سوريات يُقاوِمنَ تجاعيد الحرب بجمالهنّ
بالرغم من ثقل الهموم الناتجة عن نزاع مدمّر مستعِر في مناطق عديدة من سوريا، لا تنال الحرب من عزيمة نساء كثيرات يبقين وفيات لما يُعرَف عنهن من شغف بالاناقة والجمال، سلاحهنّ في مواجهة «بشاعة الحرب» وتغليب ارادة الحياة.
في دمشق حيث يتردد صدى المعارك اليومية المتواصلة على الاطراف، تقول الصيدلانية لبانة مرشد وهي تتجول في «المعرض التخصصي الاول للصحة والعناية بالبشرة» الذي استضافته العاصمة دمشق خلال الأسبوع الحالي أن الأزمة التي بدأت قبل حوالى أربع سنوات تبدو «وكأنها مستمرة منذ مئة سنة»، مضيفة «كل يوم، موت وقصف وقذائف... كل شيء بشع».
وتضيف «لذلك، أحب أن أحافظ على نفسي وماكياجي واعتني ببشرتي لكي ينعكس هذا على داخلي وتعود نفسيتي حلوة».
وارتدت الشابة الثلاثينية المتزينة بالماكياج والمجوهرات في وضح النهار، كنزة سوداء نصفها العلوي من «الدانتيل»، وسترة من الفرو بلون الكمون.
وتتابع «ما تمرّ به البلاد أثّر حتى على ملامح وجوهنا وأصبحنا نبدو أكبر سناً».
ويتضمن المعرض الذي نظمته شركة «مسارات للمعارض» في أحد فنادق العاصمة، أجنحة لعشرات الشركات المتخصصة ببيع مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة والصحة والتجهيزات الطبية التي تُعنى بالتجميل والبشرة، بالإضافة الى شركات التأمين الصحي.
وتسبّب النزاع بدمار كبير في المصانع والشركات والبنى التحتية، وتضاف إليه عقوبات اقتصادية مفروضة من دول غربية وعربية على الحكومة السورية تتسبب بنقص السيولة وانقطاع بعض السلع. بالإضافة الى ارتفاع نسبة البطالة وتراجع المداخيل.
وترى اختصاصية التجميل ايمان عثمان، التي تعمل في هذا المجال منذ عشر سنوات «أن الأزمة لم تؤثر على عملنا لأن المرأة يمكنها أن تستغني عن الكثير من الأشياء في سبيل الحفاظ على طلتها».
ويقول مدير عدد من العلامات التجارية المعروفة عالمياً محمد ميبر إن المبيعات تجمّدت لبعض الوقت بعد اندلاع الصراع في منتصف آذار العام 2011، لكنها «عادت وارتفعت هذا العام بعدما تأقلم الناس مع زيادة الاسعار» الناتجة عن ارتفاع سعر الصرف والعقوبات التي «اجبرتنا على استيراد بضاعتنا الى لبنان ثم شحنها الى سوريا».
وتؤكد الإدارية في شركة متخصصة باستيراد الأجهزة التجميلية والحقن رشا غنيم ارتفاع حجم مبيعات شركتها من البوتكس بنسبة 30 في المئة بالمقارنة مع العام الماضي.
وتقول «الله يحب الجمال، والمرأة في بحث دائم عنه، ولا شيء يمنعها عن ذلك».
ويقول نبيل مرتضى، وهو مدير شركة تحتوي مستحضراتها على مكونات باهظة الثمن كالذهب والكافيار إن «مسألة الجمال أساسية، هناك مَن يشتري ولو كان السعر غالياً».
ويتحدّث المهندس ايمن الخوص، المسؤول في شركة تجهيزات طبية للتجميل والليزر، عن ظهور «متطلبات جديدة لدى النساء» تتعلق بالحفاظ ليس فقط على بشرتهن، إنما على جمال ونحافة وصحة كل أجسامهن.
في إحدى ضواحي العاصمة، تؤكد سهام (أربعون عاماً) أثناء وجودها في مركز تجميل أن «التردد الى مراكز التجميل يعالجني نفسياً. فمهما كنت متعبة أخرج وكأنني امرأة اخرى».
وتضيف ربة المنزل «الدمار لا يجب أن يصل الى نفوسنا».
أما ليلى، التي تدير متجراً لبيع مستحضرات التجميل، فتقول إن «مَن تحبّ الماكياج تبقى وفية له. لا الحرب ولا الأزمة توقفها عن ذلك، والدليل أنني ما إن أقدم عرضاً معيناً على المستحضرات، حتى تقبل النساء عليها كما لو كانت خبزاً».
وتضيف «تأثر اختيار المشتريات بزيادة الأسعار، لكن الاهتمام بقي على ما هو»، موضحة أن بعض النساء يشترين حالياً مواد تجميل من ماركات أكثر شعبية من تلك التي كن يشترينها قبل الحرب.
في المعرض، يشدّد إيهاب النواقيل، مدير تسويق شركة متمّمات غذائية أميركية الصنع مفيدة للعناية بالبشرة والشعر دخلت الأسواق السورية في 2009، أن ما دفع شركته إلى الاستمرار بالعمل على الرغم من الأزمة، هو «اعتبارنا أن الازمة لن تكون عائقاً، وأن الشعب السوري شعب حيّ».
هي ظاهرة تختصرها الصيدلانية لبانة بابتسامة عريضة وهو تقول: «الحياة تستمر... وبالجمال نعمّر بلدنا».
(عن «ميدل ايست اونلاين»)
إضافة تعليق جديد