دمشق قلقة من تفاهم أنقرة ــ «النصرة»
لم تشهد الأيام الثلاثة الماضية، التي تلت دخول قوات الجيش التركي إلى ريف حلب الغربي واحتلالها عدداً من المواقع هناك، تغييرات كبيرة في الجبهات الأخرى ضمن منطقة «تخفيف التصعيد» المقرّة في إدلب ومحيطها. في المقابل، عملت الوحدات التركية على تحصين النقاط التي تمركزت فيها قبالة جبهات عفرين الجنوبية، لمنع إمكانية استهدافها من جانب «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تتمركز على بعد كيلومترات قليلة في محيط جنديرس.
ومن المتوقع أن يستكمل الاحتلال التركي انتشاره شرقاً، خلال الأيام القليلة المقبلة، عبر تعزيز نقاط تمركزه الممتدة بين محيط دارة عزة وبلدة عندان، شمالي غربي حلب، في وقت نقلت فيه وسائل إعلام تركية أن النقاط العسكرية التركية التي سيتم تثبيتها قبالة جبهة عفرين سوف تصل إلى 14 نقطة.
وبدا لافتاً خلال اليومين الماضيين، تصاعد الحدة في خطاب دمشق تجاه أنقرة، وتصنيفها التحركات التركية كعدوان صريح على سوريا. التشكيك الأول بالتحركات جاء على لسان وزير الخارجية وليد المعلم من روسيا، لتعود وزارة الخارجية وتوضح في تصريحات رسمية، أول من أمس، أن توغل وحدات الجيش التركي «يشكل عدواناً سافراً على سيادة الأراضي السورية وسلامتها». ولفتت التصريحات إلى أن «هذا العدوان التركي لا علاقة له بالتفاهمات التي تمت بين الدول الضامنة في عملية أستانا»، موضحة أن «التوغل التركي... برفقة عناصر تنظيم (جبهة النصرة) الإرهابي، كشف العلاقة العضوية بين النظام التركي والمجموعات الإرهابية». الرفض السوري عاد ليحضر أمس، على لسان رئيس مجلس الشعب حمودة الصباغ، خلال مشاركته في اجتماع «الاتحاد البرلماني الدولي»، في سانت بيترسبورغ الروسية.
لم تُبدِ موسكو أو طهران تحفّظاً على طبيعة التحرك التركي
ويمكن قراءة التصريحات الرسمية السورية الرافضة لطبيعة التحرك التركي في إدلب وريف حلب، كاعتراض واضح على «التفاهم» الحاصل بين أنقرة و«هيئة تحرير الشام». فاتفاق «تخفيف التصعيد» الذي أفضت إليه محادثات أستانا، يتضمن مساراً لفصل «المعارضة المسلحة عن الإرهابيين (جبهة النصرة)» تمهيداًَ للتعاون عسكرياً ضد الأخيرة، وهو ما يخالف مسار التعاون غير السري، القائم بين وحدات الجيش التركي وعناصر «تحرير الشام» داخل الأراضي السورية. وضمن هذا السياق، بدا لافتاً أن الاعتراض السوري لم يقابله ــ حتى اللحظة ــ أي تصريحات متناغمة معه أو مخالفة له، من قبل أي من الدولتين الضامنتين الباقيتين في أستانا، وهما روسيا وإيران.
ويبو أن التوجه التركي للحفاظ على «تحرير الشام» ضمن نسيج الفصائل المسلحة، وتحت مظلة «قيادة مدنية» معارضة، يثير قلقاً كبيراً لدى دمشق، التي كانت تأمل ــ وفق ما أوضحت مراراً ــ حدوث افتراق واضح بين «المعارضة المسلحة» و«النصرة». ومع ضمان «تحرير الشام» لأمنها حالياً (ضمن التفاهم مع أنقرة) من أي استهداف تركي منسق مع روسيا وإيران، فإن المجال قد يكون مفتوحاً أمامها لتسخين جبهات مهمة لها، ولا سيما في ريفَي حماة واللاذقية. وهو ما يتقاطع مع ما روّجت له مواقع معارضة عدة منذ أكثر من أسبوع حول تحضيرات لعمليات على تلك الجبهات. ومن اللافت أن توسع تحالف «تحرير الشام» مع الفصائل «المعتدلة» في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، يمكنه أن يخدم مصالح تركيا؛ التي لطالما أبدت اهتماماً بتلك المنطقة بحجة «حماية أمن التركمان» هناك.
المصدر:الأخبار
إضافة تعليق جديد