تقرير الجمل : روسيا النفط وسيلة لتحقيق الأمن وليس العكس
الجمل: كل الوقائع الميدانية في منطقتي آسيا الوسطى و القفقاس اللتان انفصلتا عن الاتحاد السوفيتي السابق. تؤكد بأن مظلة النفوذ الروسي ما تزال تغطي هاتين المنطقتين، إذ تستغل روسيا بكفاءة عالية المنطقتين كأداة للقوة والنفوذ ، وتقوم بطريقة أكثر "نعومة وثباتاً" بتتبع مصادر الطاقة النفطية فيها، و بما يحقق نفس الغايات والمصالح التي كانت تتحقق أيام الاتحاد السوفيتي السابق.
ويعتمد الاستخدام الروسي للطاقة النفطية كأداة استراتيجية، على ثلاثة مقومات، هي:
• تعزيز وتأكيد نفوذ روسيا ضمن ما تسميه موسكو بالـ "المناطق الخارجية القريبة". وتحديداً جنوب القوقاز وآسيا الوسطى.
• تدعيم قوة الدولة الروسية الداخلية، وتأهيل مكانة روسيا كقوة إقليمية آسيوية وأوروبية شرقية. وبدرجة أقل كقوة عالمية.
• شد الانتباه الغربي إلى مكانة وقوة روسيا.
أبرز وأهم بعد في إستراتيجية الطاقة النفطية الشاملة الروسية، يتمثل في نظرة موسكو للطاقة النفطية، باعتبارها جزءاً وعنصراً يتكامل ضمن إسقاطات وترسيمات القوة والمكانة الإقليمية والدولية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك أن العامل النفطي هو الذي أعطى روسيا مكانة هامة ووزناً أكبر في البيئة الإقليمية الآسيوية،إضافة إلى أنه أعطى روسيا القدرة على الاستغناء عن "غرب أوروبا" والتحول بالكامل إلى التعامل مع البلدان الآسيوية "متى رغبت موسكو في ذلك"، وبالتالي أصبح الأوروبيون الغربيون يدركون تماماً أن الضغوط على موسكو سوف تلحق الضرر بهم فيما يخص قطاع إمدادات النفط القادمة من آسيا الوسطى والقوقاز عبر روسيا.
رغم المكاسب التكتيكية التي حصلت عليها روسيا جراء اعتماد النفط كداعم أساسي لقوة روسيا، فإن هناك مشاكل ماثلة أمام قطاع النفط، تتمثل في :
• يتم حالياً استغلال كامل السعة والقدرة النفطية، ولا يوجد احتياطي للمستقبل البعيد.
• الارتفاع النسبي في تكاليف الإنتاج.
• محدودية سعة خطوط أنابيب نقل النفط.
• منافسة المناطق الأخرى المنتجة للنفط، أضعفت من قدرة روسيا على القيام بدور اللاعب العالمي النفطي الأساسي في البيئة الدولية.
• على المستوى الاستراتيجي، هناك، عدة جوانب تتعلق بعلاقة النفط والأمن، ويمكن رصدها ضمن الآتي:
• تنظر أمريكا للأمن باعتباره وسيلة للحصول على النفط، أي تسعى الإدارة الأمريكية لتأمين كل السبل التي تكفل لها الحصول على النفط بشكل دائم ومتاح في أي وقت.
أما روسيا، فهي لا تنظر للأمن كوسيلة للحصول على النفط، وإنما تنظر للنفط كوسيلة لتحقيق الأمن، أي أن النفط هو الذي يعزز ويدعم الأمن الروسي داخلياً وإقليمياً ودولياً.
• الأمن في مناطق الموارد النفطية الروسية، يعتمد على تأثيرات التحديات الداخلية والسياسات المحلية المرتبطة بخصوصية منطقتي القفقاس وآسيا الوسطى بدرجة أكبر من تأثيرات العوامل الدولية الخارجية. وبالتالي هناك تأثير رئيسي كبير الأهمية يتمثل في مستوى قوة كاريزمية القوى الحاكمة في هذه المناطق، والاعتبار المرتبط بذلك مثل " الفساد"و "سوء الإدارة" أما التأثير الثانوي فيتمثل في التوازنات الدولية والعالمية المرتبطة بصراعات المصالح النفطية في العالم.
تلعب علاقة "الجغرافية" مع "السياسة" دوراً هاماً في تحديد الدور الذي يمكن أن يلعبه العامل النفطي الروسي، وعلى مبدأ الشبيه بالشبيه يدرك، نقول أن النفط في منطقة الخليج هو السبب الرئيسي في خلق حالة الـ (تبعية) اقتصادياً وسياسياً لأمريكا والغرب، أما النفط في المنطقة الروسية، فحتى الآن تؤكد كل المؤشرات على أنه لم يؤدي إلى خلق أي تبعية اقتصادية أو سياسية لأي جهة، فروسيا تتحكم في عائداتها النفطية وتحصل عليها بالكامل غير منقوصة، كذلك لم تستطع أن تفرض عليها أي قوة عالمية أخرى استضافة قواتها وقواعدها العسكرية تحت دعاوي ومزاعم حماية روسيا وحماية مواردها النفطية الإستراتيجية.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد