سرّ نوبل

06-10-2012

سرّ نوبل

يعرف المتابعون لجائزة نوبل للآداب أمرا بسيطا يتمثل في أنها تعلن كما من المفترض نهار أول خميس من شهر تشرين الأول، وإن لم يحدث ذلك فمعناه أن لجنة التحكيم الملكية لم تتفق بعد على اسم الفائز بعد، من هنا قد تمنح الخميس المقبل أو بعد أسبوعين.
البارحة مرّ أول خميس، ولم يصدر أي شيء، ما يتيح لنا القول إن أعضاء اللجنة على «خلاف ما». لكن ثمة سؤالا لا بدّ من أن يطرح: متى كان هذا الخلاف غير موجود؟ فقائمة الأسماء التي تمّ التكهن بها لهذا العام (والتي تحوي اسم المغني بوب ديلان، على سبيل المثال) لا بدّ من انها تثير العديد من هذه الخلافات المستمرة منذ نشأتها، ما بين مخالف ومعارض شرس لها. بمعنى آخر لم تسلم هذه الجائزة منذ بداياتها من الانتقادات ومن «الفضائح» (إذا جاز القول).
لنذكر أول جائزة قدمت وكانت لإنسانية سولي برودوم الشاعر الفرنسي، بينما كان الجميع ينتظرون الروسي ليون تولستوي (حتى داخل السويد عينها). ووفق المؤرخين فإن رسائل الاعتراض أمطرت مكاتب الأكاديميين بالشتائم.
وإن دلّ ذلك على شيء، فعلى هذه السمة الذاتية (غير الموضوعية) التي تتعرض دائما للنقد، لأن أعضاء اللجنة الملكية السويدية يجدون أنفسهم دوما في «مشقة» لاختيار اسم الفائز بجائزة شئنا أم أبينا هي أهمّ جائزة أدبية في العالم.
ووفق هذا التصور أيضا، لا بدّ من أن نجد أن منح الجائزة لكتّاب أو شعراء كانت أعمالهم (قبل الجائزة) لا تزال بمثابة أعمال «حميمة» كالبولندية شيمبوريسكا، لهو عمل يساهم في زيادة الاحتجاج على الفكرة التي تقول إن هناك هوة واسعة بين الجمهور العريض و«النخبة الأدبية». ربما من المرات القليلة التي اتفق الجميع فيها على اسم كانت مع ماركيز الذي يحظى بشهرة الكوكب بأسره.
أضف إلى ذلك، أن الأكاديميين اتهموا عدة مرات بأنهم يحاولون تمرير صداقاتهم الشخصية، أو مصالح دور النشر التي تصدر كتبهم. كذلك نضع في الخانة ذاتها، جائزة العام 1974، التي ذهبت مناصفة إلى كاتبين سويديين، هما هاري مارتينسون وإيفيند جونسون. جائزة، أحاطتها الشبهات ممّا أفقدها بعضا من سمعتها التي كانت تحملها، أي الدفاع عن الموهبة والذوق الجميل.
ربما كانت اللجنة في «مأزق» إذ كان من المفترض أن تمنح أول من أمس الخميس الماضي بحسب الأصول. هذا المأزق، وسم العقود الأخيرة من «عصر نوبل»، ما جعل العديد من الأكاديميين يستقيلون. وبحسب القانون الداخلي، فإن الأعضاء لا يبدلون إلا بعد موتهم.
من هنا، تبدو الترشيحات التي صدرت غريبة بعض الشيء، حين تحوي اسم مغنٍّ، على الرغم من شهرته وفنه الكبيرين. لكن أين فعلا الأسماء الأدبية الكبيرة؟ في أي حال، لمن ستذهب الجائزة الأسبوع المقبل؟ ثمة حل واحد: أن ننتظر اتفاقية أعضاء اللجنة.

اسكندر حبش

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...