تعلم الحرية في ثمانية مناشير
الجمل - عمار سليمان علي:
تحكي نكتة قديمة وشهيرة عن مواطن أمريكي يتبجح بحريته ويقول: أنا أستطيع أن أهتف ضد الرئيس الأمريكي في قلب واشنطن! فيرد عليه مواطن سوري: وأنا أيضاً أستطيع أن أهتف ضد الرئيس الأمريكي في قلب دمشق!
أما في النسخة الجديدة والمعدّلة من النكتة فيرد السوري (المعارض): وأنا أيضاً أستطيع أن أهتف ضد الرئيس السوري في قلب واشنطن!
ما يشغلني تماماً هو النسخة الخليجية من النكتة, كيف ستكون؟ وماذا سيقول المواطن الخليجي؟ هل سيقول مثلاً: أنا لا أستطيع أن أهتف ضد الرئيس الأمريكي في قلب واشنطن... كما أني لا أستطيع ولا أجرؤ أن أهتف ضد الرئيس الأمريكي في الرياض أو الدوحة أو أبو ظبي أو الكويت أو المنامة أو مسقط أو في أي مكان من العالم!
على فكرة المواطن السوري الذي تحكي عنه النكتة القديمة هو الأكثر حرية بين الجميع... فليبدؤوا تعلم الحرية الحقيقية بالهتاف ضد أمريكا ورئيسها إن كانوا صادقين!
***
من فلسفة القرن الحادي عشر, عفواً الحادي والعشرين:
من يحمل الطناجرْ بدلاً من الكتب والدفاتر
سوف يحمل السواطير بدلاً من المساطرْ
والمتفجرات بدلاً من المحابر
وسوف ينتهي إرهابياً تكبيراته ملء الأسماع ولحيته ملء المحاجرْ
فهو عرعورٌ في الأول وعرعورٌ في الوسط وعرعورٌ في الآخرْ
***
مفارقات ثورجية قاحلة:
بعض أوائل المهللين لانكسار حاجز الخوف وتحطيم جدار الصمت, لا يجرؤون حتى اليوم على كتابة كلمة سيئة بحق الرئيس بشار الأسد في صفحاتهم الشخصية!
بعض كبار المتحمسين للثورة منذ بدايتها يكتبون في حق أبطالها ومتسلقيها ما لم يكتبه مالك في الخمر, لكنهم يستمرون في حماستهم لنفس "الثورة"!
بعض كبار المنظّرين للجانب الطبقي للحراك والمنحازين إلى الفقراء والمهمّشين ينسون أو يتناسون أن أبطال الجيش العربي السوري بغالبيتهم الساحقة هم من أبناء الفقراء والمهمّشين, ولا يجرؤون على تحيتهم أو كتابة كلمة عنهم وعن بطولاتهم دفاعاً عن الوطن وعن الدولة وعن جميع الفقراء والمهمّشين!
***
علمياً ينبّه أطباء القلب إلى أن الإفراط في الجري لمسافات طويلة كسباقات الماراثون، يمكن أن يقتل الشخص.
أما سياسياً فينبّه أرباب الحكمة إلى أن الإفراط في الجري وراء رهانات كبيرة كأوهام "الثورات", يمكن أن يقتل الشخص.. والوطن!
***
يا مفكري سوريا "العظماء" بدءاً من طيب تيزيني, ومروراً بياسين الحاج صالح, وانتهاء بحكم البابا: متى سنرى كتباً ودراسات عن "الساروتارية" كنظرية فكرية سياسية جديدة وفريدة... وقبل كل شيء مبيدة؟!
لا أباد اللـه لكم عدواً ولا مبغضاً!
***
اكتشف ميشيل كيلو بعد واحد وعشرين شهراً من التنظير والتقعير, وجود فوضى في قيادات المعارضة, وافتقار المجتمع "المنتفض" للقيادات الجديرة بقيادته...
وقد ينتظر كيلو إحدى وعشرين سنة, لا شهراً, حتى يكتشف (اقرأ: يعترف) أن المجتمع الذي ليس له قيادة, لا يمكن أن يفرز انتفاضة أو ثورة, بل أقصى ما يمكن أن يفرزه هو الفوضى والخراب..
وقبل أن ينصح كيلو غيره بالانسحاب من العمل المعارض, وهي نصيحة في مكانها, فلينصح نفسه أولاً بالانسحاب من التنظير للفوضى وكتابة المطولات في مديح الخراب وتجميل الحقد والكراهية!!
***
قال أحد الشعراء:
في حارتي حوريّةٌ حوراءُ
حارتْ بحريّاتها الأحراءُ
فسُئل: وما الأحراء؟
أجاب: الأحراء جمع حرّ. ولكن الراء أبدلت همزة لأن الموصوف ليس مستقيماً, بل منحنٍ أعوج, لا انحناءً هادئاً انسيابياً كالراء, بل اعوجاجاً متلوّياً نارياً أفعوانياً كالهمزة, وكأشياء أخرى, لذلك جُمع على أحراء!
ملاحظة لمن يود التوسع: لم أجد كلمة "أحراء" إلا في نادرة قصيرة ضمن كتاب "محاضرات الأدباء" للراغب الأصفهاني, فمن توفر له الكتاب فليقرأ النادرة!
***
"الحرية"
أن "تجعر" أكثرْ!
و"الثورة"
أن تحمل خنجرْ
أقتلْ إذبحْ
لا تتأثرْ
لا تتردّدْ
لا تتذمّرْ
إكرع إشربْ
دمّاً أحمرْ
حتى تشبعَ
حتى تسكرْ
***
ملاحظة: هذه مختارات مما انشره في صفحتي على الفيسبوك
إضافة تعليق جديد