تداعيات استقالة الرئيس الباكستاني برويز مشرف
الجمل: تناقلت الوسائط الإعلامية التقارير والمعلومات المتعلقة باستقالة الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف الذي ظل يمثل على مدى ثمانية أعوام رجل باكستان القوي وحليف أمريكا الرئيسي في حربها ضد الإرهاب في سائر أنحاء منطقة شبه القارة الهندية.
* خلفيات استقالة الجنرال مشرف:
تعرض النظام الباكستاني للمزيد من الضغوط الداخلية بسبب تعاونه المثير للجدل مع المشروع الأمريكي إزاء شبه القارة الهندية وحاول الجنرال مشرف جاهداً التكيف مع الضغوط الداخلية وفقاً لاستراتجية الاستناد على فرصة الدعم الأمريكي الخارجي كوسيلة لاحتواء مخاطر التهديدات والداخلية والإقليمية في منطقة شبه القارة الهندية.
نجحت استراتيجية الجنرال مشرف لفترة من الوقت ولكنها من جهة أدت على الصعيد الداخلي الباكستاني إلى الآتي:
• تصاعد قوة المعارضة الإسلامية المسلحة والسياسية الداخلية.
• ضعف النظام الباكستاني على خلفية تزايد روح التمرد والخروج على سلطة سيادة الدول بواسطة جهاز المخابرات الباكستانية الذي أصبح في الفترة الأخيرة جزيرة معزولة عن نفوذ الرئيس مشرف.
• عدم رغبة الجيش الباكستاني في إشعال المواجهة ضد المسلحين الإسلاميين الذي يتمركزون في المناطق الحدودية الباكستانية – الأفغانية الشديدة الوعورة والمكتظة بالسكان.
إضافةً لذلك، تزايدت خلال الأشهر الماضية الضغوط الأمريكية التي تطالب الجنرال مشرف بالقبول والموافقة لجهة السماح للقوات الأمريكية بتوجيه المزيد من الضربات الجوية والصاروخية وإرسال الكوماندوز إلى مناطق القبائل الإسلامية وتنفيذ حلف الناتو والقوات الأمريكية لعمليات التعقب الساخن عبر الحدود الباكستانية – الأفغانية لملاحقة عناصر طالبان وتنظيم القاعدة المنسحبين إلى الأراضي الباكستانية.
على خلفية عمليات الشد والجذب وازدواج الضغوط الداخلية مع الضغوط الخارجية اضطر الجنرال مشرف إلى اللجوء إلى خيار الاستقالة وعلى وجه الخصوص بسبب:
• تدهور السند الداخلي للنظام.
• تدهور التأييد الخارجي للنظام.
• قيام البرلمان الباكستاني بطرح موضوع حجب الثقة عن الرئيس مشرف.
• ظهور بوادر الحرب الأهلية والعصيان المدني في الباكستان.
وتقول التسريبات والمعلومات التي أوردتها التقارير بأن الجنرال مشرف يتفاهم مع البريطانيين من أجل تأمين حصوله على اللجوء السياسي في بريطانيا بعد الاستقالة وحتى الآن كما تقول المعلومات ما تزال الأوساط السياسة والقانونية البريطانية تنظر بعناية فائقة في إمكانية الموافقة على ذلك.
• المؤيدون لحق مشرف في اللجوء يقولون أنه كان حليفاً وفياً لأمريكا وبريطانيا والغرب في الحرب على الإرهاب وبالتالي فإن منحه اللجوء يندرج ضمن إطار عملية رد الجميل والوفاء للحلفاء المخلصين.
• الرافضون يقولون بأن منحه مثل هذا الحق سيعرض المصالح البريطانية في شبه القارة الهندية للخطر بسبب كراهية الشعب الباكستاني للجنرال مشرف واحتمالات أن يقدم القضاء الباكستاني طلباً بتوقيف وتسليم مشرف واحتمالات أن تتحرك جماعات حقوق الإنسان البريطانية والأوروبية ضد قرار اللجوء بما يهدد شعبية الحكومة البريطانية الحالية.
* دوائر الصراع الباكستاني:
تشهد الساحة الباكستانية العديد من الصراعات والتي يمكن الإشارة إلى أبرزها على النحو الآتي:
• صراع المؤسسة القضائية مع مؤسسة رئاسة الجمهورية وتحديداً المشاكل التي حدثت بسبب محاولة الجنرال مشرف التدخل في القضاء والقيام بمحاولة إقصاء القاضي افتخار شودري رئيس المحكمة الدستورية العليا.
• صراع الأحزاب والقوى الإسلامية التي تسيطر على الرأي العام الباكستاني مع النظام الباكستاني المؤيد لأمريكا.
• صراع مناطق القبائل الباكستانية مع النظام الباكستاني بسبب دعم السكان الإسلاميين الباشتون لحركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة.
• صراع جهاز المخابرات الباكستاني مع الرئيس برويز مشرف بسبب تعاطفه مع الحركات الإسلامية المعارضة لأمركا ونظام مشرف.
• صراع البرلمان الباكستاني مع مؤسسة الرئاسة على النحو الذي أدى إلى تصاعد الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
تفاعلت دوائر الصراع الباكستاني الداخلي مع دوائر الصراع الباكستاني الإقليمي والدولي وعلى وجه الخصوص لجهة التأثير على:
• الصراع الهندي – الباكستاني حول إقليم كشمير.
• الصراع الهندي – الهندي بين المسلمين والهندوس.
• الصراع الأفغاني.
• الصراع على خط واشنطن – إسلام آباد حول رغبة واشنطن في التدخل عسكرياً في باكستان.
هذا، وتشير المعلومات والتسريبات إلى أن جنرالات المؤسسة العسكرية الباكستانية قد نصحوا مشرف بالاستقالة وترك الرئاسة لتجنيب باكستان خطر الحرب الأهلية وقد التقط مشرف مضمون الرسالة وفهم بحسه العسكري – الاستخباري وبأن نصيحة أصدقاءه تحمل رسالة مضمونها أن المؤسسة العسكرية ستنقلب عليه إذا حاول الإصرار على البقاء في منصبه.
* استقالة مشرف وإشكالية الفراغ الرئاسي:
حتى الآن لا يوجد زعيم باكستاني قوي يستطيع أن يحل محل مشرف لعدة أسباب:
• إذا تم اللجوء للبديل المدني فإن إجراء أي انتخابات رئاسية سيؤدي إلى صعود رئيس إسلامي التوجهات بسبب تأييد الرأي العام الباكستاني الساحق للأحزاب الإسلامية السنية وهو خيار سيؤدي إلى تصاعد الصراع على خط واشنن – إسلام آباد ومن أبرز تداعيات هذا السيناريو:
- سيبادر الرئيس الإسلامي الجديد إلى إنهاء التحالف مع أمريكا.
- سوف لن يكون أمام أمريكا سوى الخيارات الآتية:
* سحب القوات الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان طالما أن المنفذ الباكستاني الوحيد لأفغانستان قد أصبح مغلقاً.
* إمداد القوات الأمريكية عن طريق الجو وهو أمر غير ممكن لأن إيران وباكستان لن تقبلا بذلك ولن يكون أمام أمريكا سوى استخدام الأجواء الصينية أو الروسية وهو أمر غير ممكن في هذه والظروف بسبب مواقف أمركا ضد روسيا والصين.
* احتلال باكستان عسكرياً وهو أمر سيؤدي إلى توسيع دائرة المواجهة إضافةً إلى خطر المواجهة النووية.
• إذا تم اللجوء للبديل العسكري فإن الأزمة السياسية الداخلية الباكستانية ستتفاقم بسبب اصطفاف الشعب الباكستاني إلى جانب المنظمات الحزبية والقوى السياسية الإسلامية والمدنية الرافضة للحكم العسكري.
هذا، وتشير بعض التحليلات إلى أن حدوث أي مواجهة بين النظام السياسية والحركات الإسلامية سيترتب عليه فقدان الحكومة الباكستانية للفصائل الإسلامية المسلحة الناشطة في كشمير التي ظلت تلعب دور الحاجز الفاصل بين القوات الهندية والقوات الباكستانية وبالتالي فإن القضاء على الحركات الإسلامية الكشميرية كحركة عسكر طيبة وغيرها سيفسح المجال أمام الهند في إكمال سيطرتها على إقليم كشمير واحتمالات خوض المواجهة العسكرية مع باكستان.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد