توثيق 18 ألف حالة سرقة أعضاء بشرية وتحضيرات لتحرك قضائي ضد «مافيات» تركية
كشف طبيب سوري النقاب عن توثيق أكثر من 18 ألف حالة سرقة أعضاء بشرية وقعت في شمال سوريا، وكان معظم ضحاياها من الأطفال، محذراً في الوقت ذاته من أن أكثر من مئة ألف طفل سوري قد يلاقون المصير ذاته في حال لم يتم التحرك للتصدي لهذه الظاهرة.
يأتي ذلك في وقت كشف نقيب المحامين السوريين نزار اسكيف عن تحضيرات لتحرك قضائي ضد «مافيات» تركية متورطة في هذه العمليات فور الانتهاء من توثيق هذه الانتهاكات.
وقال رئيس قسم الطب الشرعي في «جامعة دمشق» حسين نوفل، الذي عمل على توثيق هذه الحالات، إنّ «كل أشكال الاتجار بالأشخاص الموجودة في العالم باتت موجودة في مخيمات لجوء السوريين في تركيا ولبنان والأردن، وفي بعض المناطق الساخنة في الشمال والشرق والجنوب»، موضحاً انه تم توثيق أكثر من 18 ألف حالة سرقة أعضاء بشرية من سوريين في المناطق الشمالية، ومعظمهم من أطفال، في وقت لا تزال فيه عمليات التوثيق قائمة، وسط صعوبات تتمثل بوقوع هذه العمليات في المناطق غير الخاضعة لسلطة الحكومة، بحسب ما أشار مصدر متابع لملف «سرقة الأعضاء» في سوريا.
وفي حين فتح الدكتور نوفل النار على مخيمات اللاجئين السوريين في دول الجوار، متهماً إياها بـ «احتضان عمليات سرقة أعضاء واتجار بالبشر»، كان لمخيمات اللاجئين السوريين في تركيا نصيب الأسد من هذه الاتهامات، حيث قال رئيس قسم الطب الشرعي إنّ «أكثر من مئة ألف طفل سوري مقيم في مخيمات اللجوء في تركيا معرضون للمصير عينه»، موضحاً أن «نسبة 80 في المئة من المهجرين في مخيمات اللجوء خارج الحدود هم من الأطفال والنساء».
ولفت إلى أنه «خلال ثلاث سنوات من الأزمة باتت حالات الاتجار بالأشخاص تقدر بعشرات الآلاف».
وتأتي تصريحات الطبيب السوري في وقت تزداد فيه الأدلة على تورط مستشفيات تركية في عمليات سرقة أعضاء، آخرها ما كشفت عنه «السفير» في الخامس من شهر شباط الماضي حول تعرض مواطن سوري لسرقة أعضائه في مستشفى حكومي تركي، كان قد أسعف اليه.
ونشر ناشطون سوريون تسجيلاً مصوراً يظهر الشاب أحمد عبد الكريم محمد، البالغ من العمر 19 عاماً، وقد سرقت أعضاؤه بعدما نقل إلى مستشفى «انطاكيا الوطني» الحكومي لتلقي العلاج، إثر إصابته بشظية في رأسه نتيجة قصف الطيران لبلدة مورك في حماه بتاريخ 31 كانون الثاني الماضي، بالتزامن مع اشتداد المعارك في محيط البلدة، حيث أكد من نشر التسجيل أن ذوي الشاب فوجئوا بابنهم وقد فارق الحياة في المستشفى، برغم أن إصابته طفيفة، كما فوجئوا بآثار عمل جراحي في بطنه، برغم أن الإصابة كانت في رأسه، فقاموا بنقله إلى بلدة اللطامنة في ريف حماه وطلبوا من بعض الأطباء فتح الجرح لمعرفة سبب وجوده، حيث اكتشف الأطباء أن بطن الشاب خالية من أي أعضاء.
وفي وقت يؤكد فيه الدكتور نوفل أنّ الأرقام التي ذكرها جميعها موثقة لديه، يؤكد المصدر المتابع لملف سرقة الأعضاء في سوريا أنّ هذه القضية تحتاج إلى جهود دولية كبيرة لتوثيقها ومتابعتها وإيجاد حلول لها، موضحاً أنّ كل هذه المحاولات الفردية السورية هي محاولات «خجولة» لا ترقى إلى مرحلة وضع حد لهذه الظاهرة، أو حتى معاقبة «المافيات» التي تعمل على الاتجار بأعضاء السوريين، مضيفاً في الوقت ذاته أن حالة «الحرب التي تعيشها سوريا وخروج مناطق عديدة عن سيطرة الحكومة تتطلب من الدول المجاورة مضاعفة رقابتها لهذا النوع من العمليات الإجرامية»، محملاً حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان المسؤولية الكبرى في هذه القضية على اعتبار أن «معظم عمليات سرقة الأعضاء التي يتم توثيقها بشكل متواتر تقع داخل الأراضي التركية، وبعضها وقع في مستشفيات حكومية».
بدوره، قال نقيب المحامين السوريين نزار اسكيف خلال حديثه إلى «السفير» إن نقابته تتابع ملف سرقة الأعضاء وتنتظر الانتهاء من توثيق الحالات لتتم متابعة هذا الملف في الدول التي وقعت فيها، وعلى رأسها تركيا، إلا أنه أشار إلى أن هذا الأمر قد يتطلب مزيداً من الوقت نظراً لصعوبة توثيق الحالات واستخدامها كأدلة في القضايا التي من المنتظر أن يتم تحريكها أمام القضاء التركي ضد «المافيات» التركية المتورطة في هذه الجرائم، على حد تعبيره.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد