دولار السوداء بـ122 ليرة والرسمي يلامس الـ97
ارتفاع حذر يشهده سعر صرف الدولار في السوق السوداء هذه الأيام، حيث يتحرك السعر ضمن هوامش يومية محدودة نوعاً ما، وبما لا يتجاوز الليرة الواحدة، أي بحدود 0.8% كأقصى حد يومي للارتفاع، على حين يحافظ في أيام العطل على مستوياته لعدة أيام دون تغيير يذكر، كما انخفض الفرق في الأسعار بين المحافظات إلى حدود نصف ليرة، مع فروق تكاد لا تذكر أو توجد بين الصرافين في نفس المحافظة، هذا وقد استقر صرف الدولار خلال اليومين الماضيين عند مستوى 122 ليرة للشراء و123.5 - 124 للمبيع.
ورسمياً حدد مصرف سورية المركزي سعر صرف الدولار مقابل الليرة شراء وحوالات بـ96.31 ليرة في حين حدد سعر المبيع بـ96.89 ليرة، وحسب بعض المصرفيين فإن رفع سعر صرف الدولار في النشرات الرسمية الصادرة عن مصرف سورية المركزي وصولاً إلى ما يلامس 97 ليرة يطرح الكثير من التساؤلات عن جدوى هذا الرفع والمغزى منه ومدى اقتراب السعر الرسمي من سعر السوق السوداء وأيهما أكثر تأثيراً في الآخر ويشده صوبه.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال المحلل المالي والنقدي الدكتور عابد فضلية: بدأنا نشهد أن السوق السوداء هي السوق الحقيقية (إلى درجة معينة وليست كلية) بمعنى أن السعر عندما يتحدد في السوق السوداء بموجب العرض والطلب من تجارها يكون سعراً حقيقياً يمكن لأي فرد أن يبيع ويشتري بموجبه، أما الأسعار الأخرى التي نشاهدها والصادرة سواء عن المصارف الخاصة أو المصارف العامة بأقل من سعر السوق السوداء فهي أسعار وضعية من مصرف سورية المركزي أو بالاتفاق معه، وبالتالي يكون الانطباع بأن هذه الأسعار قد تكون غير حقيقية، لأن الفرد لا يستطيع أن يشتري في حين يستطيع أن يبيع بموجبها، وما دام لا يستطيع الشراء بهذه الأسعار فهذا يعني أنها وهمية والحقيقي منها ما يمكنك من البيع والشراء بموجبه.
فضلية اعتبر أن السوق السوداء لم تعد (مع الأسف) سوقاً سوداء بل باتت سوقاً واقعية يتحكم بها تجار السوق السوداء، أما بالنسبة السعر الرسمي الذي يتم رفعه بين الحين والآخر من مصرف سورية المركزي، فاستغرب فضلية كيفية زيادته أن كان على شكل قفزات ترفعه بضع ليرات في كل مرة من المرات، كما حدث منذ نحو أسبوعين، أو رفعه بشكل هادئ ولكن مستمراً حيث وصل يوم أمس إلى ما يقارب 97 ليرة سورية رسمياً.
أشار فضلية في حديثه لـ«الوطن» إلى أنه عندما يتم رفع السعر الرسمي فإن ذلك يعني رفعه على المؤسسة الحكومية المستوردة للسلع والمواد، وعلى المواطن وحاجاته الاستهلاكية، من السلع الغذائية والضرورية التي من المقرر أن يتم استيرادها.
واعتبر أن الوضع الحالي لسعر الصرف غامض، ولا يوجد له أي تفسيرات، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن قراءة دقيقة ومتابعة لواقع سعر الصرف تفضي إلى أن الأسعار التي يصدرها مصرف سورية المركزي أو تلك التي يسمح بإصدارها من خلال المصارف هي التي تقترب من سعر السوق السوداء وليست أسعار السوق السوداء هي التي تشد نحو الأسفل كما يرغب مصرف سورية المركزي.
وعن مدلولات ذلك ومدى تحكم الجهات المعنية بسعر الصرف في هذا السعر تساءل فضلية: من الذي قال إن المركزي كان متحكماً -خلال الأزمة- بسعر صرف الليرة السورية؟ أو حتى فرض السعر الذي يريده؟
وتابع: في حين أن ما نراه بالواقع والحقيقة الدامغة هو فرض السوق السوداء للسعر المؤجج نسبيا -بما يحمله من مضاربة لتحقيق أرباح خاصة- وهو سعر يشد إليه السعر الرسمي الصادر عن المركزي وكافة الأسعار الأخرى التي تصدرها المصارف، في حين لا نرى أن السعر الذي يضعه مصرف سورية المركزي يشد سعر السوق السوداء إليه، وبالتالي فإن سعر السوق السوداء هو السعر الفاعل والمؤثر في السوق حالياً، مع الأخذ بالحسبان أن هذا السعر ليس حقيقيا بكليته بل يحمل في جزء منه مبالغة وزيادة يصر عليها تجار ومضاربو السوق السوداء حتى يحققون أرباحهم الخاصة الفاحشة على حساب الاقتصاد الوطني، وبالتالي فإن هذا السعر يسمى بالسعر المؤجج لأن الصيارفة والمضاربين يرفعون السعر بشكل كبير على نية تكريسه كسعر حقيقي يباع به ويشترى من المواطنين، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن السعر الذي تحدده السوق السوداء يزيد ببضع ليرات عن السعر الحقيقي فيها، لجهة أن أياً من المواطنين إن أراد الشراء من الصيارفة ومضاربي السوق السوداء بهذا السعر فبيعه ولكنه إن أراد بيعهم بالسعر الذي يتحدثون عنه فلا يجد من يشتري منه.
مازن جلال خير بك
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد