سوتشي خطوة متقدمة للحل في سورية
الجمل: بقلم: هارون يحيى ـ تركيا ـ ترجمة وصال صالح:
تشكل المشاركة الأخيرة لبلدان المنطقة في عملية الحل خطوة هامة على الطريق للتوصل إلى حل نهائي للأزمة في سورية. علاوة على ذلك،فإن التغيير واضح في موقف الأطراف المعنية كما يبشر بالآمال في التوصل إلى السلام . على سبيل المثال، المجموعات التي لم تناقش حتى قبل عامين فكرة الجلوس على طاولة واحدة اجتمعت في سوتشي. في الواقع، كانت هناك مناقشات ساخنة وتبادل للآراء، لكن من الواضح أن جميع الأطراف المعنية كانت مستعدة لإيجاد أرضية مشتركة. يشار إلى أنه محادثات أستانا وسوتشي جاءت لتعويض الوقت الضائع لمحادثات جنيف التي فشل معظمها، وتمكنت من جمع الأطراف من الاقتراب خطوة واحدة إلى الحل.
مع ذلك، تبدو بعض الدوائر التي كانت دائماً مشككة بشأن جهود سوتشي، سعيدة أن المحادثات بدأت بنبرة متوترة، ولا سيما بعد مغادرة بعض جماعات المعارضة المحادثات بسبب أزمة العلم. مع ذلك، لم يؤثر رفض هذه المجموعات دخول البلاد احتجاجاً على صور وأعلام نظام الأسد على سير المحادثات ولم يعرضها للفشل، حيث طلبت من تركيا تمثيلها والتعامل مع عملية بناء "اللجنة الدستورية" المتوقعة. وهذه خطوة هامة من حيث استمرار محادثات الحل. من الواضح أن الاجتماعات بين الطرفين المتنازعين لم تحقق أي نتائج. ولهذا السبب، من المرجح أن تحقق المفاوضات التي عقدت بين روسيا وتركيا، التي تمثل النظام السوري وجزء من المعارضة على التوالي، نتائج مثمرة. وروسيا وتركيا دولتان تفهمان وتقدران أهمية الصداقة والتحالف. ولذلك، قد تشهد المفاوضات التي أجريت تحت رعايتهما احتمالاً أكبر للنجاح.
وفقاً للتقارير، حضرالمؤتمر أكثر من 1500 مندوباً وهؤلاء يمثلون سلطات الحكومة السورية، إضافة إلى ممثلي جماعات المعارضة الإثنية والدينية ، باستثناء الجماعات الإرهابية.
وكانت المفاجأة للجميع، أن المؤتمر انتهى باجتماع الأطراف المتحاربة على أرضية مشتركة. مرة أخرى، كانت لمشاركة تركيا وروسيا، أن جعلت من البيان الختامي المشترك ممكناً، للتوصل إلى حل حقيقي حاسم لمسار الأزمة في سورية.
وربما يكون البيان الختامي من أهم الخطوات التي اتخذت على الإطلاق وأكثر من أي وقت مضى فيما يتعلق بالمشكلة السورية.
قراءة البيان:
"لهذه الغاية اتفقنا على تشكيل لجنة دستورية تضم كل من وفد حكومة الجمهورية العربية السورية جنباً إلى جنب مع ممثلين عن وفد المعارضة لصياغة الإصلاح الدستوري كمساهمة في تسوية سياسية برعاية الأمم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الأمن2254."
وجاء في البيان أيضا: "أن "اللجنة الدستورية" تشمل النظام والمعارضة، الخبراء السوريين، والمستقلين، وزعماء القبائل والمرأة. واتفق على أن يكون للمرأة نسبة تمثيل 30 بالمئة على الأقل في الحكومة والأجهزة الحكومية، وأنه ينبغي زيادة المستوى إلى 50 بالمئة بعد فترة معينة من الزمن. وقيل أيضا أن عملية جنيف بقيادة الأمم المتحدة ستشهد الاتفاق النهائي على الولاية وشروط المرجعية، القوى، والنظام الداخلي وتحديد معايير لتشكيل "اللجنة الدستورية". وانتهى البيان بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى تعيين "مبعوث خاص" إلى سوريا للمساعدة في أعمال "اللجنة الدستورية" في جنيف."
لقد أظهرت حقيقة دعوة ممثلي الأمم المتحدة والحلفاء الأوروبيين إلى المحادثات أن الطرفين كانا يبحثان عن حل عالمي حقاً، وليس إقليمي للمشكلة السورية. مع ذلك لم تبد كل من بريطانيا وفرنسا سعادتهماً بهذا الإنجاز الحاسم، باعتبار روسيا هي اللاعب الرئيسي بالاشتراك مع تركيا وإيران،ولم يأخذ مؤتمر سوتشي بعين الاعتبار طموحات الغرب بحماية المصالح الغربية. وبعد الاجتماع قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنهم أبلغوا الأمم المتحدة بالنتائج، معرباً عن أمله بأن تعيد الأخيرة تنشيط عملية جنيف، وأن الأمم المتحدة ستحقق نتائج وفقاً للقرارات التي اتخذت في سوتشي. تظهر كل هذه الخطوات بوضوح أن روسيا لا تسعى إلى أن تكون في دائرة الضوء خلافاً لبعض الحلفاء الغربيين، ولا تتبع أنانية مصالحها الخاصة. ومن الواضح أن روسيا وبلدان المنطقة يعملون بإخلاص لبناء السلام في سورية.
أهم أجزاء البيان الختامي لسوتشي هو الموقف الحاسم حول الحفاظ على سلامة سورية. فيما يلي بعض مقتطفات البيان:
"جيش قوي ، موحد، جدير ووطني، يقوم بواجباته وفقاً للدستور، وأعلى المعايير [المطلوبة] وتتمثل مهامه الرئيسية بحماية الحدود الوطنية والشعب من التهديدات الخارجية والإرهاب، مع مؤسسات الاستخبارات والأمن للحفاظ على الأمن القومي يخضع لحكم القانون، ويتصرف وفقاً للدستور واحترام حقوق الإنسان... المساواة في المواطنة بغض النظر عن الدين والعرق والجنس... وحده الشعب السوري من يقرر مستقبل بلده بالوسائل الديمقراطية، من خلال صناديق الاقتراع.
"حماية الحدود الوطنية والمساواة في المواطنة بغض النطر عن الدين والعرق والجنس، لا شك أنها حاسمة بالنسبة لمستقبل سورية، وتبين هذه العبار بأنه على الكانتونات أو الهياكل الاتحادية في البلاد عدم السماح للمجموعات الإرهابية التي تسعى للاستفادة من الخلافات في الدين والانتماء العرقي بأن يكون لها حيز.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوضح في تصريحاته حول المؤتمر أنه أتاح الفرصة للسوريين للعودة إلى حياة سلمية وطبيعية وهذا أمر مهم للغاية، في إشارة منه إلى الاشتباكات التي تدور منذ عام 2011 ،قال بوتين أن الظروف لإغلاق هذه الصفحة المأساوية من التاريخ ظهرت الآن. في الواقع، من المهم جداً أن الدول الضامنة تدخلت من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن المبادئ الرئيسية المتعلقة بالدستور، الذي يمثل خطوة هامة في عملية حل الأزمة السورية. ما من شك في أن التحالف الحميمي بين الحلفاء الثلاثة لعب دوراً حاسما في تحقيق هذا الإنجاز. وكانت الدول الصديقة، روسيا، وتركيا، وإيران، تمثل مختلف الأطراف وأظهرت أنه من الممكن إيجاد أرضية مشتركة.
فيما يتعلق بعملية عفرين، التي نفذت بالتنسيق مع روسيا، فهي إظهار للعزيمة والتصميم في تحد الغرب ولا سيما الولايات المتحدة الأميريكية. الخطوات الضرورية والمسوغة المتخذة فيما يتعلق بالمنطقة والتحالف بين تركيا العضو في الحلف الأطلسي مع روسيا قد أظهرت لجماعات معينة أنه ليس الغرب من يتخذ جميع القرارات-
لقد أظهرت محادثات سوتشي والخطوات الناتجة عنه للعالم أن روسيا كانت اللاعب الرئيسي عندما يتعلق الأمر بسورية. ومن الواضح أن خطوات روسيا، اتخذت بعد التشاور والاتفاق مع تركيا،وهي تنطوي على حل يشمل أيضا المعارضة. هذا الأسبوع، كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد التقى مرة وجهاً لوجه وأجرى ست محادثات هاتفية مع نظيره الروسي "سيرغي لافروف". ويرجع هذا الحوار المكثف إلى رغبة هذين البلدين الحليفين في بناء عملية السلام الأكثر إيجابية وصحية في سورية.
يحدونا الأمل أن يتم بسرعة إنشاء دستور يمثل جميع أطياف المجتمع السوري ما يمكن من إعادة بناء البلد بعد تطهيره تماماً من الجماعات الإرهابية. وهذا سيكون إنجازا ممكناً بفضل تحالف دول المنطقة الذي بُني لإنقاذ الشعب السوري وخلاصه. مثل هذه النتيجة سوف تهدئ أيضا تلك الدوائر التي تحرص على السيطرة على الجميع وتُثبت خطأ أولئك الذين يصرون على أن "تقسيم البلاد" أمر جيد.
عن: Pravda.ru
إضافة تعليق جديد