باريس تراهن على نفاد صبر أوباما حيال طهران خلال 15 يوماً
شككت باريس امس، في النوايا الايرانية تجاه اتفاق فيينا الذي يقوم على مبدأ مبادلة الوقود المنخفض التخصيب في مقابل الوقود العالي التخصيب، واتهمت طهران بالكذب، مراهنة على «نفاد صبر» ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما خلال أسبوعين، في وقت تلوح في الأفق أزمة جديدة بين ايران وفرنسا حول الباحثة الفرنسية كلوتيلد ريس، المحتجزة في سفارة بلادها في العاصمة الايرانية.
وقال مسؤول فرنسي بارز في باريس، إن الإيرانيين لا يريدون أن تتم الصفقة «ويجب أن نواصل العمل لمنع إيران من الحصول على القنبلة.. إن ما يقوم به الإيرانيون يشكل تهديدا للسلام في الشرق الأوسط، يضاف إلى تهديدات أخرى». وتابع انه «في ما يتعلق بالطاقة النووية المدنية، فنحن مستعدون لمساعدتهم على تطويرها، والتعاون مع روسيا لتصنيع الوقود النووي لتشغيل مفاعل طهران، شريطة أن يعودوا إلى طاولة المفاوضات، لكنهم يكذبون، وأراهنكم أن صبر الأميركيين سينفد خلال 15 يوما».
لكن رئيس معهد الدراسات الإستراتيجية، فرانسوا هيزبورغ، الذي يرفد بتحليلاته مركز صياغة القرار في الاليزيه، بدا مخالفا لهذا الرأي وراهن أن الأميركيين والإيرانيين يواصلون الحوار للتوصل إلى اتفاق حول صفقة التخصيب وصيغة جديدة لتجاوز عقبة فيينا حول كمية اليورانيوم التي يجدر بالإيرانيين تسليمها، والبرنامج الزمني للتسليم «لحاجة واشنطن لتحقيق إنجاز ضروري في ملف إستراتيجي راهنت فيه على الحوار».
وفي المقابل، وفي حين يزيل المسؤول الفرنسي البارز، بحركة من يده، أي احتمال أن تلجأ إسرائيل إلى توجيه ضربة عسكرية للمنشآت الإيرانية، يرى هيزبورغ أن الخيار العسكري الإسرائيلي سيظل مطروحا على الطاولة في الأشهر المقبلة. لكن المسؤول الفرنسي البارز يوافق على قول هيزبورغ إن التساوي في النفوذ بين مراكز القرار، وتعدده المستجد في الجمهورية الإسلامية، من المرشد إلى الرئيس فالحرس الثوري، أصبح عنصرا معقدا لعملية اتخاذ القرار في ظل الخلاف على طريقة إدارة الملف النووي، وتحديد مصير مخزون اليورانيوم المخصب، وهو ما يؤخر الرد الإيراني والتوافق على صفقة فيينا.
وعبر المسؤول الفرنسي عن غضبه إزاء محاولة إيران إقصاء فرنسا عن اجتماع فيينا، أو المشاركة في تنفيذ صفقة تحويل اليورانيوم المخصب، مع روسيا، إلى سبائك وقود نووي لتشغيل مفاعل طهران التجريبي. وكشف أن رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، ألغى لقاء مقررا مع وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير، قبل اجتماع فيينا ومن دون أي تفسير. وكان كوشنير قال امس ان المباحثات مع ايران ستتوقف، اذا لم ترد على عرض تخصيب اليورانيوم.
في هذا الوقت، تلوح في الأفق نذائر أزمة جديدة بين طهران وباريس حول الباحثة الفرنسية كلوتيلد ريس، المحتجزة في سفارة بلادها في طهران ، بانتظار استكمال محاكمتها بتهمة التجسس خلال تظاهرات الاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران الماضي.
ويتجه البلدان إلى أزمة سفارات إذا لم تحترم باريس تعهداتها لدى القضاء الإيراني، أن تلبي ريس دعوات هيئة التحقيق عند استدعائها. وكان الرئيس نيكولا ساركوزي قد نقض التعهد في خطاب له في الأمم المتحدة، منتصف أيلول الماضي، واعدا بأن ريس لن تخرج من السفارة الفرنسية في طهران، إلا لتعود إلى باريس، وهو ما أغضب الإيرانيين الذين يعتبرون ريس «رهينة» ضرورية لمقايضتها بالمهندس النووي الإيراني مجيد كافخند المحتجز في إقامة فرنسية إجبارية، بانتظار البت نهائيا بطلب أميركي لاسترداده.
والأرجح أن عناصر الازمة قد اكتملت ولا تنتظر سوى إشارة الانطلاق، التي سيعطيها القضاء الإيراني بمجرد أن يستدعي ريس وأن ترفض المثول أمام المحققين، خصوصا أن السفارة الفرنسية في طهران استبقت أي طلب من هذا النوع برسالة إلى الخارجية الإيرانية، طالبت فيها بتعهدات إيرانية خطية تمنح ريس حصانة كاملة من أي اعتقال طيلة فترة التحقيق، وأن تعود إلى حرم السفارة في طهران، من دون أي عوائق، بعد كل جلسة تحقيق معها. الإيرانيون يلزمون الصمت حتى الآن.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد