حسناوات تركيات لخدمة القمة العربية
بهيات، في ثوب من حرير وقطن، يطال الأرض، بألوان زاهية مشرقة، يغلبها الأبيض والأحمر. مزينات بابتسامة مرحبة، وأطواق من الحلي البدوية والشرقية، تتشابك وترن مع مشيتهن في خدمة ضيوف الدار... الليبية. إلا أن ألسنتهن لا تجيد لغة أهل الدار، فيتقدمن منك بلغة انكليزية متواضعة، ويسألن «كيف نخدمك؟».
الأولى اسمها «سيبيل»، والثانية «ديليك»، والثالثة «فاطمة» ومعهم سعد الله ومحمد وغيرهم... لا فرق بين مضيفات ومضيفي الدار التي يسكنها مؤقتا وزراء الخارجية، ولاحقا الزعماء العرب على ضفة المتوسط.
والواقع أن «الضيافة» التركية في سرت لا تقتصر على تقديم الخدمات بلباقة أنثوية، بل امتدت لبناء المرافق، ومن بينها مكان إقامة الوفود الإعلامية في شقق، كأنما بنيت بسرعة لخدمة جيوش الإعلاميين الذين حضروا لتغطية قمة سرت. وإلى جانب مقر الإقامة الإعلامية ثمة خيمة تركية أيضا، تقدم الطعام الليبي والتركي، وهو طعام يناسب غالبية الوفود على الأرجح، بطعم متوسطي خفيف لا يوجع المعدة ولا يجمّع الشحوم في الشرايين، كالأكل العربي التقليدي والصحراوي.
«ضيافة» مدفوع ثمنها بالتأكيد، وناجحة من دون شك، وتتزامن مع حضور رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان افتتاح القمة العربية اليوم، بكلمة ستدعو من دون شك إلى مزيد من التعاون التركي العربي، والانفتاح بين الجانبين.
وبالطبع لا يجسد هذا القول أكثر من حضور تركيا اللوجستي في سرت، وربما في العاصمة طرابلس، وباقي ليبيا متزامنا مع خطوة إلغاء التأشيرات بين البلدين، لتمنح تركيا فضاء واسعا للحركة الاقتصادية والتجارية والسياسية في العالمين العربي والأفريقي.
سياسة تركيا بالانفتاح غير المشروط، تبرهن مجددا من دون شك أنها مدروسة استراتيجيا وبعيدة المدى، وليست حصيلة جلسة عصف فكري صباحي. الواضح أن أنقرة تعلمت أنها عبر التراجع خطوة عن إسرائيل والتقدم خطوتين نحو العرب يمكن أن تجني أضعاف ما يمكن أن تجنيه من موضعها السابق. معلوم أيضا أن تركيا لا تريد قطيعة تامة مع أحد، وأنها تبني لتجني على المديين القصير والطويل.
إلا أن الحضور التركي في مطابخ ليبيا، يثير، من دون شك، حزنا مفهوما. فهو يأتي بعد شكوك بأن ليبيا لن تستطيع الإقلاع لوجستيا بالقمة العربية الباهظة التكاليف. لقد استفادت طرابلس غير المستعدة منذ عام، من حملة استثمارية تركية في المجالات كافة، لتقديم ما هو مثير للإعجاب في مجال الخدمة وحسن الإعداد والتقديم. كما استطاعت أن توفر سكناً لإعلاميين، سيصبح في ما بعد للسكان المحليين. ولا شك في أن لتركيا مشاريع أخرى في سرت وغيرها من المدن في هذا الإطار.
إلا أن هذا من دون شك اعتراف بفشل وغياب عربي متكرر. وهو بديل عن إمكانية عربية غير متحققة في مجال الخدمات والعلاقات بين الدول واقتصادييها. وإلا لم تستعن ليبيا بالأتراك لخدمة ضيوفها...من العرب؟
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد