حالة خاصة بالأذكياء والمبدعين
هل حدث أن تكررت شكوى المدرسة من ابنك؟ وهل تقول لك معلمته كلما التقيتها إن ابنك بليد وكسول وعلاماته متأخرة وأداؤه ضعيف, وأنه يسرح ولا يركز, وأن الأمل في نجاحه مفقود؟
وهل حدث أنك أصبت بعدها بالاكتئاب, أو انفعلت فأمسكت ابنك وعنفته أو ضربته عقابا له على إهماله وكسله؟
إذا كانت هذه هي حكايتك فأرجوك توقف وانتبه, فقد يكون ابنك مثل ملايين الأطفال في العالم مصاب بالديسلكسيا, ويعاني في صمت دون أن يتفهم حالته أحد. وربما يكون في بيتك عبقري سيقدم للبشرية خدمة جليلة في مستقبل الأيام.
- الديسلكسيا كلمة يونانية الأصل تعني صعوبة التعامل مع الكلمة. وهي ليست مرضاً يصيب الإنسان ويعالج بالدواء, إنما هي اختلاف خلقي في المخ ينتج عنه خلل في فك الرمز الكتابي لأسباب جينية وراثية. ويصف خبراء التربية الديسلكسيا بأنها حالة تؤثر على مهارات الكتابة والقراءة واللفظ ولا علاقة بينها وبين مستوى الذكاء بل على العكس معظم أصحابها يتمتعون بدرجة غير عادية من الذكاء والإبداع. وهي ليست حالة نادرة بل إن 4% من الناس يعانون من الديسلكسيا ونسبة انتشاره في الأولاد أكبر بكثير من البنات.
- تظهر علامات الديسلكسيا مع الوقت بملاحظة الأهل. مع العلم أنه لا توجد حالتان متطابقتان تماما في كل الأعراض. كما أن الأعراض لا تظهر جميعها ولا بنفس الدرجة على الشخص الواحد. فمنها البسيط والمتوسط والحاد. ولقد قسمت الأبحاث العلمية أعراض الديسلكسيا إلى مراحل طبقا لعمر الطفل:ففي سن ما قبل دخول المدرسة قد يتأخر الطفل في الكلام أو قد يقلب حروف الكلمات ويبدي عدم وضوح في الجمل. وربما يصعب عليه ربط الحذاء وإغلاق أزرار القميص ويجد صعوبة في تحديد اليمين من اليسار, أو أن تسقط من يديه الأغراض عند حملها ويعجز عن ترتيب الأشياء ووضعها بتسلسل في مكانها الصحيح, أو أن يبدو فاقدا للتركيز عند الاستماع لقصص وحكايات ما قبل النوم.
وبعد الالتحاق بالمدرسة وحتى سن التاسعة يظهر جليا التأخر في تعلم القراءة والكتابة والهجاء. ويصبح كثير الحركة أثناء الدرس. ومن المتعذر حفظ جدول الضرب وإدراك الوقت والساعة والتمييز بين أيام الأسبوع والأشهر. ومن الأولاد من يرى الكتابة تتساقط عن الصفحة, ومنهم من يجد مشكلة في الحساب والأرقام, ومنهم من يتجاوز بعض الأسطر أثناء القراءة أو يقرأ الكلمات معكوسة. وبعضهم يبدي تشتتا ذهنيا واضحا وضعفا في التركيز والمتابعة. وبالتالي صعوبة عمل الواجبات المدرسية بمفرده, والعجز عن تذكر المعلومات التي درسها.
ومن سن التاسعة حتى سن الثانية عشرة تستمر معه أخطاء القراءة والأخطاء الإملائية. فينسى بعض الحروف أو يضع الحروف في غير مكانها. ويجد صعوبة في النقل من السبورة والفهم من الكتاب وتذكر التعليمات الشفهية. أما أبرز ما يميز هذه المرحلة فهو عدم القدرة على تنظيم أغراضه في البيت والمدرسة. ومع الوقت تضعف ثقته بنفسه فتزداد حالة الفوضى ويزداد معها شعوره بالتمرد والرفض. أما بعد سن الثانية عشرة فيجد صعوبة شديدة في كتابة المواضيع. وتعلم اللغات الأجنبية ويظهر تخبطا ملحوظا عند تلقي مجموعة من الأوامر الشفوية. لكن القدرات الكتابية والإملائية لديه تتحسن عند استعمال الكمبيوتر.
ياسر حمزة
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد