تونس تنتظر الحكومة اليوم والغموض يلف مستقبلها
سيكون التونسيون اليوم على موعد مع الحكومة الجديدة، التي يُنتظر أن تخرج البلاد من أزمة احتدمت إثر مقتل المناضل التونسي شكري بلعيد. استنفد الرئيس المكلّف علي العريض مهلة التشكيل، التي تنتهي بموجب التنظيم المؤقت للسلطة أمس، حتى اللحظة الأخيرة. وبرغم التسريبات التي خرجت حول شكل الحكومة المقبلة، إلا أن الغموض بقي يلفها حتى النهاية، فيما كان واضحاً حدوث خلافات جذرية حول بعض الوزارات السيادية ووزارة الشؤون الدينية وحلّ «لجان حماية الثورة»، بحسب مصادر مشاركة في المشاورات.
وفي التسريبات الأولية، فإن نسبة التغيير في الحكومة المرتقبة مقارنة بحكومة الرئيس حمادي الجبالي المستقيلة تقارب الـ 50 في المئة. وفي اللائحة الأولية، يتولى الوزارات السيادية مستقلون هم عبد الحق الأسود وزيراً للدفاع وهو عُرف بتوليه مناصب إدارية في عهد الحبيب بورقيبة. وكمال بن مسعود وزيراً للعدل وهو أستاذ للقانون العام الدولي، وعثمان الجرندي وزيراً للخارجية وهو ديبلوماسي سابق، فيما احتفظ الياس الفخفاخ بوزارة الماليّة وعبد اللطيف المكي بوزارة الصحة ومحمد بن سالم بالفلاحة. كما يبدو أن نور الدين الخادمي قد احتفظ بوزارة الشؤون الدينية برغم الخلاف حولها الناتج عن الفلتان الحاصل في المساجد.
وبانتظار أن تُعلن التشكيلة النهائية، يبقى التونسيون قلقين مما ستحمله هذه الحكومة التي لا تُعوّل عليها المعارضة التونسية من أجل الخروج من الأزمة.
وفي سياق متصل، أعلن وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي (مستقل) أنه استقال من منصبه في الحكومة بسبب «الضبابية التامة» للمشهد السياسي في تونس، محذراً من إجهاد الجيش الذي يتحمل أعباء كبيرة.
وقال الزبيدي «قدمت استقالتي لعلي العريض وقد طلب مني المواصلة، لكني أعطيته كل الأسباب التي تجعلني غير قادر على مواصلة مهامي»، موضحاً أن الأسباب هي «الضبابية التامة» للمشهد السياسي في تونس وعدم توفر «خريطة طريق سياسية واضحة للذهاب إلى الانتخابات (العامة) في أحسن الظروف وأسرع الأوقات».
كما حذّر الزبيدي من أن «المؤسسة العسكرية متعبة ولم تعد لها الجاهزية اللازمة»، بسبب انتشارها منذ أكثر من عامين لحفظ الأمن داخل البلاد وعلى الحدود. وقال «لدينا تهديد أمني من الداخل وعلى الحدود، لذلك نريد تكثيف وجودنا على الحدود مع الجارتين ليبيا والجزائر».
من جهة ثانية، أعلن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، في حديث نشرته صحيفة «الخبر» الجـــزائرية، أن نظامه سيقاوم التيار السلفي المسلــــح، لكنه يدعو إلى الحوار مع العناصر الأخرى المعتدلة من هذا التيار الإسلامي.
وقال المرزوقي «بالنسبة للظاهرة السلفية، يمكن أن تشكل إزعاجاً كبيراً، لكنها لا يمكن أن تشكل خطراً على الدولة أو المجتمع»، موضحاً «التيار السلفي ليس كله متشدداً، هناك تيار تقليدي وهناك تيار إصلاحي، أنا أردت أن أفتح الحوار مع التيار السلفي التقليدي والتيار الإصلاحي، أما التيار السلفي المسلح فسنقاومه، وهذه مسؤولية الجيش وأجهزة الأمن».
بدوره، أعلن رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أن الانتخابات المقبلة ستكون في الفترة بين نهاية تشرين الأول ومطلع تشرين الثاني المقبلين.
إلى ذلك، تصرّ أسرة المناضل التونسي شكري بلعيد على معرفة الجهة المحرّضة على قتله. وبعد أن أعلنت الجهات المسؤولة أنها تلاحق القاتل الــــذي تمكنت من تحـــديد هويته، تؤكد العائلة أن الحكومة تتحمّل مسؤولية هذه الجريمة.
وفي تظاهرة نظمتها عائلة بلعيد أمام وزارة الداخلية في تونس، قال شقيقه عبد المجيد إن «هناك من هو وراء هذه الجريمة. الذي اغتيل هو رجل سياسة. شخصية وطنية اغتيلت، إذاً وراءه تيار أكيد. وراءه يد سياسية. نحن نحمّل الحكومة مبدئياً المسؤولية وخاصة حركة «النهضة» برئاسة راشد الغنوشي».
وفيما ذكر عبد المجيد أن أسرة بلعيد لن تهدأ بعد كشف ملابسات اغتياله، قال إن «حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف تقريباً تبنّت الموضوع رســـمياً. أسبــوع أو عشرة أيام إذا لم ينتقل الملف فسننتقل نحن بدورنا للمرحلة التالية».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد