تظاهرةطهران حشدت مئات الآلاف وعززت الشكوك في نتائج الانتخابات
أعلن مجلس صيانة الدستور في ايران، أنه سيبتّ خلال ايام في شكوى المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي، في ما بدا محاولة لاحتواء الاحتجاجات المتواصلة على إعلان فوز الرئيس محمود احمدي نجاد بولاية ثانية، والتي بلغت ذروتها امس في تظاهرة احتجاجية وصفت بانها واحدة من اكبر الاحتجاجات الشعبية منذ الثورة الاسلامية قبل ثلاثين سنة، وحشدت مئات الآلاف من الايرانيين في ساحة الحرية في وسط طهران، وذلك برغم تدخل مرشد الجمهورية آية الله السيد علي خامنئي، بشكل مباشر في الخلاف، ودعوته رئيس الوزراء السابق الى الاعتراض بهدوء، محذراً من «مخططات لإثارة الفوضى».
وقال خامنئي لموسوي خلال لقاء امس الاول، إنه «صدر أمر لمجلس صيانة الدستور لدراسة الرسالة بدقة»، بينما أعلن متحدث باسم المجلس ان «وزارة الداخلية أرسلت نتائج الانتخابات الرئاسية لدراستها.. والمجلس سيعقد (اليوم) اجتماعاً مع هذين الشخصين (موسوي والمرشح محسن رضائي) للاستماع الى آرائهما وسنطلعهما على طريقة عملنا». وأكد ان «القرار النهائي سيصدر ضمن المهلة الزمنية التي يحددها القانون»، أي عشرة أيام، وهو ما شدّد عليه أمين المجلس آية الله احمد جنتي. وكان المرشح المحافظ محسن رضائي، وجّه رسالة الى نجاد يطلب فيها بان تزوده وزارة الداخلية بكل المعلومات الضرورية لتبرير أسباب اعتراضه على العملية الانتخابية امام المجلس.
ونقل موقع موسوي عنه قوله «قدمت طعناً إلى مجلس صيانة الدستور، لكنني لست متفائلاً للغاية بشأن قراره فلم يكن كثير من أعضائه محايدين خلال الانتخابات وأيدوا مرشح الحكومة»، مشيراً إلى نجاد.
ودعا خامنئي موسوي الى مواصلة احتجاجه على نتائج الانتخابات بالطرق القانونية. وقال له «يجدر بك ملاحقة المسألة بالطرق القانونية»، موجها تحذيرا مبطنا من الحض على مواصلة التظاهرات التي تلت إعلان فوز نجاد، حيث ذكر التلفزيون الإيراني أن المرشد «شدّد على ضرورة الحفاظ على الهدوء وضبط النفس»، متوجهاً الى المرشح الخاسر بالقول «أنت مختلف عن هؤلاء الاشخاص ويجدر بك تسوية هذه المسألة بهدوء وضبط النفس»، مشيراً الى «تحريض الأعداء وبعض المخططات التي تحاك من وراء الكواليس من اجل إثارة الفوضى في الشوارع».
وبرغم ذلك، تواصلت التظاهرات والاشتباكات في شوارع طهران. وفي تظاهرة حاشدة في ساحة آزادي (الحرية) شارك فيها مئات الآلاف (وكالة «فرانس برس» نقلت عن شرطي قوله إن عددهم وصل الى مليونين) من انصار موسوي ـ علما ان وزارة الداخلية منعتها ـ قتل متظاهر برصاص مسلحين وأصيب آخرون بجروح. وذكر مراسل التلفزيون «كان هناك إطلاق نار متقطع هنا والناس تركض.. أشخاص مسلحون ولا نعرف تحديداً من يكونون، لكنهم باشروا بإطلاق النار على الناس مسببين فوضى في ساحة ازادي».
وقال مصور إيراني لوكالة «رويترز»، ان مشاركين في التظاهرة «هاجموا مبنى يضم أعضاء في ميليشيا الباسيج الذين ردوا بإطلاق النار»، ما أدى الى مقتل شخص وإصابة كثيرين. وذكرت مصادر اخرى ان إطلاق النار سمع بعدما أحرق متظاهرون إطارات ومستوعبات نفايات في مكان غير بعيد من ساحة ازادي. وتم على الأقل إحراق ثلاث دراجات نارية ايضاً.
وقد شارك في التظاهرة التي بدأت سلمية ومن دون تدخل للشرطة، حيث كان عناصرها يتمشون بين المتظاهرين، موسوي والمرشح الخاسر الآخر مهدي كروبي، للتخفيف من أي صدام. وخلال التجمع، قال موسوي إنه مستعد للمشاركة في انتخابات جديدة. واضاف ان «صوت الناس اكثر أهمية من موسوي او اي شخص آخر»، بينما ردد المحتشدون «موسوي استعد أصواتنا». وأكدت زوجته، زهرة رهنورد، ان الإصلاحيين «ماضون حتى النهاية» في رفض إعادة انتخاب نجاد، في وقت قال رضا خاتمي، ان شقيقه الرئيس السابق محمد خاتمي، سيواصل معارضة إعادة انتخاب نجاد ايضاً حتى تنظيم انتخابات جديدة، رغم ان موسوي أبدى شكوكه في إمكــان ان يقرر مجلس صيانة الدسـتور إعـادة الانتخابات.
وقد نقلت وكالة «مهر» عن الرئيس خاتمي، قوله «إنه حق مشروع للشعب أن يطالب بالمحافظة على أصواته ومن واجب المسؤولين أن يصونوا هذه الأمانة ويسعوا إلى حفظ وتعزيز الثقة العامة». واعتبر أن «تجاهل هذا الحق والتصدي بعنف للمواطنين يتعارض مع مبادئ الثورة والنهج الواضح للإمام (الخميني)». وأشار إلى انه كان مصمماً على المشاركة في التظاهرة، غير أنه لم يفعل ذلك لعدم الترخيص لها «خلافاً لمصلحة النظام وحق الشعب»، داعياً أنصار موسوي إلى التعبير عن احتجاجهم «عبر الوسائل السلمية».
وقبيل التظاهرة، اشتبك أنصار للرئيس الإيراني على دراجات نارية ومسلحين بعصي، مع مؤيدين لموسوي في وسط طهران. كما قال مقيمون إنهم سمعوا دوي إطلاق نار في ثلاث مناطق في شمال طهران، في فيلينجاك وجوردان وداروس.
وتمكنت الشرطة الايرانية من إقناع حوالى 200 من أفراد عائلات متظاهرين اعتقلوا في إطار الاضطرابات، تجمعوا امام المحكمة الثورية في طهران للمطالبة بإطلاق سراحهم، بالتفرق، بعدما أبلغتهم انه سيتم الإفراج عن أقربائهم خلال 15 يوما. وتتولى المحكمة الثورية معالجة المسائل المتعلقة بـ«المساس بالأمن القومي».
وخلال النهار ايضا، تجمع حوالى 400 من الطلبة المؤيدين لموسوي يرتدي كثيرون منهم أقنعة خضراء لإخفاء شخصياتهم، في مسجد في جامعة طهران، وطالبوا باستقالة نجاد. وقال البعض إن قوات الباسيج هاجمت سكنهم الجامعي. واوضح احد الطلبة «ضربوا أصدقاءنا واقــتادوا 100 طالب على الأقل. ولا نعرف شيئاً عن مكانهم». ونفى مسؤولو الجامعة حدوث ذلك.
وخارج ايران، تظاهر اكثر من 200 شخص امام القنصلية الايرانية في دبي حيث القانون يمنع التظاهر، وذلك احتجاجا على نتائج الانتخابات، بينما استخدمت الشرطة الماليزية الغاز المسيل للدموع لتفريق حشد من نحو 500 إيراني تظاهروا خارج مقر بعثة الأمم المتحدة في كوالالمبور ضد انتخابات الرئاسة. كما تظاهر إيرانيون في أنقرة وروما واوسلو وعواصم اخرى.
في واشنطن، قال الرئيس الاميركي باراك اوباما ان «التظاهرات في ايران ألهمت العالم.. الوضع مقلق هناك ومن الخطأ ان نبقى ساكتين». وفيما دعا طهران الى التحقيق في نتائج الانتخابات «من دون إراقة دماء»، والى «احترام حرية التعبير»، قال ان ادارته «تحترم السيادة الايرانية.. واختيار قادة البلاد يعود الى الايرانيين وحدهم»، مشددا على تمسكه «بالسعي لإقامة حوار جدي» مع طهران، لكن «من دون أوهام»، بعدما اعتبر ان «اتباع الدبلوماسية معها مسألة مهمة للأمن القومي».
من جهة اخرى، يتوقع ان يزور الرئيس الايراني نجاد اكاترينبرغ في روسيا اليوم الثلاثاء، حيث بدأت اعمال قمة منظمة شنغهاي للتعاون وتشارك فيها ايران بصفة مراقب، بعدما كان المفترض ان تجري هذه الزيارة، امس، على ان يلتقي خلالها الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف. وترى مصادر دبلوماسية أن الوضع السياسي الذي نشأ في إيران بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية، ربما كان وراء تأجيل الزيارة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد