جولة القلمون الأولى: سيطرة لحزب الله
حقّق مقاتلو حزب الله والجيش السوري أمس، تقدّماً استراتيجياً في جرود القلمون بسيطرتهم على «تلّة موسى»، القمّة الأعلى في سلسلة جبال لبنان الشرقية الشمالية، والتي يبلغ ارتفاعها 2580 متراً، بعد 9 أيام على بدء الهجوم على مواقع مسلحي «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ـــ جبهة النصرة» والفصائل المسلّحة المتحالفة معها.
وأمام الهجمات العنيفة، لم يكن بوسع مسلحي «النصرة» إلّا التخلّي عن المواقع التي تحصّنوا فيها منذ إخراجهم من قرى القلمون السورية العام الماضي، بدءاً بجرود بلدة بريتال ونحلة اللبنانيتين، وجرود عسال الورد وجرود الجبّة السوريتين، ثمّ جرود بلدة رأس المعرة السورية، التي سيطر الجيش السوري وحزب الله حتى يوم أمس على أكثر من 50% من مساحتها.
تراجع مسلحو «النصرة» باتجاه الشمال الغربي، أي إلى جرود بلدة عرسال، حيث خطوط الإمداد والقواعد الخلفية، في ظلّ خسارتهم غالبية الجرود جنوب جرود عرسال (مع بقاء جيوب لهم في مرتفع باروح) ووجود تنظيم «داعش» في الجرود الشرقية والشرقية الشمالية لعرسال، وسيطرته على مِعبَري مرطبية والزمراني غير الشرعيين مع سوريا، وصaولاً إلى جرود مشاريع القاع اللبنانية.
مصادر ميدانية معنية، تؤكّد أن «نسبة نجاح العمليات والكلفة البشرية المنخفضة نسبياً التي تتكلّفها القوات المهاجمة فاقت التوقّعات». وتؤكد استمرار المعارك «حتى تطهير باقي الجرود المحيطة بجرد عرسال»، مؤكّدة أن «مقاتلي حزب الله والجيش السوري لن يتقدّموا إلى جرود عرسال اللبنانية».
وتشرف «تلة موسى» من الشرق على فليطة وجرودها، ورأس المعرة وجرودها، ومن الغرب تشرف على مرتفعات الخشعات اللبنانية، ومن الجنوب تشرف على مرتفع الباروح، ومن الشمال تشرف على جرود عرسال اللبنانية.
وسيطر مقاتلو حزب الله أمس على مساحة 40 كلم مربع من الجرود، شرق جرود نحلة، انطلاقاً من «عقبة البيضاء» جنوباً وحتى «قرنة عبد الحق» شمالاً. كذلك سيطر الجيش السوري ومقاتلو حزب الله على تلة «عقبة الفسخ» الجنوبية الاستراتيجية غرب جرد رأس المعرة، التي تشرف على معابر المسلحين التي تؤدي إلى جرود عرسال اللبنانية، وسيطرت القوات المهاجمة «نارياً» على معبر «الفتلة»، الذي يربط جرود عرسال بجرد رأس المعرة، وهو الشريان الأساسي للمسلحين كخط عبور باتجاه عرسال وجرودها.
إنجاز الميدان أمس، نقل البحث إلى الجانب اللبناني الرسمي والسياسي، والسؤال الآن حول خيارات الجيش اللبناني الذي يوزّع قواته من عرسال إلى رأس بعلبك وبلدة القاع ومشاريعها، بالإضافة إلى موقف تيار المستقبل. ومع انتقال المسلحين إلى جرود عرسال، تكون مجموعاتهم تحتل عملياً أكثر من 600 كلم مربع من أراضي السلسلة الشرقية اللبنانية، التي تفوق مساحتها مساحة مزارع شبعا المحتلة، بالإضافة إلى احتمالات التهديدات الأكيدة لبلدة عرسال، في ظلّ الحصار الذي يشتدّ يوماً بعد يوم على المسلحين.
مصدر معني بالمعركة أكد أن «التقدّم الميداني في الأيام الأخيرة هو ضربة قاسية للسعودية وتركيا والدول الداعمة للإرهابيين، تحت مسميات جيش الفتح وغيره»، مشيراً إلى أن «الدور الذي كانت تضطلع به المجموعات المسلحة للضغط على قرى البقاع الحاضنة لحزب الله انتهى، وكذلك الوصول إلى الزبداني وتهديد طريق دمشق بيروت انتهى أيضاً».
غير أن المصدر يجزم بأن «القضاء نهائياً على المسلحين في الجرود اللبنانية وحماية عرسال ورأس بعلبك والقاع، أو حصار المسلحين لدفعهم إلى ترك الجرود نحو البادية، لا يتمّ من دون تنسيق جدّي وفعلي بين الجيش اللبناني والسوري». ويلفت المصدر إلى أن «القرار السياسي الذي منع الجيش اللبناني من المشاركة في المعركة والتقدّم باتجاه الأراضي اللبنانية المحتلة، رفع من نسبة الخطورة على القرى اللبنانية الحدودية في الشرق الشمالي، وأن المسألة باتت الآن في عهدة تيار المستقبل لحلّ أزمة الجماعات التكفيرية التي تحتل جزءاً من الأراضي اللبنانية، وتهدّد بلدة عرسال تحديداً».
وبينما ذكرت مصادر المقاومة أنه سقط العشرات من المسلحين قتلى في المعارك، جرى الحديث عن أسر عدد من قيادات «النصرة» في المنطقة. وفي المقابل، أعلن أمس استشهاد أربعة من عناصر «حزب الله» خلال المواجهات.
وبالتزامن مع تقدّم حزب الله والجيش السوري، تواصلت المواجهات بين «النصرة» وتنظيم «داعش». وتقول مصادر أمنية «إن «داعش» يستغل الموقف لتحسين وضعه في القلمون وانتزاع مناطق سيطرة من «النصرة»، خصوصاً بعد اضطرارها إلى استخدام معابر وطرقات تقع تحت سيطرة التنظيم»، مشيرةً إلى أن «الجيش السوري شدّد المراقبة في الأيام الماضية على المعابر التي تصل القلمون بالبادية، لمنع داعش من استقدام التعزيزات والمقاتلين من الشرق».
بدورها، تؤكّد مصادر أمنية لبنانية أن «الجيش اللبناني رفع من جهوزيته لمواجهة أي عمليات تسلل أو اعتداءات على القرى اللبنانية ومواقعه على الحدود»، لافتةً إلى أن «داعش بقواه الحالية لا يستطيع هزيمة النصرة، وهو يسعى إلى جلب إمدادات من البادية لقلب المشهد والسيطرة على الجرود».
وتفيد مصادر أمنية رسمية إلى أن المناخ السائد في داخل عرسال اليوم هو على غير ما كان عليه في وقت سابق، وأن الأهالي يعبّرون عن تذمرهم من المسلحين، ويظهرون خشية من انتقالهم إلى داخل البلدة، ما يؤدي إلى اشتداد النزاعات أو إلى صدام مع القوى الأمنية الرسمية.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد