توظيف المرأة في السعودية لا يزال حلما بعيد المنال
تحولت المملكة العربية السعودية من صحراء خالية إلى واحدة من أسرع الاقتصاديات نموا في العالم بفضل تربعها على عرش خامس أكبر مصدري البترول عالميا.
ولكن على الرغم من الصورة بالغة الحداثة للعاصمة الرياض، فإن المجتمع السعودي لاتزال تحكمه التقاليد المحافظة والعادات المتوارثة قبليا.
ورغم محاولات الناشطات السعوديات لإحداث بعض التغيير العام الماضي، لاتزال المرأة محرومة من قيادة السيارات في المملكة، ولاتزال تحتاج لموافقة ولي أمرها الذكر (سواء كان زوجها أو والدها أو شقيقها) للقيام بأعمال بسيطة مثل العمل أو السفر.
ولكن سوق العمل أصبحت أكثر القطاعات تحولا في المجتمع السعودي، فالملك عبدالله والذي ينظر إليه باعتباره إصلاحيا، بعد أن منح المرأة بعض الحقوق العام الماضي، من بينها عدم توظيف الرجال في أماكن بيع الملابس الداخلية النسائية ومحال المجوهرات ومحال بيع العبايات، سيمضي أيضا في طريق الإصلاح خلال عمليات توظيف المرأة.
ويتعارض هذا الوضع مع القيم الموغلة في التحفظ للمجتمع السعودي، أخذا في الاعتبار أن هناك تفاوتا في معدلات التوظيف بين الرجال هناك، حيث تشكل النساء نسبة 60 بالمئة من حجم خريجي الجامعات السعودية في حين يتم توظيف 17 بالمئة فقط منهن في سوق العمل مقارنة بنسبة 75 بالمئة للرجال في نفس سوق العمل.
معركة قانونيةتطلق عليها عائلتها وصديقاتها لقب الرائدة لأنها كانت من بين أوائل الفتيات اللواتي درسن القانون في الجامعة السعودية.
تسمى جميلة وتبلغ من العمر ستة وعشرين عاما، كانت تعلم عندما بدأت دراستها أن آفاق التوظيف المتاحة أمامها ستكون محدودة لأن المحاميات السعوديات ليس مسموحا لهن بالترافع أمام المحاكم.
لكن التصريحات التي صدرت مؤخرا من أن النساء سيسمح لهن بممارسة القانون على قدم المساواة مع الرجال كانت حافزا قويا بالنسبة لها.
تقول جميلة :"اعتقدت أنه سيكون من الرائع أن أكون جزءا من عملية التغيير، كانت البداية شديدة الصعوبة، كل شيء يقف ضدنا، كل شخص يوجه لنا النقد قائلا ‘أنتن تضيعن وقتكن، هذا ليس شيئا يساعدكن في المستقبل‘ وأعتقد أننا أثبتنا أنهم على خطأ."
ولاقت هذه الخطوة ترحيبا من المؤسسات القانونية بالمملكة، ولكن عند التنفيذ الحقيقي ستحتاج النساء لمكان منفصل، وهذا يعني وجود مساحة ونفقات لبناء أماكن يمكن أن تفصل فيها النساء عن الرجال، ولكن على الرغم من التكلفة فإن الطلب على المرأة السعودية في سوق العمل كبير حيث ينظر لهن على أنهن يستطعن تحمل العمل الشاق، كما أنهن سيساهمن مساهمة كبيرة في ازدهار الأعمال.
ويشيد كيفين كونور الشريك بمؤسسة القانون الدولية سكوير ساندرز بالرياض بالنتائج المتوقعة لهذا التغيير مؤكدا أن :"الموجة العالية سترفع كل القوارب، والسماح للمرأة بالمشاركة في الأعمال سيجعل الوضع مربحا للطرفين."
كما أن موانع عمل المرأة في الأماكن العامة يدفع كثيرات منهن لعدم الإقبال على سوق العمل.
خالد الخضير الذي أنشأ أول شركة تطلق موقعا على الإنترنت تحت اسم "جلووورك" ولا يوظف سوى النساء، بعد أن رأى معاناة شقيقته في البحث عن عمل وهي لاتستطيع مقابلة أصحاب العمل المحتملين في أماكن عامة، والآن يتعاون مع الحكومة من أجل توظيف المزيد من النساء، ولكنه يعترف أنه عندما يناصر رجل قضايا تحرر المرأة فإن التغيير سيكون أسهل.
يقول الخضير :"لا أعتقد أنهن يمكن أن يحظين بنفس الاهتمام الذي يمكن أن أحظى به أنا، فعندما يقف رجل ويتحدث يلتف حوله الناس متسائلين ‘ماذا يقول هذا الرجل لابد أن هناك شيئا‘." ورغم أنه وظف الكثير من النساء في مكتبه إلا أنه يعتقد أنه يجب أن يكون هناك تغيير أكثر.
شهد السعود وهي إحدى الموظفات بالموقع الإلكتروني تقول :"الكثير من السعوديات في حاجة للتشجيع، فالقيود لاتزال كثيرة، والكثير من العائلات لاترغب في السماح لنسائها بالعمل، كما أن مجتمعنا لايزال يحمل تقاليده الخاصة، فرغم أنني لا أزال متمسكة بديانتي وتقاليدي إلا أنني أستطيع العمل في ظلها."
بنات المجتمعجميلة التي تعمل الآن محامية في وظيفة دائمة في العاصمة السعودية، لاترغب في التوقف عند هذا الحد، وتقول :"لا أتصور أن يتقدم مجتمع بجهود جنس واحد فيه بينما يبقى الجنس الآخر كما هو، والدي سعيد بهذا التغيير وكذلك أشقائي وأعمامي، نحن أخوات وأمهات وبنات في هذا المجتمع، لقد أصبحنا كما ينبغي أن نكون. آمل أن تتاح لنا فرص أكثر حتى نثبت أننا أهل لما نطالب به".
أمام كل حالة مماثلة لجميلة تقف العديد من النساء خارج سوق العمل، والدولة تقوم بالعديد من الإصلاحات ولكن ببطء، ولايزال الطريق طويلا أما حلم المساواة.
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد