بداية العد التنازلي للمواجهة المحتمة بين بوش والديمقراطيين
الجمل: بدأ العد التنازلي للمواجهة بين الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض من جهة، والكونغرس الأمريكي من الجهة الأخرى، وتعلق المواجهة بميزانية تمويل القوات الأمريكية الموجودة في العراق وأفغانستان.
• موضوع المواجهة:
تقدم الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوشن للكونغرس الأمريكي طالباً الموافقة بمبلغ 90 مليار دولار لتمويل ميزانية القوات الأمريكية الموجود في العراق وأفغانستان.
• موقف الأطراف:
- الديمقراطيون: ويشكلون الأغلبية في الكونغرس الأمريكي (مجلسي النواب والشيوخ)، تبنوا موقفاً رافضاً لوجود القوات الأمريكية في العراق، ويتمتعون بالقدرة على رفض الميزانية، وذلك لأن صلاحية الموافقة على مخصصات الميزانيات الأمريكية في يد الكونغرس الذي يسيطرون عليه.
- الجمهوريون: أيدوا طلب الرئيس بوش للميزانية، وذلك على أساس أن الحرب في العراق وأفغانستان أصبحت تخضع لاعتبارات الأمن القومي الأمريكي التي لا يجوز التلكؤ في دعم ومساندة أجندة حمايته داخل وخارج أمريكا.
• قيادة المواجهة:
- جورج بوش وديك تشيني وأعضاء الكونغرس الجمهوريين يقودون الاتجاه الداعم لإجازة الميزانية والمصادقة عليها.
- الديمقراطية نانسي بيلوزي زعيمة مجلس النواب، والسيناتور الديمقراطي وهاري ريد زعيم مجلس الشيوخ يقودون الاتجاه الرافض لدعم الميزانية.
• إدارة الصراع:
توصلت المحاولات التوفيقية إلى موافقة الديمقراطيين على إجازة الميزانية المطلوبة، ولكن بشرط تحديد الجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية، وبالنسبة للديمقراطيين في مجلس النواب فقد كان رأيهم أن تتم الموافقة بشرط تحديد نهاية آذار 2008 كتاريخ نهائي لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.. أما الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، فقد كانوا أكثر تشدداً في موقفهم الرافض للحرب العراقية، وقد وافقوا على تقديم التمويل، ولكن بشرط أن تنسحب القوات الأمريكية بنهاية تشرين الأول عام 2007.
ولما كانت الإجراءات التشريعية تقول بأن قرار الكونغرس الأمريكي يتم بعد الحصول على موافقة مجلسي النواب والشيوخ، رفعه إلى البيت الأبيض الأمريكي لكي يوقع عليه الرئيس الأمريكي بحيث يصبح قانوناً سارياً، فقد أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بأنبه لن يوقع على أي قرار يتضمن الإشارة لسحب القوات الأمريكية، وسوف يستخدم حق الفيتو (النقض) ضده.
النظام الدستوري والتشريعي الأمريكي يمنح الكونغرس حق إجازة القوانين والتشريعات بالأغلبية العادية، ولكنه يمنح الرئيس الأمريكي حق نقض قرارات الكونغرس الأمريكي، وفي هذه الحالة، يتوجب على الكونغرس الأمريكي إما تغيير القرار، أو الإصرار على تنفيذ نفس القرار، ولكن بشرط أن تتم إعادة التصويت عليه داخل الكونغرس والمصادقة عليه بأغلبية ثلثي الأعضاء (أي 66،6%) من عضوية الكونغرس، وهي أغلبية لا تتوفر للديمقراطيين في الكونغرس حالياً.
يعمل الزعماء الديمقراطيون حالياً داخل مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكي من أجل الحصول على مساندة بعض الجمهوريين المعتدلين، وذلك لحشد أكبر عدد من أعضاء الكونغرس، بما يؤمن أغلبية الثلثين المطلوبة.
برزت بعض التوجهات التوفيقية الأخرى، المطالبة بضرورة منع حدوث مواجهة بين البيت الأبيض الأمريكي والكونغرس، باعتبار أن ذلك يضر بالجهود الأمريكية الهادفة إلى استقرار العراق ومحاربة الإرهاب في أفغانستان، وأيضاً يضر بمصداقية العلاقة بين أجهزة السلطة التشريعية وأجهزة السلطة التنفيذية الأمريكية..
يقول الاقتراح الجديد، والذي يتبناه اليهودي الأمريكي السيناتور الديمقراطي كارل ليفي، بأن تقوم الإدارة الأمريكية بتعديل الميزانية المطلوبة بحيث يتم إعداد ميزانية صغيرة الأجل تغطي نفقاتها فترة شهرين أو ثلاثة وذلك قبل أن يستنفد البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكي) أمواله المتبقية، وأن لا تتم الإشارة في قرار الكونغرس حول هذه الميزانية لأي عملية سحب للقوات الأمريكية وبكلمات أخرى، أن يتنازل الكونغرس عن شرط إضافة البند المتعلق بسحب القوات الأمريكية من العراق، مقابل قبول بوش بتخفيض المبلغ.
وقال السيناتور ليفي بأنه إذا وافق الديمقراطيون على اقتراحه فسوف يكون حقهم محفوظاً بأن يتقدموا باقتراح لتقديم قرار منفصل يتعلق بسحب القوات الأمريكية في العراق. وقد رفض أغلبية الديمقراطيين اقتراح السيناتور اليهودي ليفي على أساس أن كل ما تريده إدارة بوش حالياً هو الحصول على الميزانية التي تكفي لتمويل الحرب لفترة طويلة قادمة، وبعد ذلك سوف تدير ظهرها للكونغرس، ولكنها الآن تواجه ظروفاً ضاغطة بسبب الحاجة للتمويل، والذي بدونه لن نستطيع الاستمرار في الحرب، ومن ثم فإنه يتوجب الضغط على الرئيس بوش لكي يوقع على القرار.
المواجهة بين الكونغرس الأمريكي (الديمقراطي) والبيت الأبيض (الجمهوري) أخذت أبعاداً أكبر في الشارع الأمريكي.
- أجهزة الأعلام التي يسيطر عليها جماعة المحافظين الجدد واليمين الأمريكي واللوبي الإسرائيلي، أصبحت أكثر انتقاداً للديمقراطيين، وتتهمهم بدفع أمريكا للاستسلام والانسحاب من معركة ضد الإرهاب لم تنته بعد.
- شكلت الجماعات المناهضة للحرب لجاناً أصبحت تقدم الندوات والنداءات المناهضة للحرب، وأيضاً تقوم بمقابلة أعضاء الكونغرس الأمريكي، والضغط عليهم من أجل تبني خيار انهيار الحرب أو خيار فقدانهم لشعبيتهم، وبالتالي انهيار مصداقيتهم أمام الناخبين الأمريكيين.
الأسبوع القادم سوف يكون حاسماً في ذلك لأن الجنرال بيتراوس قائد القوات الأمريكية في العراق سوف يتم استجوابه في جلسة مغلقة بواسطة الكونغرس الأمريكي، ومن المتوقع أن يتعرض لسيل من أسئلة واتهامات الديمقراطيين.. ويركز الديمقراطيون حالياً على فضح مزاعم الإدارة الأمريكية حول الوضع العسكري في العراق التي سوف يحاول الجنرال بيتراوس الترويج لها.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد