطلق زعيم كل قبلية على نفسه تسمية أمير المسلمين، وقاموا بفرض الشريعة الإسلامية.. وغير ذلك، الأمر الذي ترتب عليه نشوء (سبع دول) إسلامية أصولية سنية، تعمل على غرار نموذج دولة الخلافة الإسلامية التي كانت سائدة في الماضي.
·       مناطق القبائل الباكستانية والدور غير المعلن:
خلال فترة الحرب الأفغانية- السوفييتية، قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات الباكستانية، والمخابرات السعودية، وغيرها بالعمل على تجميع العناصر الأصولية في هذه المنطقة وإقامة معسكرات تدريب وتسليح المجاهدين، وإعداد منطقة القبائل لكي تشكل القاعدة الخلفية اللوجستية للحرب الجهادية الأفغانية ضد السوفييت.
وعلى خلفية هذه الحرب تزايدت الروابط والصلات بين أمراء المؤمنين الباشتون، وزعما الحركات الأصولية في العالم العربي وآسيا الوسطى والقفقاس وجنوب شرق آسيا، وبالفعل أدت هذه الروابط إلى نشوء تنظيم القاعدة وحركة طالبان وغيرها، كذلك أصبحت هذه المنطقة ملاذاً آمناً لزعماء الحركات الأصولية الإسلامية في كافة أنحاء العالم، وقد أصدر أمراء المؤمنين الباشتون القرارات الشرعية الإسلامية التي تشدد على ضرورة تطبيق مبدأ (حماية المستجير) وفقاً للشريعة الإسلامية.
·       انقلاب الدور المعلن:
بعد قيام الولايات المتحدة بغزو واحتلال أفغانستان انقلب الدور المعلن لمناطق القبائل، وأصبحت تقوم بدور القاعدة الخلفية ومنطقة الإمداد للحرب الجهادية ضد أمريكا في أفغانستان، وأيضاً الحرب السياسية في باكستان ضد نظام الجنرال مشرف المدعوم أمريكياً.
·       استمرار الدور غير المعلن:
تقول المعلومات بأن خبراء وكالة المخابرات المركزية محتارين هذه الأيام بين خيارين هما:
-         التدخل العسكري الأمريكي المباشر من أجل القضاء على الأنشطة المسلحة وقواعد التمرد الأفغاني الموجودة في مناطق القبائل، وذلك على النحو الذي يؤدي لتخفيف المصاعب التي تواجهها قوات الناتو حالياً في أفغانستان، وإلى استقرار حكومة حامد كرزاي الأفغانية، وأيضاً إلى تعزيز قوة نظام الجنرال مشرف، ولكن للقيام بذلك سوف يحرم الإدارة الأمريكية من المزايا المترتبة على استمرار الحركات الأصولية في القيام بعملياتها المسلحة، وهي عمليات تحتاج إليها إدارة بوش من أجل بناء الذرائع التي تدعم وتبرر لها مواصلة الحرب ضد الإرهاب.
-         عدم التدخل العسكري: ويرى الخبراء بأن القيام بذلك سوف يؤدي إلى خسارة أمريكا لنظام الجنرال برويز مشرف ووقوع دولة باكستان النووية في قبضة زعماء الحركات الأصولية الإسلامية، إضافة إلى خسارة أمريكا وحلفائها لأفغانستان، وأيضاً الى تعزيز قوة الحركات الأصولية في مناطق آسيا الوسطى والقفقاس وشبه القارة الهندية، وجنوب شرق آسيا وبالذات جماعة عبد سياف الرب التي أصبحت تشكل تهدياً خطيراً للمصالح الأمريكية في أندونيسيا، والفلبين، وتايلاند، وسنغافورة.. وغيرها.
وعموماً، كما يقال فإن السياسة هي فن الممكن.. تقول بعض التقارير الحديثة جداً، بأن خبراء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يقومون بدراسة (خيار ثالث) يتضمن القيام بتدخل أمريكي محدود يهدف إلى منع هذه الحركات من تهديد أفغانستان وباكستان، وفي الوقت نفسه يضمن استمرارها ووجودها، لأن أنشطتها تقدم المزيد من (الفرص) والموارد القيمية الهامة التي ظل مجلس الأمن القومي الأمريكي يعتمد عليها في صياغة استراتيجية مكافحة الإرهاب الأمريكية، التي ظلت تعتمدها إدارة بوش بالوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية، وبالذات في توفير مبررات وذرائع الضغط من أجل ابتزاز أموال حلفائها مثل السعودية واليابان، وأيضاً في إقناع حلفائها الآخرين بإقامة القواعد العسكرية ونشر قوات الانتشار السريع الأمريكية في أراضيها.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...