ثوابت "عهد الأوادم"

18-08-2007

ثوابت "عهد الأوادم"

بين يديَّ الجزء الثاني من الكتاب التوثيقي «ثوابت من أجل وطن» الذي يحمل توقيع الرئيس العماد اميل لحود.لن أطيل في عرض محتوياته, وهي ليست جديدة بطبيعة الحال, والرئيس لحود يريده مرجعاً يوثق عهده بشقيه الأول والثاني, ومواقفه من مختلف القضايا الوطنية والاقليمية والدولية, وسوف يستكمله لاحقاً بجزء ثالث.
وأسمح لنفسي والعهد يوشك ان ينتهي بأن أسجل من جهتي حالة ثابتة في «علاقتي» بالرئيس لحود­ اذا صح التعبير­ هي حالة القطيعة الدائمة. ولست ادري اذا كان مكتب الاعلام في القصر هو المسؤول عن هذه القطيعة أو الفريق العسكري المخابراتي في هذا المكتب. المهم أن سنوات العهد التسع مرت بكل ما حفلت به من احداث, ولم يتح لي أن ألتقي الرئيس إلا مرة واحدة, قبل شهرين من انتخابه وكان لا يزال قائداً للجيش.
أذكر انه استقبلني بمودة وصارحني ببعض الأمور التي تهم اي صحفي يمارس المهنة من موقع احترام الثوابت الأخلاقية التي ينطوي عليها ميثاق الممارسة. قال لي يومذاك: ان عهد الزعران انتهى وعهد الأوادم في الطريق وأريدك أن تكون شاهداً على ذلك. وأضاف: أريد أن أشرح لك كيف أعدت بناء المؤسسة العسكرية, وأنا اليوم مطمئن الى دورها لأنني اعرف كيف بنيتها ومرتاح الى عقيدتها القتالية.
عدت يومها من وزارة الدفاع مرتاحاً بدوري الى ان العهد الآتي يبشر بالخير. انه يحترم حرية التعبير بقدر ما يحترم المبادئ التي يؤمن بها, وما يهمني في نهاية المطاف هو ان اعيش مع اولادي بكرامة في وطن كريم. قلت في نفسي: ما دام الأمر كذلك لن أعود الى باريس, كما فعلت على مدى اثني عشر عاماً. ان لبنان وطني وسوف أعلم اولادي كيف يحبونه, ومسألة ان يكونوا ولدوا في فرنسا لا تعني بالضرورة انهم فرنسيون.
ما حصل بعد ذلك اقلقني الى حد بعيد. اتصلوا بي ذات مرة من مقر المخابرات العسكرية يسألونني أن أكشف مصدر خبر سياسي نشر في مجلة أشرف عليها. في المرة التالية استدعيت الى مقر المخابرات كي اطالَب بالكشف عن مصدر معلومات نشرت في المجلة...
وبعدها انقطع كل اتصال بين القصر وبيني, ثم بين الاعلام العسكري وبيني وكذلك الاجهزة, ومرت السنوات التسع ولم يوجه الي مكتب الاعلام في القصر أي دعوة لحضور أي مناسبة ذات طابع اعلامي.
صرت ذلك المنبوذ على طول الخط, ليس لأنني انتمي الى حزب أو تيار سياسي معارض, وليس لأنني أسأت الى الأمن القومي بقصد او بغير قصد, وليس لأنني على اتصال بأجهزة خارجية, وليس لأنني خرقت الميثاق المهني في ممارسة المهنة...
كل ما في الأمر أنني لم أكن مطيعاً لعهد «الأوادم», وقد تم تصنيفي على عجل بأنني «لست صديقا», وتم بالتالي عزلي عن كل المناسبات التي تهم الصحفيين في القصر الرئاسي.
لماذا كل هذا الكلام؟
كتاب «الثوابت» في جزئه الثاني أعاد الى ذاكرتي هذه «الثابتة», ومع أنني لست نادما على سلوكي المهني, ومطمئناً بصدق الى الثوابت التي تحكم هذا السلوك منذ بدأت ممارسة المهنة, فإنني أشعر بخيبة أمل لأنني فرحت كثيراً بلقائي الأول مع العماد اميل لحود وكنت أطمح فعلاً الى مشاركة اعلامية طويلة في عهده الطويل, لكن أسياد القرار الاعلامي في القصر لم يريدوا لي أن التقيه مرة ثانية.
انها «ثابتة» أوردها هكذا بالمناسبة في الكلام على «الثوابت».


فؤاد حبيقة
المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...