دير سلمان" الانسحاب وأوامر المخابرات والضربة الأميركية
بينما كانت الولايات المتحدة الأميركية تصعد من تهديداتها بشن ضربة عسكرية ضد سورية، كانت الغوطة الشرقية وتحديداً منطقة دير سلمان تشهد تقدماً كاسحاً للجيش السوري الذي سيطر على المنطقة خلال وقت قصير نسبياً، وذلك خلافاً لكل التوقعات التي ذهبت إلى افتراض أن يقوم الجيش السوري بوقف هجماته على كافة الجبهات الساخنة كي يتسنى له الاستعداد لمواجهة العدوان الأميركي المحتمل.
وتؤكد معطيات الميدان أن الجيش السوري قرأ بذكاء وحنكة طبيعة المخطط الذي جرى الإعداد له وأريد تنفيذه تحت غطاء الضربة الأميركية، وأن استمراره في القتال على كافة الجبهات الساخنة وخصوصاً جبهة الغوطة الشرقية كان له أثر كبير في إفشال المخطط المعد للهجوم على مدينة دمشق ومحاولة اقتحامها من قبل بعض الألوية والكتائب التي لم تخف تأييدها للضربة الأميركية ورهانها عليها في تحقيق تقدم ميداني ملموس، كما صرح أكثر من قيادي في الجيش الحر مؤخراً.
فقد شهدت جبهة دير سلمان في خضم التهديدات الأميركية بقرب الضربة العسكرية، انسحاباً مفاجئاً لثلاثة ألوية هي لواء الإسلام ولواء شهداء دوما ولواء فتح الشام، الأمر الذي أتاح للجيش السوري السيطرة خلال وقت قصير على هذه المنطقة الاستراتيجية المتصلة مع منطقة النشابية إحدى أبرز معاقل التنظيمات الجهادية في الغوطة، حيث لم تتمكن عناصر جبهة النصرة ودولة داعش وبعض الكتائب الأخرى من الصمود أمام هجوم الجيش السوري بعد أن قامت تلك الألوية الثلاثة بإخلاء مواقعها والانسحاب دون إعلامها بالأمر.
وقد كشف مصدر جهادي، أن انسحاب الألوية الثلاثة لم يكن بمحض الصدفة وإنما جاء بناء على أوامر مخابراتية وصلت إليها من المخابرات الأميركية والسعودية التي أوعزت إليها بحسب المصدر بالاستنفار والاستعداد لمعركة تحرير دمشق بالتزامن مع بدء الضربة الأميركية، فانسحبت الألوية الثلاثة طبقاً لأوامر المخابرات من مناطق عديدة كان أهمها منطقة دير سلمان والبحارية، وتركت مواقعها وتحصيناتها فارغة دون أن تخبر التشكيلات الأخرى بانسحابها المفاجئ، فقد انسحب لواء شهداء دوما ولواء فتح الشام ولواء الاسلام من دير سلمان حتى دون اشتباك مسبق، كما انسحب لواء شهداء دوما من مواقعه في البحارية وتركها خاوية على عروشها، وهو ما جعلنا نخسر دير سلمان بهذه السرعة بحسب ما قال المصدر الجهادي الذي أضاف أنه حدث بجوبر نفس الأمر ومن نفس الألوية ولكن الأضرار لم تكن واضحة كما في دير سلمان، مشيراً إلى وجود مؤامرة أميركية سعودية وراء ذلك ويتساءل: لماذا اليوم وبعد رباط يزيد عن ثلاثة أشهر تقوم هذه الألوية بالانسحاب مع بعضها دون أن تذكر السبب؟.
كانت الخطة تقضي بحشد أكبر عدد من الألوية والكتائب على أطراف مدينة دمشق تمهيداً لاقتحامها والهجوم عليها مع انطلاق أول صاروخ توماهوك أميركي من المدمرات الراسية في عرض المتوسط، لذلك أوعزت أجهزة المخابرات كلٌّ إلى من يتعامل معه بالاستنفار والاستعداد لمعركة تحرير دمشق، فلم تجد هذه الألوية والكتائب بداً من الانسحاب من بعض الجبهات التي أصبحت تعتبرها فرعية وثانوية بالنسبة لجبهة دمشق الموعودة، وحاولت حشد قواتها وتجهيزها استعداداً لساعة الصفر.
وقد كان أكثر الألوية تأثيراً لجهة انسحابه هو لواء الإسلام الذي يعتبر من أكبر الألوية وأكثر تجهيزاً في دمشق، وعلاقة هذا اللواء مع المخابرات السعودية لم تعد محل جدل فهي مكشوفة وواضحة للعيان وقائد اللواء زهران علوش يتلقى أوامره من المخابرات السعودية مباشرة ولا يتحرك حركة أو يخطو خطوة ما لم تحظ أولاً بموافقة تلك المخابرات، وذلك بغض النظر عن مجريات الميدان أو حاجة بعض الكتائب لمساعدته فهو لا يشارك في أي جبهة ولا يقدم مساعدة لأي فصيل مهما كانت درجة الضرورة إلا بإذن مسبق من المخابرات السعودية، وهذه معلومات صارت متداولة بين أوساط الألوية والكتائب المسلحة ولاسيما أوساط التنظيمات الجهادية التي تسوء علاقتها مع لواء الإسلام يوماً بعد يوم بسبب ما تسميه هذه التنظيمات بتخاذل اللواء ورفضه التعاون مع الكتائب الأخرى رغم امتلاكه لأكبر مخزون من الأسلحة في ريف دمشق.
وفي هذا السياق يؤكد المصدر الجهادي الذي تحدث إلينا، أن لواء الإسلام قام بسحب معظم قواته إلى منطقة القلمون حيث يخوض هناك ما سماها معركة "الخضوع لله" تاركاً الغوطة فريسة سهلة بيد النظام الأسدي بحسب المصدر.
وتساءل المصدر: لماذا يسحب لواء الإسلام قواته إلى القلمون ويقوم بإخلاء الغوطة مع أن هذه الأخيرة هي حجر الأساس لإسقاط النظام والقضاء عليه؟ ويجيب ببساطة لأن لواء الإسلام لا يخوض أي معركة إلا من أجل الغنائم، وقد انتهى زمن جمع الغنائم في الغوطة وبدأ فيها زمن صرف الغنائم للدفاع عن المسلمين، وهو ما لا يريده لواء الاسلام فقرر الانسحاب بذريعة فتح معركة جديدة في القلمون تتيح له اقتحام مناطق جديدة لا شك سيكون بها كم هائل من الغنائم التي لن يتوانى لواء الإسلام عن جمعها وتخزينها بانتظار أوامر المخابرات السعودية للتصرف بها.
عبدالله علي ـ آسيا
إضافة تعليق جديد