علـى أيـة مسـافة مـن «الحريـة» تقــف المــرأة الســعودية؟
في خطوة ضمن مسيرته «الإصلاحية» الخجولة الهادفة لرفع مقام المرأة السعودية والتي استهلها مع استلامه السلطة في العام 2005، أقر الملك السعودي عبد الله حق المرأة في الدخول إلى ما يسمى بـ«الحياة السياسية» في السعودية فاتحا أمامها باب الترشح لعضوية المجلس البلدي في العام 2015، وإمكانية المشاركة في مجلس الشورى في العام 2013 عشية الانتخابات البلدية الثانية في تاريخ السعودية التي غيبت عنها.
ولاقت هذه الخطوة بطبيعة الأحوال استحسانا كبيرا من دول ومؤسسات مختلفة نظرا لأن المرأة السعودية «المهمشة» تبدو وكأنها بدأت تنال حقوقها بشكل تدريجي مع التلويح بأفق واعد. وفي هذه الأجواء بات الترشح والاقتراع حقا مكتسبا في سجل المرأة السعودية، لكن هل هي حقوق فعلية أم ستبقى شكلية؟ وهل هي أول الغيث؟
إن هذه الخطوة الصغيرة والمتأخرة تعتبر خطوة واعدة في السعودية، إلا أن بعض العقبات تقف أمام التطبيق الشكلي لها، فالمرأة لا تزال عاجزة وتحتاج لمحرم إذا أرادت القيام بأدنى الأمور، فحتى ترشحها يرتبط به ما يجعل مشاركتها في السياسة مشروطة ويعيدها إلى نقطة الصفر. كما أن المرأة لا تزال ممنوعة من قيادة السيارة. وفي هذا الصدد، قالت طالبة طب الأسنان في جامعة جدة ريم ق. لصحيفة «الاندبندنت» البريطانية «في أي مكان من العالم يسمح للمرأة بالترشح للانتخابات، والاقتراع، وأن يكن أعضاء في مجلس الشورى لكن يمنعن من القيادة؟!»، حتى أنها لا تستطيع القيام بحملة انتخابية نظرا لأنها غير قادرة على التحرك بحرية.
والأمر المثير للجدل هو تعرض السعودية شيماء غسانية لعقوبة الجلد (10 جلدات) أمس لأنها قادت سيارتها بدافع الاندفاع بعد مرور يومين فقط على خطاب الملك السعودي. كما كان قد ورد في برقية لـ«ويكيليكس» أن الحظر على القيادة أصبح رسميا في السعودية في العام 1991 عندما اعتبر المفتي الكبير أن القيادة تؤدي إلى الاختلاط بين الجنسين، ما دفع النساء إلى الاحتجاج بكثرة آنذاك وقامت 47 منهن بقيادة سياراتهن في أرجاء العاصمة الرياض واعتقلت بعضهن معتقدات بأن الأمر سيحسم قريبا لصالحهن على غرار نظيراتهن في دول الجوار.
أما العقبات التي تحول دون المشاركة الفعلية كعضو بلدية أو مجلس شورى هي أن الملك هو الذي يعين الأعضاء الـ150 لمجلس الشورى ما يجعلهم صدى لصوته كما أن الأخير يفتقر للسلطة التشريعية. أما بالنسبة للمجلس البلدي فيتم تعيين نصف أعضائه من قبل السلطات، والقسم الآخر يحدد عن طريق الانتخاب، ويشار إلى أن هذه المجالس لا تملك سلطة فعلية.
والحقوق التي اكتسبتها المرأة السعودية لا تنفي حظر المجتمع السعودي الاختلاط بين الرجال والنساء، وما ورد عن الملك عبدالله في خطابه «ضمن الأطر التي أحلها دين الإسلام الحنيف» تجعل المشاركة في مجلس الشورى بدورها مشروطة حيث أنهن لن يتواجدن مع الرجال في الغرفة نفسها بل ستخصص لهن غرفة مجاورة يتواصلون خلالها مع نظرائهن الرجال أثناء المجالس بالصوت والصورة من خلال شاشة من دون الكشف عن وجوههن.
ومن المستبعد أن تصدر عن «المتشددين» في المجتمع حيث يهيمن الفكر الوهابي، تحركات على غرار ما حدث في العام 1965 عندما نزلوا إلى الشارع اعتراضا على تشريع الملك السعودي وقتها لدخول التلفاز إلى السعودية.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد