دراما الفساد تجتاح المسلسلات السورية

26-03-2008

دراما الفساد تجتاح المسلسلات السورية

دراما الفساد والانحرافات الاجتماعية، المحمّلة بجرعة من العنف و«الأكشن»، صارت نوعاً درامياً دائم الحضور سورياً في السنوات الأخيرة... من «غزلان في غابة الذئاب» لفؤاد حميرة ورشا شربتجي، والمسلسلات التي كتبها هاني السعدي مثلبسام كوسا وكاريس بشار في مشهد من المسلسل «أسياد المال» (إخراج يوسف رزق)، «خلف القضبان» (الليث حجو)، «أبناء القهر» و«عصر الجنون» و«جنون العصر» (مروان بركات)، إلى «أحقاد خفية» للكاتب يوسف عرعور والمخرج مروان بركات... وتحضر في هذه الأعمال أيضاً موضوعات تتناول الطبقة المخملية وفساد المسؤولين وفساد المثقفين، والجريمة والمخدرات. وبينما رأى بعضهم أن هذا النمط من المسلسلات يعتمد على الفضيحة، ولا يقدم صورة أمينة عن المجتمع السوري، وخصوصاً أنها لا تخلو من مبالغات ونظرة تشاؤمية... رأى صانعوها أن المخفي أعظم.
المخرج مروان بركات والكاتب يوسف عرعور (مع معالجة درامية لمحمد ملاك، وبشرى قشمر)، يطلان هذا الموسم من خلال مسلسل جديد هو «جمال الروح» (اسم مبدئي قد يتغير كما حدث مع «الذئب» الذي تحول إلى «أحقاد خفية»). أُنجز ثلثاه حتى الآن، وسيعرض على mbc في رمضان. المسلسل من إنتاج شركة الصدف السعودية (حسن عسيري) التي أنتجت «الملك فاروق» في الموسم الماضي. ويلعب بطولة العمل عدد من النجوم السوريين، في طليعتهم بسام كوسا الذي شارك مع مروان بركات في «أبناء القهر» و«عصر الجنون» و«أحقاد خفية». ويطل أيضاً باسل خياط وكاريس بشار، ليشكلا مع كوسا ثلاثي الزوج والزوجة والعشيق.
يقول بسام كوسا إنه يستسيغ العمل مع بركات، ذلك أن «كل طرف يوصل الفكرة دون عناء. هناك نقاط تناول مشتركة في آلية العمل، موضوعات مروان تجد صدى عندي، لأنها حارّة وحساسة، وقد تكون مصادفة غير مقصودة أن نعمل معاً». وبينما يعرّف مروان بركات مسلسله بأنه دراما عن الخيانة الزوجية، يرى كوسا أنه «يحكي عن الفئة التي ظهرت في سوريا خلال العشرين عاماً الأخيرة. فئة حديثي النعمة والأثرياء الجدد والقطط السمان، ممن ليس لديهم أي قواعد أو موانع أخلاقية وإنسانية للوصول إلى مآربهم المالية والشخصية». وماذا عن شخيصته في «جمال الروح»؟ يجيب: «ألعب دور نزيه، رجل أعمال يملك داراً للأزياء. ونزيه هو نزيه بالاسم فقط. الشخصية ليست جديدة في الدراما المحلية بالمفهوم العام، لكنها صارت من الشخصيات المؤرقة، لأن تأثيرها الاجتماعي كبير». سوزان زوجته (كاريس) تحب الكاتب عماد (باسل خياط). ويشرح خياط طبيعة هذه الشخصية، قائلاً: «هو كاتب قصص قصيرة لديه مشروع أدبي، لكنه في الحقيقة وصولي يستغلّ ضعف الجنس اللطيف، ومن خلال النساء يحاول الحصول على مبتغاه المادي، عبر مجموعة من العلاقات التي يمكن أن تسهل له أموره بطرق غير شرعية».
في «جمال الروح» الذي يُكتب تباعاً، خط درامي يلتقي مع الخط الأصلي هو عائلة أبي هاني (علي كريم). هذا الأخير هو رب عائلة فقيرة، بائع «عرانيس» ذرة، ومدمن حشيش، يهمل عائلته، ويزوّج ابنته ياسمين (سوسن أرشيد) لنوري (خالد القيش) مقابل الحشيش. أما نوري فيعمل سائقاً لدى نزيه، ويسهّل العلاقة بين زوجته ومعلّمه. سعاد (ضحى الدبس) زوجة أبي هاني، تعمل في البيوت، وابنها هاني (فرزدق ديوب) يتاجر في الحشيش على نطاق ضيق، ويخطط لسرقة بيت تعمل فيه والدته.
نزيه أيضاً يستغل العارضات لديه لمآرب شخصية، ويدخلهن إلى عالم المخدرات، ويعمل قوّاداً لصالح رجال أعمال في الخارج. يستغل فتيات فقيرات كدلال (ديمة قندلفت)، يشغّلها في عرض الأزياء، ويجعلها تدمن على المخدرات ويستغّلها جسدياً. أما سوزان فتخونه مع عماد الذي تحبّه، ثم يكتشف نزيه الخيانة، فيستغل عماد هذه العلاقة بمقايضات معه. وتنتهي سوزان إلى الجنون بعد اكتشاف خداع عماد، بينما يحاول نزيه قتل سوزان عن طريق نوري الذي ينتهي إلى قتله لأنه صار يعرف الكثير عنه.
مروان بركات أخرج «جنون العصر» (بطولة بسام كوسا، سلاف فواخرجي، باسل خياط، قصي خولي) في الموسم الماضي مع الكاتب هاني السعدي، وهو الجزء الثاني من المسلسل الجماهيري «عصر الجنون»، ويقدم جانباً من حياة السجن، لذا صورت مشاهد منه في إصلاحية «خالد بن الوليد للأحداث». لكن «جنون العصر» لم يجد الفرصة للعرض على mbc، كما كان مقرراً، إذ تأخّر تسليم أشرطته حتى قبل رمضان بـ12 ساعة، بسبب خلافات مع المنتج المنفذ وائل سويداني («الشركة العربية») الذي تحفّظ على أشرطة العمل. ويعلّق كوسا: «هذا استئثار، وسويداني يعتقد أن الفنان إذا حصل على أجره المادي فإن ذلك يكفي، وينسى أن هناك حقاً معنوياً. نتيجة التجربة قررت عدم التعامل معه. هناك شخص يمنع العمل من العرض، ليربح أكثر. علماً بأن هناك أشخاصاً لم يحصلوا على أجورهم إلى الآن».
بسام كوسا مستمرّ أيضاً في تصوير مسلسل «الحوت» مع شركة «عاج»، كما يتولى أيضاً الإشراف العام على العمل. ويقول: «في «كوم الحجر» (من إنتاج «عاج»، (يعرض عند الساعة 18:00 على mbc) عانينا من مشكلات عدة كنا نتمنى ألّا تؤثر على النتائج. هذا الإشراف مهمته درء الأخطاء، هناك أشياء كان من الممكن حلّها ببساطة، لكن كان لا بدّ من إدارة تدير العمل».
«جمال الروح»، العمل الأحدث للنجم بسام كوسا، يكاد يكون خالياً من الشخصيات الإيجابية. وكأن هذا المزاج (الشرير) أصبح يروق لمن كان وجهاً رومانسياً في الدراما والسينما السورييين، من فيلم «نسيم الروح» الذي قدم فيه كوسا واحداً من أجمل أدوراه، مروراً بأعماله التلفزيونية مع هيثم حقي، وصولاً إلى دور الصحافي الخيالي والعاشق في «الانتظار» لليث حجو. كوسا الذي قدم أمثولات شعبية للشرّ المطلق من خلال شخصية المخرز في «ليالي الصالحية»، والإيدعشري في «باب الحارة 1»، لعب أيضاً أدواراً لأشخاص بلا رحمة كما في «أحقاد خفية»... ابتعد تدريجياً عن صورة الفتى النحيل الذي ظهر في دور صغير لشاعر في فيلم «حادثة النصف متر» لسمير ذكرى، في مقتبل حياته الفنية. هذا الممثل الهادئ والخجول، أسرّ مرة أنه يشعر بأنه لا يصلح على المستوى النفسي لهذه المهنة مع ما تقتضيه من صخب اجتماعي. هل هو التقدم في السن أم البحث عن تحدّ في أداء شخصيات لا تشبهه، مع شائعة أن الممثل السوري يلعب الدور النفسه؟

منار ديب

المصدر: الأخبار

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...