بعد أربع سنوات على انطلاقته: قانون البيئة لم يصل إلى حماة

04-10-2006

بعد أربع سنوات على انطلاقته: قانون البيئة لم يصل إلى حماة

من يستطيع الاجابة عن تساؤلات الناس حول مصير معالجة منصرفات المنشآت الصناعية بعد مضي أربع سنوات على صدور قانون البيئة رقم /50/؟.

ولماذا تتجه مديرية البيئة للتوفيق بين القانون ومطالب الصناعيين في حين تفتقد للأجوبة الواضحة حول الجدول الزمني لتفعيل قانون البيئة؟ والى متى ستبقى المنشآت الصناعية ترمي منصرفاتها بالعراء تلوث البيئة وتهدد البشر بالأمراض؟ وما جدوى الحوارات التي تملأ أروقة قاعات الاجتماعات؟ وهل سيستمر الاذعان للمراسلات الروتينية المتكررة حول تنفيذ محطات المعالجة في المنشآت الصناعية بمحافظة حماة؟. ‏ تنتشر الاعتداءات على البيئة بحسب توزع المنشآت الصناعية غير المجهزة بمحطات معالجة فعالة وبحسب نوعية المنصرفات الصناعية لهذه المنشآت وطبيعتها «سائلة ــ غازية ــ صلبة.. إلخ» بحيث يمكننا ان نجمل الصناعات المؤثرة على البيئة والأعوز لتركيب محطات معالجة ولا تحتمل التأجيل بتسعة معامل للزيوت النباتية وستة معامل للألبان والأجبان ومعمل لتكرير الزيوت المعدنية ومعامل البصل والسكر.. ولكن ليست كل هذه المنشآت ملوثة للبيئة إذ بينها ثلاث منشآت نفذت وحدات معالجة وتشغلها بفعالية جيدة في حين لم تنفذ باقي المنشآت محطات معالجة أو هي نفذت محطات لكنها لاتزال غير فعالة بسبب خلل بالدراسة أو بالتصميم أو بسبب ارتفاع تكلفة التشغيل ولاتزال هذه المنشآت ترمي منصرفاتها الصناعية في الحفر الفنية أو تتركها تسيل بالوديان وهذا يتسبب بخسارة بيئية لا يمكن تخمينها بدقة لأن المياه الصناعية قد تتسرب الى المياه الجوفية وتغير من نوعية المياه بحيث تنتشر هذه المعامل في مختلف المناطق إلا أن أغلبها 70% ينتشر على محور اوتستراد حمص ـ حماة ـ حلب. 
 الصناعي سامر جمعان قال: إن تزويد المنشآت الصناعية بمحطات معالجة هي مسؤولية الجميع إدارة محلية وبيئة وصناعيين ولكن ما يحصل إن كل منهم يسعى ليبعد عن نفسه تهمة الاهمال فالصناعيون يتهربون من التكلفة العالية لتنفيذ وتشغيل محطات معالجة في منشآتهم والادارة المحلية تميل الى مقولة: نحن لم نمنح هذه المنشآت البيئية الصناعية ترخيصاً دائماً ولن نمنحها موافقة على الاستثمار حتى تلتزم بتنفيذ الشروط البيئية ونلاحق المنشآت القائمة ولذلك ومن أجل هذه الاسباب كلها ـ والكلام لجمعان ـ أعتقد إن هناك اساساً للقول بأنه من المفيد ان يمنح الصناعيون قروضاً ميسرة من الدولة لتنفيذ محطات معالجة لمنشآتهم الصناعية لأنه من الصعب على الصناعي في بعض الحالات ان ينفذ محطة معالجة تزيد تكلفتها على تكلفة مشروعه الصناعي وكل ما حدث حتى الآن ليس إلا نوعاً من الهروب للأمام فكيف تعالج هذه التعديات الصناعية على البيئة بالقانون؟. ‏

حددت المادة /24/ من القانون /50/ الغرامة بمئة ألف ليرة وحتى مليوني ليرة سورية لتحقق على كل صاحب او مدير منشأة ذات نشاط «اقتصادي ـ صناعي ـ تنموي ـ سياحي ـ خدمي». إذا تخلص من أي نوع من المخلفات «صلبة ـ سائلة ـ غازية» خلافاً لأحكام هذا القانون وتستحق العقوبة سواء تم التخلص من المخلفات بتصريفها أو إلقائها أو إغراقها أو حرقها وتضاف عقوبة الحبس لمدة شهر للمخالف في حال التكرار بينما يعاقب مركتب المخالفة التي يتم ضبطها من قبل الخبراء المختصين بشؤون البيئة بغرامة (10000 ـ 1000000) ليرة وتضاعف العقوبة في حال التكرار للمرة الثانية وفي حال التكرار للمرة الثالثة وما بعدها يقضي بعقوبة الحبس من شهرين الى سنتين اضافة الى الغرامة وللمحكمة الحق بأن تأمر باغلاق المحل أو المنشأة بحيث تصدر الهيئة العامة لشؤون البيئة بالاتفاق مع وزير العدل جدولاً بأسماء الخبراء البيئيين من المختصين البيئيين من العاملين بالدولة ويكون لتقاريرهم صفة ضبوط الضابطة العدلية بعد اعتمادها من الوزير. ‏

وتعطي المادة /34/ من هذا القانون المنشآت والانشطة القائمة بتاريخ صدور هذا القانون مهلة سنة واحدة بدءاً من تاريخ إنذارها لتوفيق أوضاعها مع احكام هذا القانون وتجوز لمجلس حماية البيئة تمديد هذه المهلة لمدة سنتين اضافيتين كحد اقصى وذلك بناء على طلب مالك المنشأة ولأسباب معللة وقد أعقب القانون صدور البلاغ رقم عشرة الذي يتضمن الاحكام الناظمة لترخيص المنشآت الصناعية ثم البلاغ رقم /16/ ب الذي يعتبر كل تجمع منشآت صناعية متقاربة داخل وخارج المخطط التنظيمي منطقة صناعية وتعدل صفتها العمرانية الى صناعة وتمنح التراخيص الادارية الدائمة وينظم لها المخطط التفصيلي بشرط ألا تقل المساحة المشغولة عن /15/ هكتاراً بالمدن التي يزيد عدد سكانها عن /100/ ألف نسمة ولا يقل عدد المنشآت فيها عن /15/ منشأة وعن خمس منشآت في خمسة هكتارات بباقي الوحدات الادارية ولكن لماذا تزداد الاعتداءات الصناعية على البيئة وقد مضى اربع سنوات على صدور القانون /50/؟. ‏

انتهتت مهلة السنة التي منحتها وزارة الادارة المحلية والبيئة للمنشآت الصناعية لتسوية أوضاعه البيئية بما يتوافق مع القانون /50/ ولم تفعل هذه المنشآت الصناعية شيئاً وأعيد إنذار المنشآت الصناعية المخالفة بالمحافظة لتسوية اوضاعها قبل نهاية شهر تموز الجاري وشارفت هذه المهلة على النفاد ولم تستفد هذه المنشآت من المنح الزمنية ولم يبدي هؤلاء الصناعيون العزم على تنفيذ محطات معالجة وبالمقابل تتردد معلومات عن إغلاق منشآت صناعية والعودة عن قرار الاغلاق وكأن عبء قرار إغلاق المنشآت المخالفة يعادل عبء التراخي في تطبيق قانون البيئة /50/ فهل ستبقى تقارير لجنة التفتيش البيئي تحال روتينياً الى المحافظة دون تحقيق الغرامة على المخالفين؟وهل سيحال المخالفون للقضاء؟ وعلى فرض حدث الاحالة ما الفائدة من الاحالة الى القضاء على اعتبار ان السيد وزير الادارة المحلية والبيئة ووزير العدل لم يصدرا جدولاً بأسماء الخبراء البيئيين وفق المادة 23 من القانون 50 ليتم الاستعانة بهم في تنظيم الضبوط المتعلقة بالقضايا البيئية وتقدير الاضرار..!. ‏

الكيميائي علي جويد مدير البيئة في حماة قال: إن لجنة التفتيش البيئي المشكلة من دوائر «خدمات فنية ــ بيئة ــ زراعة ــ ري ...» تقطف عينات من منصرفات المنشآت الصناعية بشكل دوري وتحللها وتقيم الاثر البيئي لهذه المنصرفات وتقدم تقارير دورية بذلك والمؤلم ـ والكلام لجويد ـ إن أغلب المنشآت الصناعية مخالفة للقانون البيئي إلا أن الاشد صعوبة هو امتلاك القدرة على اتخاذ اجراءات رادعة وفورية بحق المخالفين لأن ذلك سيؤدي الى توقف هذه المنشآت عن الانتاج وأوضح جويد بأن مديرية البيئة ترفع تقارير لجنة التفتيش البيئي بصورة متواصلة الى المحافظة وهي التي تحدد وسيلة المعالجة إن كان عن طريق مديرية الموارد المائية او الزراعة أو تحقيق الغرامة المحددة بالقانون /50/ ولكن كل هذه المحاولات لم تفلح في وقف المخالفات البيئية وحتى الآن لم يتم تحقيق أي غرامة مالية بحق المخالفين ولم يحل أي صناعي مخالف الى القضاء فلماذا يصدر قانون بوزن القانون /50/ ولا يطبق؟. ‏

رئيس غرفة الصناعة نضال بكور قال: إن تصنيفات وزارة الادارة المحلية والبيئة للمنشآت الصناعية التي يستلزم استثمارها تنفيذ محطات معالجة فيها ظلامة لبعض الصناعيين لأنه من غير الضروري تركيب وحدات معالجة في المنشآت الصناعية المتخصصة بتجميع وتعقيم وتعبئة الحليب وكذلك بالنسبة للصناعات الكيميائية «بلاستيك ـ أحذية ـ أدوية ــ بيطرية ـ أعلاف» لأن هذه الصناعات ذات دارات تبريد مغلقة أو هي ذات مخلفات صلبة ولا تحتاج الى محطات معالجة وأضاف بكور: ان غرفة الصناعة تسعى لتعديل التعليمات التنفيذية للقانون /50/ لأن الكثير من المنشآت الصناعية التي تطالبها مديرية البيئة بتركيب محطات معالجة لا تحتاج الى هذه المحطات وقد تقدمت الغرفة بمذكرة خطية بهذا الخصوص الى المهندس خليل خالد محافظ حماة. ‏

ويلفت رئيس غرف الصناعة الانتباه الى إن عدد المنشآت الصناعية القائمة والمنذرة بالاغلاق بسبب مخالفتها قانون البيئة بلغ عددها /27/ منشأة ويعمل فيها زهاء /2100/ عامل وإن لجنة التفتيش البيئي لا تجهد نفسها عناء قطف عينات المنصرفات الصناعية المراد تحليلها من مصادرها الاساسية في المنشآت الصناعية بل تقطف العينات من تجمعات المياه الصناعية التي تطرح بالعراء والتي مضى على خروجها من المنشآت الصناعية أكثر من شهر بحيث ترتفع فيها المواد العضوية بسبب التبخر وامتصاص التربة للماء وهذه الطريقة بقطف العينات بعيدة عن الصواب في حين إن السيد كنعان نجار رئيس دائرة التلوث البيئي في مديرية الموارد المائية «الجهة التي تجري التحاليل المخبرية» رفض التعليق على هذه المعلومات وقال: إن الطريقة المثلى للحصول على المعلومات الصحفية هي بكتابة اسئلة خطية ترسل الى وزارة الري للموافقة على الاجابة عليها. ‏

ثمة مشكلات جدية تعترض معالجة المنصرفات الصناعية والمؤلم إن المنشآت الصناعية التي نفذت محطات معالجة اغلبها لم يتمكن من تشغيل محطات المعالجة بفعالية جيدة فهل هذه المشكلات بسبب خلل بالدراسة والتصميم أم بالتنفيذ أم بالتشغيل؟ الدكتور عبدالأمين معماري مدير عام شركة تجفيف البصل في سلمية قال: لقد نفذت الشركة محطة معالجة وحاولنا تشغيلها بالشكل الأمثل ولكن لم نتمكن بسبب خلل بالدراسة والتي نفذتها وحدة العمل البيئي بجامعة البعث وقد استعنا بخبرات هندسية من كلية الهندسة البتروكيميائية وتمكنا من تحويل المياه الصناعية الى مياه صالحة للزراعة ولكن الشركة كانت تهدف الى استخراج مياه صالحة لإعادة استخدامها بالشركة واضاف معمار: إن الخبرات السورية بمجال دراسة وتصميم محطات المعالجة لاتزال دون المستوى المطلوب. ‏

المهندسة روعة الهبيان معاون مدير البيئة بحماة قالت: إن انخفاض فعالية محطات المعالجة المنفذة في المنشآت الصناعية «قطاع عام ـ خاص» إنما يعود الى ان الدراسة يعدها شخص واحد وبصرف النظر عن شهادته العلمية فان دراسة وتصميم وحدة معالجة يحتاج لوحدة دراسة متكاملة لإعداد دراسة صحيحة تراعي نوعية المنصرفات الصناعية واستطاعة المنشأة الصناعية بينما أكد السيد نضال بكور رئيس غرفة الصناعة بأن سورية تفتقر الى مرجعية متخصصة بتصنيع وحدات المعالجة وأضاف: ان الشركات الاجنبية لا تقبل بتصنيع وحدات معالجة باستطاعات صغيرة إلا ان غرفة الصناعة ـ والكلام لبكور ـ توصلت الى استقدام شركة هنغارية متخصصة بتصميم وتنفيذ محطات المعالجة وهي مستعدة لتنفيذ المحطات المطلوبة لهذه المنشآت الصناعية لكن هل ستحقق هذه الشركة نجاحاً كاملاً؟. ‏

‏ إن مسألة غياب المجرور الذي ترمي فيه منصرفات المنشآت الصناعية لا تقل أهمية عن مشكلة تأخر تنفيذ محطات المعالجة فلا تزال المنشآت الصناعية ترمي منصرفاتها الصناعية معالجة كانت أم غير معالجة في الانهار والحفر والوديان وتتسبب بتلوث البيئة وفي نفس الوقت فإن بعض المنشآت ترمي منصرفاتها الصناعية دون معالجة في مجارير الصرف الصحي وهذا الخلط بين الصرف الصحي والصرف الصناعي يتسبب بأضرار كبيرة على شبكات الصرف الصحي كما يؤثر على محطة المعالجة التي لاتزال بطور الاقلاع لأنها مخصصة لمعالجة المنصرفات الصحية وليست للمنصرفات الصناعية وسبق ان نبهت شركة الصرف الصحي من انها انتشلت سيارات من بقايا الفروج والمواد العضوية ومواد الصباغة من مجرى نهر العاصي عند مدخل المياه الى محطة المعالجة..! ‏

لقد انفتحت أزمة الانتشار المؤذي للمنشآت الصناعية بعد إصدار البلاغ /16/ ب الذي ينظم التجمعات الصناعية الداخلة بالتنظيم ويمنحها الترخيص الدائم إذ توجهت الانظار نحو تنفيذ شبكات صرف ترمي فيها المنصرفات الصناعية وقد سنحت الفرصة لأن تجتمع اراء الصناعيين العاملين بمجال تصنيع الزيوت النباتية الواقعة منشآتهم على طريق حلب على تنفيذ شبكة صرف تنقل المياه الصناعية الى مجرى نهر العاصي وجندت لتنفيذ هذه الفكرة الامكانات وتوالت الاجتماعات وتعددت المداولات بين الادارة المحلية والصناعيين إلا انه لم يكتب لهذه التجربة النجاح إذ اصطدم التنفيذ باعتراض بعض المالكين للأرض التي سيمر منها المجرور وبعبارات صريحة يصف رئيس غرفة الصناعة موقف الادارة المحلية بأنها لم تتدخل بوزنها الحقيقي لاستملاك الارض وتقدير قيمة الارض وفق الاسعار الرائجة وهذا تسبب بفشل المشروع. ‏

وهكذا يبدو أنه من الصعب أن تفعل مديرية البيئة كل ما هو ضروري لتنفيذ محطات معالجة للمنصرفات الصناعية وبالنسبة للصناعيين لاشيء أسهل من الكلام وكل ما ما جرى حتى الآن ما هو إلا محاولات ناعمة لمعالجة مشكلة كبيرة تهدد البيئة بالتلوث فإذا كان من الضرورات إعطاء الصناعيين مهلة لتسوية اوضاع منشآتهم فمن الأفضل ان تحدد المهلة بسنوات لا بعقود وإلا فما فوائد احكام قانون البيئة رقم /50/ بما يتعلق بمعالجة المنصرفات الصناعية في محافظة حماة؟. ‏

علي شاهر أحمد

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...