تحقيق مع مراقب كتب مخالفة لعدم اتفاقه مع التاجرعلى مبلغ الرشوة
6 ضبوط يسجلها المراقب التمويني وسطياً في الشهر، تتضمن مخالفات وسحب عينات، في الوقت الذي تشكو فيه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قلة عدد المراقبين، من دون أن تنظر إلى ضعف أداء المراقبين الحاليين، وما يخفيه ذلك من إشارات ليست بريئة.
هذه الأرقام لم نخترعها، بل يمكن استنتاجها ببساطة من تقارير الوزارة، وهنا اعتمدنا آخر إحصائية صادرة عنها، وتكشف عن عدد الضبوط التموينية في النصف الأول من العام الحالي (2019) إذ بلغ 23697 ضبطاً (عدلي وعينة)، وبحسب تصريح سابق لمدير مديرية حماية المستهلك فإن عدد المراقبين الفعليين (الذين يقومون بجولات على الأسواق) هو 625 مراقباً، وعليه يكون وسطي حصة كل مراقب أقل من 38 ضبطاً خلال تلك الفترة، أي نحو 6 ضبوط في الشهر، وفي حال كان يسجل ضبطاً واحداً في اليوم، فماذا يعمل المراقب بقية أيام الشهر؟! عدا عن تساؤلات عن إمكانية أو مدى وجود اتفاقيات بين تجار ومراقبين لغض النظر عن المخالفات مقابل إكراميات ومكافآت أو حتى رواتب ثابتة.
وبين معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال الدين شعيب أن حساب عدد الضبوط لا يتم على أساس عدد المراقبين، وإنما يتم تسيير الدوريات التموينية ضمن مجموعات لا تقل عن اثنين، وفي حالات الدوريات إلى المعامل والمخابز يصل عدد عناصر الدورية إلى ستة أو أكثر، ويمكن أن تنظم الدورية المؤلفة من ستة مراقبين ضبطاً واحداً، وليس ضبطاً لكل مراقب فيها.
وأشار إلى أن الغاية من تسيير الدوريات بهذا الشكل هو تطبيق نظام مجموعات العمل بدلاً من النظام الإفرادي، إذ إن القضاء لا يقبل بالضبط التمويني المنظم من مراقب تمويني واحد، كونه ضبطاً عدلياً ويتوجب لتنظيمه وجود أكثر من مراقب ليعتبر منظماً من قبل لجنة مختصة.
نقص فعلي
لفت شعيب إلى أن ارتفاع عدد عناصر الدورية التموينية يكون بحسب الحاجة، فحين تسيير الدورية إلى معمل ما لمراقبة العمل فيه يكون هناك حاجة لأكثر من مراقب لتفتيش المستودعات ومراقبة خطوط الإنتاج والتدقيق في الحسابات والفواتير، ولذلك فإن النقص الحالي في عدد المراقبين هو نقص فعلي وحاصل، ولكنه يختلف من محافظة لأخرى، فهناك مراقبان اثنان فقط في محافظة دير الزور، و35 مراقباً فقط في ريف دمشق، والمطلوب بالحد الأدنى مئة مراقب، وفي طرطوس يوجد 45 مراقباً، وكذلك الأمر في بقية المحافظات.
وأكد شعيب بأنه رغم النقص الحاصل في عدد المراقبين إلا أن الرقابة موجودة في الأسواق وتتابع عملها، وعند تلقي أي شكوى يتم إرسال الدوريات بشكل فوري للتدقيق وتنظيم الضبوط، مضيفاً بأن العدد الحالي للمراقبين يتغير كل فترة نتيجة حالات التقاعد التي تحدث وطلبات النقل لغير وظائف، حيث يصل العدد المتواجد حالياً للمراقبين مع الإداريين المكلفين إلى نحو 1100 مراقب ولكن الأسواق تحتاج إلى أكثر من هذا الرقم.
الإكرامية غير مشرعنة
وحول وجود حالات للتفاوض على المخالفات ما بين التجار والمراقبين أشار شعيب إلى أنه لم يصل شكاوى فعلية بهكذا حالات، ولكن ومن خلال الخبرة المتراكمة لدى الوزارة يتم الشك في بعض الضبوط أحياناً، ويتم تشديد العقوبة المفروضة على التاجر مع إعفاء المراقب وإحالته للرقابة الداخلية ومؤخراً تم ملاحظة حالتين من هذا النوع، ولكن هذا الأمر انتشاره ضعيف.
وأوضح شعيب أنه لا يوجد أي شرعنة للإكرامية، فالقانون يحاسب عليها وفق المادة 60 والتي تنص بأن أي أمر يخل بالمهمة الموكلة يتم المعاقبة عليه بعقوبة لا تقل عن الستة أشهر سجن، ولكن يجب في هذه الحالة وجود دليل إثبات تقديم الرشوة واعتراف التاجر الذي قدمها، مؤكداً بأن الوزارة تحاسب كل من يثبت تلقيه للرشوة أو ما يسمونها الإكرامية، ولدينا حالة نتابعها ونحقق فيها حالياً، بعد أن اشتكى لنا أحد التجار عن تنظيم ضبط بحقه من قبل مراقب تمويني بعد أن رفض دفع مبلغ الرشوة الذي طلبه المراقب، وعلى الفور اتخذنا الإجراءات القانونية ويجري التحقيق في الحالة.
إنجازات على الورق
الأستاذ بكلية الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور شفيق عربش رأى أنه في حال عدم إيجاد حل جذري لمنظومة الفساد فإن الواقع لن يتغير، وسنبقى نشهد إنجازات على الورق فقط، مبيناً أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لم تتمكن في يوم من الأيام من ضبط الأسواق، لا سابقاً ولا حالياً، ولا يوجد مؤشرات بأنها قادرة على هذا الأمر مستقبلاً، طالما يستمر العمل بالعقلية نفسها.
وبين أن خروج مديري التموين علينا كل فترة للتفاخر بعدد الضبوط التموينية التي ينظمونها ما هو إلا استعراض على الورق، لكون واقع الأسواق غير ذلك تماماً، ولنا مثال في حال الأسعار التي ترتفع على مزاج التجار.
الوطن
إضافة تعليق جديد