عام على تحرير دير الزور: أين الخدمات الموعودة؟
لا يزال آلاف من أهالي مدينة دير الزور ينتظرون وصول الحد الأدنى من الخدمات الحكومية إلى أحيائهم المحررة من «داعش» قبل نحو عام، بما يتيح لهم العودة إلى منازلهم وترميمها
بعد عام على فرحة أهالي دير الزور بوصول قوات الجيش السوري إلى مدينتهم وفك حصارها ثم تحرير أحيائها الشرقية ومحيطها، لا تزال المدينة تعاني من آثار مرحلة ما بعد الحرب. ورغم إنفاق الحكومة أكثر من 17 مليار ليرة سورية على الخدمات (من أصل 27 ملياراً مخصصة في ميزانية عام 2018 لصالح تأهيل المحافظة)، إلا أن المشاريع المنفذة تركزت ضمن الأحياء المأهولة التي لم تخرج عن سيطرة الدولة، فيما بدأ تنفيذ الخطط الخاصة بالأحياء المحررة في عام 2017، في مرحلة متأخرة.
ضمن هذا الواقع، ما زال عدد من طلاب الأحياء المحررة يقطع كل يوم مسافة طويلة للوصول إلى المدارس، في ظل قلة المدارس المؤهلة في أحيائهم. وهذا ينسحب على كثير من الخدمات الغائبة رغم عودة بعض السكان. ورغم أن مساحة تلك الأحياء تزيد على 60 في المئة من مساحة المدينة، إلا أن عمليات إعادة التأهيل فيها اقتصرت على فتح الشوارع الرئيسة، ورفع الأنقاض لبعض الأبنية. وتعيد الجهات الحكومية تأخر العمل إلى الدمار شبه الكامل للبنى التحتية في كامل المدينة، نتيجة الحصار الذي فرضه «داعش» لثلاث سنوات؛ وهو ما جعل تفعيل الخدمات في الأحياء المكتظة بالسكان أولوية، بما يساعد على عودة آلاف من أبنائها إليها.
بدأ العمل على تأهيل الحميدية بما له من رمزية وأهمية اقتصادية
يرى معظم أهالي الأحياء المأهولة أن ما جرى تأمينه من خدمات حتى الآن، ليس كما يجب، بدليل تحول الشوارع إلى «مسابح» خلال الهطولات المطرية الأخيرة، رغم تعبيدها حديثاً. ويقول هاني، مالك أحد المتاجر: «بتنا نخشى هطل الأمطار، فهو غالباً ما يترافق مع انقطاع الكهرباء ومشاكل في الاتصالات، وفيضانات في الشوارع تطول لأيام… نريد خدمات كاملة، لا تتأثر بعوامل الطبيعة». ورغم ما سبق، تشهد المدينة يومياً، عودة بعض أبنائها من المحافظات الأخرى. وتشير التقديرات الحكومية إلى أن أكثر من 200 ألف مواطن عادوا إلى المدينة بعد تحريرها، فيما كان عدد سكانها نحو 80 ألفاً في فترة الحصار. واستقر عدد من العائدين في أحياء الجبيلة والعرفي والحويقة، رغم سوء الخدمات فيها، مع أمل لدى الآخرين بترميم منازلهم بمجرد إطلاق الخطط الحكومية. يتحدث أبو خالد، العائد إلى منزله في حي الجبيلة بالقرب من جامع الفردوس، إلى «الأخبار»، عن ظروف المعيشية هناك، فيقول: «عدت إلى منزلي، لكن لا كهرباء ولا ماء والاتصالات ضعيفة… قررنا العودة لأننا لم نعد نحتمل الإيجارات في بقية المناطق»، مضيفاً أن الملف الخدمي «يجب أن يحلّ سريعاً، لتشجيع الناس على العودة. فالكثيرون يأتون لترميم منازلهم، لكن غياب أو سوء الخدمات يقف عائقاً أمام عودتهم».
خطة لستة أشهر
الخطوات الحكومية المتأخرة وصلت إلى بعض الأحياء المحررة، وفق ما أعلنه محافظ دير الزور، عبد المجيد الكواكبي، من خلال إطلاق مشروع إعادة تأهيل حي الحميدية، بما له من رمزية تاريخية، ولكونه يشكل ربع مساحة المدينة، وفيه توجد معظم أسواق المدينة الرئيسية وشوارعها. ويقول الكواكبي في حديث إلى «الأخبار» إنه «تم التركيز على تأهيل حي الحميدية العريق، إذ نعمل حالياً على إزالة الأنقاض وصيانة شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وصولاً إلى تعبيد الطرقات». ويتوقع أن «تنتهي كافة هذه الخدمات مع نهاية هذا العام، لإعادة السكان إلى الحي»، مشيراً إلى أن «هذه الخطوات سوف تشمل بقية الأحياء لتعود كامل مدينة دير الزور مؤهلة بالخدمات». ويكشف الكواكبي عن «خطة لإعادة تقويم المخطط التنظيمي للمدينة ضمن رؤية تطويرية وعمرانية، لإعادة بناء الأحياء المهدمة وتنظيم العشوائيات، على أن ينتهي ذلك خلال ستة أشهر».
كذلك، أنجزت الحكومة خطة لتأهيل مركز تحويل الإذاعة الكهربائي، بما مكن ورشات الكهرباء من إعادة التيار الكهربائي إلى الريف الغربي وصولاً إلى الشميطية ومعدان، مع وجود خطة لإعادة تأهيل محطات الريف الشرقي لإيصال الكهرباء إلى كامل الأرياف التي تربط دير الزور بمدينة الميادين، قبل نهاية العام الجاري. ويجري تأهيل 34 محطة مياه من أصل 40، فيما تعمل الورشات على صيانة بقية المحطات لإيصال المياه إلى المنطقة المحصورة بين الميادين والبوكمال. وأخيراً، بدأ العمل على ترميم خطوط الري للريف الشرقي، لدعم زراعة الأراضي بالمحاصيل الاستراتيجية.
الاخبار
إضافة تعليق جديد