دبلوماسية دمشق الوقائية في القمة السورية-الليبية
الجمل: شهدت العاصمة الليبية طرابلس مؤخرا, قيام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة ليبيا وعقد لقاء ثنائي مع الرئيس الليبي معمر القذافي, هذا, وقد تميزت القمة الثنائية السورية-الليبية, بالجهود المزدوجة, التي ركزت من جهة على تعزيز العمل العربي المشترك, ومن الجهة الأخرى على تعزيز العلاقات الثنائية السورية-الليبية: فما هي تداعيات هذه القمة على الوضع الإقليمي, وعلى العلاقات الثنائية؟
جدول أعمال قمة الأسد-القذافي:
ذكرت التقارير, بأن قمة الأسد-القذافي, قد انعقدت على خلفية التفاهم المشترك حول ترتيبات عقد قمة طرابلس العربية المحدد لها الانعقاد في 28 و19 شباط (فبراير) 2010م المقبل. فالرئيس السوري بشار الأسد هو الرئيس الحالي للجامعة العربية, بعد توليه مقاليد الرئاسة بدءا من لحظة انعقاد قمة دمشق العربية الدولية السابقة وحتى انعقاد قمة طرابلس العربية القادمة, حيث تنتقل مقاليد الرئاسة إلى الرئيس الليبي معمر القذافي. وتشير التوقعات إلى احتمالات أن تواجه ليبيا المزيد من المصاعب في عقد قمة طرابلس العربية, وذلك بسبب الخلافات العربية-العربية, والتي تتميز طرابلس بأنها تمتلك رصيدا كبيرا منها, فهناك خلاف ليبي-سعودي أدى تلقائيا إلى حدوث خلافات ليبية-خليجية, وهناك فتور ليبي-مصري, وفتور ليبي-أردني, وفتور ليبي-مغاربي بسبب التوترات المتراكمة السابقة, في علاقات ليبيا-تونس, وعلاقات ليبيا-المغرب.
تقول المعلومات, بان قمة طرابلس لو انعقدت, فإنها سوف تكون أول قمة عربية دورية رسمية يتم عقدها في ليبيا, الأمر الذي سوف يتيح للرئيس الليبي معمر القذافي الصعود إلى منصب رئيس الجامعة العربية خلال دورتها القادمة.
دبلوماسية دمشق الوقائية: إشكالية الضبط الإقليمي؟
برغم استفحال تراكمات الخلافات العربية-العربية, بسبب تأثير الوقائع الميدانية الشرق أوسطية, وتأثير تدخل الأطراف الثالثة الأجنبية, فقد ظل الأداء السلوكي لدبلوماسية دمشق أكثر تأكيدا لجهة تفعيل الدبلوماسية الوقائية من أجل القضاء على الخلافات المتراكمة قبل استفحالها.
سعت دبلوماسية دمشق من خلال قمة طرابلس الأخيرة, إلى التأكيد على ضرورة إنجاح انعقاد قمة طرابلس القادمة, من خلال:
•تجاوز الخلافات, سواء عن طريق حلها, أو تركها جانبا, طالما ان المنطقة العربية, تحفل بالمزيد من الملفات الجديدة ذات الأهمية والأولوية.
•تفعيل التفاهمات العربية الثنائية والمتعددة الأطراف حول التطورات الجارية.
هذا, وكشفت بعض التسريبات الصحفية بان الرئيس الليبي معمر القذافي يسعى حاليا إلى إطلاق مبادرة مصالحة عربية شاملة, بما يتيح إزالة الخلافات الليبية مع السعودية ودول الخليج, ويضفي قدرا أكبر من الحيوية للعلاقات الليبية مع دول المغرب العربي ومصر.
لم تتضح بعد تفاصيل مبادرة المصالحة الليبية, وبرغم التفاؤلات الإيجابية فإن نجاح مبادرة المصالحة الليبية هذه, سوف لن يكون رهينا بمدى رغبة بقية الأطراف في قبولها, طالما أن أسباب الخلاف التي أدت إلى تدهور العلاقات تعود في جزء كبير منها إلى تأثير مفاعيل الأطراف الثالثة الأجنبية, وعلى وجه الخصوص توجهات السياسة الخارجية الأميركية الشرق أوسطية الداعمة لإسرائيل.
بذلت دبلوماسية دمشق الوقائية جهوداً كبيرة في تعزيز الروابط التركية-العربية, والروسية-العربية, والآن, وعلى ما يبدو, فإن دبلوماسية دمشق الوقائية سوف تكون مواجهة بمهمة تعزيز الروابط على الجانب الآخر, وتحديدا بلدان شمال أفريقيا والمغرب العربي, وبرغم التفاؤلات تشير أن المهمة لن تكون سهلة, طالما أن عملية الضبط الإقليمي لجهة توحيد 22 موقفا عربيا سوف تظل لفترة طويلة قادمة تحتاج إلى المزيد من الجهود.
على أساس اعتبارات العلاقات الثنائية السورية-الليبية, فقد أكدت قمة الأسد-قذافي, على تشكيل المجلس الاستراتيجي الأعلى المشترك للعلاقات السورية-الليبية, وبرغم عدم وضوح التفاصيل والخطوط العامة لجدول أعمال هذا المجلس, لأن الأمر ما زال في بدايته, فإن الفترة المقبلة, سوف تشهد دخول الطرفين السوري والليبي في المزيد من التفاهمات والمشاورات وذلك لوضع الأسس اللازمة لقيام وتشكيل هذا المجلس, ومن ثم فإن نجاح هذا المجلس, سوف يترتب عليه توطيد أركان وأسس علاقات خط دمشق- طرابلس, والتي سوف تكون ظاهرة استراتيجية, لا يمكن تجاوزها, طالما أن هذا الخط, سوف يندمج ضمن منظومة دبلوماسية دمشق, والتي بعد أن ضمت أطراف خطوطها: أنقرا- طهران- بيروت فإن دخول طرابلس, سوف يتيح لهذه المنظومة المزيد من مفاعيل التوسع غربا.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد